[RIGHT]الميتــادور
"أنها كالبحث عن قطة سوداء في غرفة مظلمة حقا أنا كافر بهذا اللغو الفارغ"هكذا تحدث احد الوضعيين عن الميتافيزيقا أما أنا فأقول لكم إن ..الميتادور يعد بحق أعظم اختراع ستشهده تلك الإنسانية البائسة أنها غرفة بباب وليتك تدرى ما وراء الباب ...واومىء برأسه فأزيح الستار عن غرفة زجاجية فارغة لها باب مزركش بألوان وزخارف غير متناسقة وعلى جدرانها من الخارج كتبت الآلاف العبارات الغير مترابطة المعنى أو السياق أو اللغة في ابسط الأحوال :روسي ..لاتيني ..عبري..فارسي..هيروغليفي ؛ها يل رائع..مدهش..هممم؛جاءت أصوات الصحفيين بين استحسان وتشجيع أو استنكار ورفض أو تثاؤب بكسل وفى مكان ليس بعيد زرفت عين دمعة من اجله وقالت صاحبتها :إنها دقات الثانية عشر..انه البوق الأخير ..لقد جاء.
استطرد المخترع كلامه وقد ازدادت نبرات صوته ثقة وعيون الحاضرين تساؤلا فقال: "ولكن الغرفة اضئناها بنور العقل ولم نجد القطة-يعلوا ضحك الحاضرون من حوله فلا يعيرهم اهتمام –بل وجدنا فيها أحلامكم وجدنا كل ما تسعوا لأجله وجدنا سعادة البشرية بعيدا عن أفيون الشعوب أو فيتامين المرضى أو اى خرافات لا مجدية... سيتوافد على كل عظماء العالم من ألان وحتى المنتهى القريب " تعالى تصفيق الحاضرين وازدادت صيحات الاستحسان من حوله مما اضطر رئيس المؤتمر بالقيام ممسكا الجائزة ويسلمه إياها ؛درع ذهبي عليه العديد من أنواط لتكريم ..تسلمه المخترع في نظرة لا مبالية وتظاهر بالابتسام . انتهى الحفل ..فرغت القاعة إلا من شاب بقى محملقا في الغرفة دون أن يغمض له جفن وفى عينيه نظرة هائمة . ما رأيك بتجربتها؟... بلا نقود.قال المخترع
ليكن ألان ..بلا نقود.. أنت شخص طيب..قال الشاب بينما قاطعه المخترع : قلت بلا نقود وليس بلا مقابل ...المقابل عدم إخبار احد بما رأيت في الداخل فعلى الجميع تجربتها فلا يعرف الشوق إلا من يكابده ..تصافح الاثنان ودخل الشاب الغرفة الزجاجية تحركه أماله تهزه أحلامه .أغلق الباب ..أطفئ النور و اضيئ في لحظات جاعلا المكان غير المكان ..الجدران تضيق وتتسع ..كلمات الجدران تتحرك مكونة جمل متعددة .. متنوعة..أخيرا عم الهدوء كاشفا عن سرير في وسط لغرفة بجواره علبة بها عدة قصاصات ملونة ..فتاة عارية تماما على صورتها الأولى قبل الخطيئة تمددت على السرير ..يدها اليسرى أسفل صدغها والأخرى ممتدة بطول خصرها ..شعرها صفف بعناية ..صدرها يعلو ويهبط ناهداً..نابضاً دال على وجود حياة في هذا الجسد الوردي الناعم المحاط بهرمونات الأنثى... تلاحقت انفاسى غير مصدق ما أرى فهذه حبيبتي التي طالما خصصتها بأجمل ما كتبت من قصائد ..حب لا مثيل له ..أنها نائمة ..قصائدي في الصندوق يصعد منها صوت خافت لأزيز ذبابة تعلقت للتو في خيوط العنكبوت التي تغلف الصندوق ككل .
"حقا حب بلا سرير لا يكفى المرآة "قلتها دون إن أدرى ..عيون زرقاء تفتحت للتو مشخصة الىً مصحوبة بابتسامة هادئة انستنى كل همومي ..تمد يدها لي بدلال ..موسيقياً ياتينى صوتها ..تعالى ..قلبي لك .بل انتِ لقلبي قلت مندفعا نحوها وفى لحظات تشابكت الايدى...تلاحمت الأجساد...تطابقت صورة العيون فاختنقت الأنفاس حين تلاقت الشفتان المرتعشتان في قبلة طويلة صامتة ! ...فجأة أطفئ النور واضيئ من جديد على غرفة خالية من كل شيء عدا شاب متمدد أرضاً في منتصفها يحتضن الفراغ بيديه ...فتح باب الغرفة.. بابتسامة ساخرة يقف المخترع خارجه..أعجبك اختراعي أليس كذلك؟ بصعوبة تخرج كلمات الشاب مجيباً : انه جهاز الأوهام ..لا أحلام فيه البتة ..لقد خُدعت...رابطا على كتفه يهدئه المخترع موصلا إياه للخارج بعد إغلاق باب الغرفة...كل ما تمنيته راًيته لم اًاَت بجديد يذكر ..صافحه لشاب متأففا ..لينتقم الله منك ..جاءته الإجابة في هدوء..لا يوجد اله.. إلا في الغرفة[/RIGHT]