سيدي الشيخ أحمــد ياسيــن ..أنت جدير أن أكتب لك
- 1 -
يا أيها الشيخ الذي قد جاءنا من ألف عام أو يزيد
قد جاءنا بعمامة ( العز ) الذي زرع التمرد في القلوب
وأتى ينادي في ( الكنانة ) لا تنامي في النهار
لا تنامي في المنام
وتيقظي في كل حين
ولتركبي صهوات خيل الفتح رغم القيد ( والفرعون ) ….
والظلم العنيد
فالنيل قد أعطى الحياة فلن يغيض ولن يحيد
وجنودك الأبرار تزحف كالرعود
ها هم سيوف تمتطى الأضواء يسبقها نشيد
هبي أيا خيل الإله وحطمي ( الهكسوس ) من أجناد ( هولاكو ) …. الجديد
واستقبلي يا أرض قاهرة ( المعز ) النور يشرق من تعاليم …
….. الكتاب أنِ ( ادخلوها آمنين )
فإذا تلاها الشيخ ( أحمد ) صار ( عمروا )
ذاك الذي قد جاء يحمل في حناياه البشائر
وبألف مئذنة يسيل النيل في الآفاق ذكرا
يروي العطاشا بالخلود
- 2 -
والشيخ يأوي ( للظلال )
والشوق يسكن في العيون
( عشرون أصلاً ) كالمنائر
( ورسائل الإخوان ) تحملها سنابل
والشوق يومض في العيون وللعيون
ومسيرة الأحرار تحدوها الحرائر
وعزيمة ( البنا ) نسائم
فيصير ( أحمد ) ألفَ ثائر
حين اكتوى بسياط ( خيبر ) في الهواجر
ورأى نيوب المترفين الوالغين بلا ضمائر
في قلب يافا والجليل
في عشَّ طير عاشق ترك الفراخ بلا طعام
وأتى يزقزق في سماء القدس يشدو للسلام
وإذا برعد عاصف تلقى به في النار عاماً إثر عام
فتمرد ( الولد ) النبيل
ودني من ( البنا) وفي عينية دمعةُ عاشق يبغى الخلاص
وشكى إليه بلوعةٍ ظلمَ الرياح
وبلهفة طلب الصباح
فهفا ! إليه برقةٍ : يا شيخُ ( أحمدُ ) كن فتىً لا ينحني
كن – سيدي – متمرداً
كن ثائراً تك سيدا
- 3 -
رقَّ الحبيب إلى الحبيب
وتدفَّق الطهر المعطر بالبراءة والنقاء وبالوفاء
في قلب ( أحمد ) جدولاً من جدولٍ وإلى الرسول
فتمرد ( الولد ) البريء على الرياح بلا فتور
كي ينقذ الطير المحرق من جنون العاصفات
فبنى لها برج الحمام
وأحاطها بالحب, والأزهار والماء والطهور
وهنا تقدم للأمام
ثم انثنى .. وإلى العُلا
فتبسم ( الشيخ الإمام ) إلى الغلام , وقد غدا متمرداُ
- 4 -
قفز الغلام إلى الصباح
لكنه في غمرة الأشواق والأفراح – قد كسر الجناح
وغدا كسيراً مقعدا
فتطلع ( الشيخ الإمام ) إلى الفتى واستغفرا
ثم ابتسم
قد صار ( أحمد ) ( جعفرا )
فكلاهما عرف البلاغة والنجابة في الصبا
وكلاهما شرب الصبابة مُد نفا
من كأس من حمل الهداية للورى
وكلاهما صار مطارداً ومهجرا
وكلاهما قاد الأباة بهمَّةٍ لا تنحني – أبداً – وقد فقد اليدا
وكلاهما طلب الشهادة موقناً أن الإله قد اشترى …
قلباً صفا
( 5 )
وبعزمة ( بدرية ) أعطى ( الإمام ) إلى ( القعيد ) العهد أن يسترشدا
فمضى ينادي في المخيم للهدى
رغم السجون , ورغم ( إيفان الرهيب )
رغم الكرابيج التي تشوي ( الصلاة ) وتحرق القلب العفيف
رغم الجنود
رغم المشانق والسلاسل والعقارب والنفاق
رغم التهكم والعذاب
ومضى ينادي للرشاد
رغم الخئون ( أبي لهب )
رغم الرصاص
رغم العبيد بلا انعتاق
والنار في أيدي الطغاة العمى تعوى بالمزيد
والجوع يفري القلب سيفاً من لهيب
والأرض تغلي بالغضب
ومحاكم التفتيش تذبح جهرة أيَ الإله
والقهر ينفش ريشه وكأنه في يوم عيد
قطع الشفاه
حفر الأخاديد التي زجَّت ( دعاة الحق ) في قعر الجحيم
والظلم ما كلت يداه
وتفنَّن ( الثوار ) في قتل الحياة
والعدل يسجنه لئيم
والكل يرقب من بعيد
والكل يرقب من قريب
إلا الفتى الياسين ما كتم الحقيقة ساعة في الصبح أو كتم .... الحقيقة في مساه
يستنطق الأشياء عن قدر الإله بما يرى
ويفتح الأذهان دوماً, كي يرى الأسرار في الأكوان أو ...
.. فعل الطغاة
( هامان ) رب اللؤم والكيد الذي قد خان أهله
( نجران ) والإيمان والأخدود والولد الذكي
والسحر والرهبان والملك الكنود
( والكهف ) مع فتيانه, وبلا ضلال أو كلل
ساق ( الياسين ) إلى القلوبْ
حب الإله بلا ملل
ساق الياسين إلى العقول
بغضَ الطغاةِ بلا وجل
كم كان يذرف دمعةً "لما يرى طفلاً يتيم"
- 6 -
فيحوطه بحنانه بأبوَّة لا تشتكي
حتى إذا جنَّ الظلام تراه ينظر للإله
فيراه في ضوء النجوم , وفي الطيور , وفي السماء , وفي النسيم
وفي الدهور , وفي الجمال ، و وفي البحور , وفي الترانيمِ العذابِ وفي الجبال , وفي
السهوب ، وفي الرياح , وفي السكون,وفي السهول , وفي الحفيف,وفي الخرير,
وفي المياه .
ويذوب عشقاَُ رائعاً كالنور في عين الحبيب إذا رأى محبوبه
فيصير روحاً في بهاه
وتراه مبتسماً إذا ( رضوان ) قد فتح الجنان
وإذا تمثل ( مالكاً ) مستقبلاً باب الجحيم
سجد ( الياسين ) تضرعاً , متعوذاً بالله من نار السموم
يبكي كما يبكي الصغير
والخوف يسكن قلبه من غضبة في لحظة لا حيلة للعبد فيها أو هروب
يا ربِّ إني قد أويت إليك في عز الليال
وصفا إليك القلب يا ربي فما وجد السبيل بلا دليل ،…
فاهدني يا ربنا ...... ذاك السبيل
-6
تمضي الحياة ( بأحمد الياسين ) عبدا
تمضي الحياة زهيدة , ورغيدة رغم الضباب
رغم الجروح , النازفات
رغم الرجال الخرس ...... رغم الخوف عَشَّش في الحناجر
رغم العناكب والسبات
رغم العيون العُمي، والطبل في كل الجهات
رغم الحياة مراكباً , والقائد المقدام فردا
- 7 -
سحب سود لفَّت وطني
ورياح هوج مجنونة
عصفت بالحاضر والماضي
وتعرى الزيف المفتونا
فصرختُ ... لماذا ؟
أين الأحرار أيا وطني ؟
فأجاب الوطن بلا وجل .. سُجنوا .. قُتلوا
.. سكنوا – غصْبا – خلف الشمس
وعيون القدس المحزونة ؟
تبكي !! تبكي ... تبكي أحرارك يا وطني !
أين الثوار ؟
فأجاب الوطن بلا وجل .. ذهبوا ... هربوا
أين الإرعاد , وأين الوعد ؟
أين الضباط وأين الجند ؟
أين الأسطول وأين النسر ؟
بترولك أين , وأين البحر ؟
وملوك الخطب الرَّنانة ؟
فأجاب الوطن بلا وجل : ذهبوا
أين الصحراء الغربية ؟
قد كانت قبراً للغازي ؟
فأجاب الوطن بلا وجل: سُبيت
مع سبي الإنسان العربي !!
وصلاح الدين ؟
أينك يا عمرو بن العاص ؟
- 8 -
أين الفرسان ؟
أين التاريخ وأين المجد ؟
وحياء الوطن الإيجابي ؟
والقمة كانت لي أمد !!
بل كانت دوماً زغرودة
ومغن يرقص للثورة
والرقص يردد أنشوده
فنطير حماما ونسورا
وبنينا منه أحلاما
للعودة كانت وردية
كانت تجعلنا إنسانا
أو نغمة روح قومية
سنكون النصر
ويكون النصر كأغنيةٍ في ليلة عشق صيفية
وتباري شعراء بلادي في نظم( اللاجيء ) أنغاما
قيثارة حب وسلام ( وعرائس نيل ) فتانه
في تلك الليلة يا وطني
شرب الضباط الأنخابا
فالقدس على مرمى حجر , بل حفنة قشٍ مرمية
رهن التحرير !!
كلمات كانت تسكرنا ، تجعلنا نرقص في العتمة
ونهز الرأس بلا خجل !! ما هذا ؟ ... قرآن !!! سُنَّه !!!
دعنا من تلك الأشياءِ
ما صنعت إلا إنسانا يغرق في العجز وفي الماضي
هذي أفكار ( رجعية ) !!
تطعمنا تبناً وترابا
أمريكا قد صنعت وثنا
يعبده حلف العملاء
- 8 -
والبطل الثائر يتغذى
مع قادتنا
في الفكر
في الفن
مع فرقة رقص شعبيَّة
( شِكشك مرزوقة تََعَلي جنبي )
كى نهزم جيش الأعداء
( والنائب ) يحفظ ألحانا
ليراقص تلك الفنانة
ويلاحق هذي الفنانة
نغماً سحرياً شادي
والنصر حليف لبلادي
فلماذا الضجة يا وطني حتى لو رقصت عريانه ....
فالنصر حليف لبلادي !
وقديماً أعلن شاعرنا
يوماً خمراً
وغداً أمرا
أعددت العدة للنصر
( برلنتي ) تكتب مع ليلى أمراً للجيش مع الفجر
أمجاد العرب الأمجاد
- 9 -
نمنا ......... قمنا
أنغام ( الديسكو ) ترهقنا
فيريح ( التانجو ) الأعصابا
وإذا بالفجر ينبهنا
أن الغربان على البابِ
قد دخلوا حجرة ( سيدنا )
والليل يلف الأكوانا
والأقصى أخذوه أسيراً
وبقايا الخمر مع الكأس
سكبوها من حول القدس
كي ينبت في القدس سكارى
تكتب باللغة العبرية
وتغني اللغة العبرية
وخليل الرحمة عبري
والهيكل يرقد في الأقصى
وطريق الآلام مع المهد عبريُّ والغور يهودي عبري
- 10 -
في هذه الأنواء قد ولد الربيع
وأريجه ملأ الشواطئ والكروم
وانداح ليل المارقين
وانسل ضوء كان يوماً في تلافيف الظلام
عبر الأزقة والخيام
وتفتح القلب الحزين
أخذ النهار طريقه نحو المخيم في خشوع
وتعانق الشيخ الودود مع السلام
ودعاه : هيا للقلوب
هيا إلى لب الأزاهر والبراعم والغصون
وإلى المدارس : والكراريس التي كتب الصغار نشيدهم عند الشروق
وإلى المنابر والمنائر والمساجد والنوادي والبوادي والنجوع
وإلى الأرامل واليتامى
وإلى ( المجمع ) والجموع
وإلى الخفافيش التي سرقت زغاليل الحمام
وإلى سماسرة المبادئ والعقائد والحقوق
وإلى المسارح والمصايف والغناء
وإلى المزارع والمصانع والشطوط
وإلى الذين تطوعوا للذود عن سوط الطغاة ومن يسوط
وإلى روابي القدس حيث الطهر يرسف بالقيود
وإلى الذين تبرعموا في ساق ذيلي (رقيق)
- 11 -
سار النهار مع الرفيق
سمع المؤذن يرفع التكبير في لحن حزين
ورأى عيون الغدر تسرق الأسرار من قلب الطفولة والطيور
ورأى السموم تباع في أسواقها كما رآها تُشْترى
والموت في كل الدروب
والعاريات من اليهود مع العراة
في باحة الأقصى ألوف
( وبحائط المبكى ) رآهم يأكلون ( الهيروين )
ويجعلون هوائنا في القدس سماً من دخان (الكوكايين)
وحمامنا في قبة الأقصى ينوح
والبوم تضحك ملءَ أشداق الغراب
والنسر قد فقد النسارة والنسور
واسترجل الخصيان والعملاء فيها والبغاة
ومقابر الشهداء في الأقصى تغازلها لعوب
( وكنيسة العذراء ) تطفئ شمعها
( والمعبد الملعون ) قد حكم ( البراق )
( وجماعة الإخوان ) فرق شملها ( ديَّان ) في يوم السقوط
والغرقد المأفون بات متوجاً
والنخل صار مطية الحسد الوضيع
- 12 -
مد النهار ضياءه فرأى زهور
ورنا إلى الشيخ المسجى
وهنا نظر
هذي زهيرات طهور
هذي المساجد والمقارئ والمقاهي والسهول
هذا المكبر والحوارى والملاعب والدروب
حتى وجد
وجد الدعاه
وجد السقاه
في كل بيت أو زقاق
وتجمعوا
في ( قبة المعراج ) قد كان اللقاء
وتعانقوا , وتعاهدوا أن يحضنوا كل الزهور
- 13 -
وسرى الضياء إلى القلوب فأينعت
( لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم )