كنت اليوم في المصرف ...واقفا في الطابور الممل .. انتظر دوري .
كان الصراف المسكين يستقبل النقد كلما جاءه احدهم بمال تولاه بالرعاية من عد ورص وتصنيف .. ثم يعطيه سندا بما استلمه منه .
هذا الصراف الطيب الذي يبدو عليه الارهاق.. يعد نقودا لا يملكها .. ويعطي وعودا لا يملكها .. ويحفظ خلاصة اعمار لا يدري عنها شيئا .. كم ترى تعب هذا المودِع حتى يحصل على المودَع ؟ وذلك المترف الذي يجلس بالجوار: هل تعب فيها ؟؟
لا علينا ..
فكرت كيف يشبهني هذا الصراف المسكين ..
انا مثلا لا املك شوقي اليك .. لكنه يتدفق علي من كل حدب وصوب ..
واصدر في كل مرة سندا على ورقة ابثها شعري ونثري .. ودموعي .. وافراحي ..
تتلون اوراقي فيك تلون النقود .. فبعضها زرقاء .. وبعضها خضراء .. وبعض كبير .. وصغير .. وبعضها عملات جديدة لا اعرف اسماء ألوانها ..
الفرق ان اشواقك يا سيدتي كلها غالية .. لانها كلها تحمل صورتك ..وغير قابلة للصرف .. لانها لك وحدك وتصرف للملهمة الإولى فقط.
وكلها عليها توقيع من قلبي بانني مملوك من قبلك حسب قانون جائر اسمه الحب .
الله يا حبيبتي ..
ما اجمل المصرف الذي اعمل فيه .. انه مصرفك .. وما اجمل النقود التي اجمعها لك .. لانها عنك وفيك ومنك واليك ..
احب الوقوف بالمصارف .. رغم جفاف وجوه الصرافين .. وملابسهم الغارقة في الجدية .. كما اغرقت في النشا ..
احبها لان طوابيرها الطويلة تمنحني فرصة جديدة للتفكير فيك بطرق اخرى .. وفرصة لاعرف انني اكثر الصرافين تقاضيا للاجر في العالم..
وفي حين تلزم المصارف موظيها بلباس موحد وابتسامة موحدة .. وحركة موحدة .. اجدك تمنحينني مطلق الحرية في اللباس والفرح والحزن وحتى الاضراب عن العمل ..
فانا اعمل لديك مرة مرتديا ثوبا مغربيا مبهجا .. واخرى ثوبا سودانيا مريحا .. واخرى ثوبا عربيا مطرزا .. او بدلة رسمية ,او سروالا قصيرا عليه رسومات لهاواي .. وقميصا بدون أردان ..
اشتاق اليك في فرحي .. كما تسمحين مشكورة بالشوق اليك في حزني ..
مواعيد الشوق اليك مفتوحة .. اتذكر ذلك اليوم اشتقت اليك عندما وجدت قطة عمارتنا ولدت اربعة صغار كزغب الغمام .. عيونها لم تفتح بعد بعكس افواهها .. اشتقت اليك لانها تذكرني بعدد القطط الصغيرة التي كان يمكن ان ننجبها ونلعب معها ..
وذات يوم اشتقت اليك اثناء طعامي .. تخيلت انني اصنعه لك .. واطعمك اياه كما تفعل الطيور التي على شباكك بصغارها ..
شكرا لانك تمنحينني حرية الشوق .
ورغم انك لا تمنعين الاجازات .. الا انني اجدني مضطرا للشوق اليك كل يوم .. والكتابة عنك كل يوم .. هل تصدقين ان فكرة بعض اجمل ابياتي فيك اخذتها من خطب الجمعة .
بربك هل هذا حلال ام حرام ؟
اطالب ببعض الدكتاتورية .. ليس اكثر .. فالحرية المفرطة يا سيدتي قاتلة ..
لا سيما ان كانت من ذلك النوع المسبب للادمان .
وصل دوري الان .. فاسمحي لي فديتك.