لم تكن تستحق روحها المتفتقة من سنا الرحمة وأوراق الورد أن تُرهقَ عينيها بكل تلك الدموع ...
آلمني دمعها الغزير وهي تحاول إخفاءه بكل السبل أمامي حتى أُرهقتْ وعادتْ ترى غـَبَشا , فواسيتها قدر حاجتي لا قدر استطاعتي ثم عدتُّ إلى دفاتري بكيتُ هناك عليها بكاءً مريرا , أتذكرها وأتذكر هيأتها المنكسرة بين يدي كعصفور يتنفض تحت المطر من القرِّ , لكن كان انتفاضها وجعاً وشجناً وغربةً ووحدةً ووجداً فكتبتُ لها أقول :
حبيبتي .. لاتبكِ
لاتُجْهِدِي عَيْنَيكِ .. لا
إنِّي أحبكِ جذلى هائمهْ .. فاسمعيني
إنِّي لكِ بُرْدَةٌ سادرهْ .. فاحضنيني ..
واحتويني
حبيبتي أنتِ .. أنت ِحبيبتي
كُلُّ ماسواكِ سرابُ
كُلُّ ماعداكِ عذابُ
وأنتِ الحياة ..
أنتِ الهوى .. والشبابُ
تعالي حبيبتي .. تعالي
تعالي نعيشُ صفواً سويا ..
ونحيا معاً حياة شَهِيَّهْ ..
تعالي نُحَلِّقُ فوقَ الغيوم .. ونسكنُ في قطراتِ المطرْ
تعالي نـُقـَبِّل ذاك السحاب .. ونحضنُ ضوءَ القمرْ
أنتِ الوفاءُ .. وقلبُ الأمان ْ
أنتِ الندى .. ودفءُ الحنانْ
أنتِ الخواطرُ .. أنت الجنانْ
وأنتِ الدفاترُ.. كلُّ المحابرْ
****************
تعالي حبيبتي .. تعالي
تعالي نُغرِّدُ فوقَ الغصونْ ..
تعالي نَرشِفُ دمعَ العيونْ ..
تعالي نـَنْـشِـقُ عطرَ الزَّهـَرْ .. ونلهو معا ً بوَرَق ِ الشجرْ
تعالي نصنعُ زورقاً من محارْ .. ونرحلُ معاً خَلفَ البحارْ
تعالي حبيبتي .. لاتفزعي
تعالي حبيبتي .. لا تقلقي
تعالي فأِنَّا نعيشُ معاً على زادِ الشَّجَنْ
وإنا نعيش معاً على نَسْج ِ الإِحنْ ..
تعالي – يميناً – إني أحبكِ
لاتتركيني أموتُ وحيداً ..
ووهناً على وَهَـنْ
أو تتركيني بئيساً شقياً .
وعندي سَقـَمْ
تعالي أقـَبِّلُ تلكَ العيونْ .. وأمسحُ الرِّمشَ الحنونْ
تعالي أُفَـتِّـقُ هذي الشجونْ ... واعزفُ بين يديكِ اللحونْ
تعالي ننامُ معاً في الأفقْ .. نلتحفُ الدفءَ .. نتوسَّدُ الطيفَ
نـُتًابعُ سحرَ الشُّهبْ ..
تعالي نُسابقُ ومضَ النجومْ .. ونشردُ خلفَ وميضِ البروقْ
نفزعُ من نيزكٍ ساقطٍ .. نعودُ نلملمُ فزَعَاتنا نعانقُ رَوعَاتنا بشوقٍ وتحنانٍ معاً ..
************************
تعالي حبيبتي .. تعالي
لاتفزعي ..
لاتبكي ..
لاتحزني ..
لاتُجهدي عينيكِ .. إني أحبكِ
حبيبتي .. إني أحبكِ
تعالي نـَسْكـَرُ عندَ الخريفْ
فالربيعُ خداعٌ .. والشتاءُ صقيعْ
والصيفُ مرهقٌ مُضنيٌّ مُريبْ
تعالي نهمسُ عندَ المغيبْ
فالشروقُ مَكْـرٌ وتضجُّرٌ ولهيبْ
تعالي نضاحكُ هذا السَّهرْ ونضحكُ مليَّاً حتَّى السَّحَرْ
دعينا نُراقبُ نُشُوءَ ابتسامٍ على ثغرِ هذا الفَجرْ
تعالي نُدندنُ فوقَ الرِّمالْ .. ونعبث بالطين لهواً ولَعِباً .. ونصنعُ منه خيالاً بَهيَّا أوظلالْ ..
تعالي نفرُّ إلى جَدْوَلٍ نُغَمِّسُ فيه بَقايا ألمْ .. ونرشقُ منه حَنَايا عَدَمْ
تعالي نُحَمِّمُ أظلاعنا بعذبِ الفُراتِ على السُّنديانِ ..على السَّوسَنِ الفتَّان .
وَخَلِّ البرايا .. خَلِّ الورَى بعيداً هناكَ على ضِفةٍ رابيهْ ..
على هجعةٍ غائبهْ ..
وغيمةٍ زائلهْ.. وظلةٍ راحلهْ
دعينا نطير معا فوق الحياهْ .. وننظر من عـَلِ ِ براعمَ الشروقِ والنماءْ
تعالي نُساكنُ عشَّ الطيورِ ونَلقَفُ من معانيها طيوبَ المكانِ .. صفاءَ الأوانِ وزهوَ الدهورِ ..
دعينا نُمَضْمِضُ بالأغنياتِ ونرقصُ حيناً على الأمنيات
لعلَّ السهولَ تعودُ ربيعاً لعلَّ الهضابَ تميسُ سريعاً
ونبقى معاً كظلِّ الجنانِ ..
وثمرِ الرِّياضِ وطَلِّ البلابلِ وخُضْرةِ الغيطانْ ..
**************************
أيا نفثةَ البوحِ الشَّريدِ العتيقِ الحبيبِ السعيدِ
أيا رعشةَ الحبِّ في الأنواءِ في السناءِ الغنيِّ الشَّهيِّ البعيدِ
ويارسمةَ الوردِ في النَّدى في الخُطا في الطريقِ الطويلِ
تعالى لقد شاخَ فينا الهجيرُ الخصيبُ .. وطالَ بنا السَّقمُ الجَديبُ
خَلِّ القحطَ والتهجيرَ وخلِّ السُّهدَ والتغريبَ ..
تعالي نَصنعُ من تلكما الغُربهْ ..
من الوَحْشَهْ ..
وهاته الوِحْدَهْ ..
خِلا ً وَفياً .. وعَيشاً هَنياً
لعلَّ بِهُنَّ نسكنُ فوقَ الحياةِ وفوقَ الثُّريَّا
تعالي نصنعُ من ماءِ المآقي
لآليءً تأذنُ بالتَّلاقي
لعلَّ الحبَّ يَرشقُـنَا في مَفْـرَق ٍ طهورْ ..
فنغدو زهوراً أو عطورْ
*******************
التوقيع :
حبيبتكِ المهاجرة إلى أحضانكِ الراحلةُ إليكِ :
(عاطفتكِ )