لو رأيت ليلتي تلك لم تخلني إلا كعقرب ساعة قد جُن مركز تحكمه , فغدوت رائحة.... غادية....رائحة... غادية هذا في حالة حركتي الدؤوب في انتظاركم.
أما في حالة سكني فلا تراني إلا كمصلوب على جذع نخلة أوثق ,ودماؤه أخذت بالمسيل .
عجيبة ليلتي تلك,تذكرت قول أبي الطيب المتنبي :
أُحادٌ أَم سُداسٌ في أُحادِ لُيَيلَتُنا المَنوطَةُ بِالتَنادِ.
لكن ليلتي كانت أكثر طولا من ليلة أبي الطيب, فلا ولا آحاد ولا سداس بل ألاف من الليالي ومئات من الأيام الخوالي .
لم تعد بي ركيزة لفكر, ولا عزيمة لأمر , سوى الانتظار,,,, والانتظار , وفيّ رجفة بيديّ, ودمعة في عينيّ , ويبسٌ في رجليّ .
ما علمت ليلتها أن شيئا أشد على المرء من الموت سوى الانتظار , فهل هو غياب الموت أم انتظار الموت ؟.
وهي معادلة بتُ بين طرفيها, لا يردني الطرف الأول منها إلا أوسعني الثاني صدودا ,فلا تفكيك ولا حسم ولا جزم لسين مجهولة .
ساعات.... وساعات ....ونار شوقي لا يهدأ سعيرها, إلا بقدر ما يزيدها اشتعالا ,كنار كريم أوقدها عند خيمته لا يخبو نورها, وإن خبت فهي جمر مستعر, فيه قبس للسائرين .
وما وسعني حلم وأناة في حياتي كما وسعني في تلك الليلة,حيث جمعت جميع ما ادخرته منه لها .
واقترب الفجر في تلك الليلة , وتفارق الخلان قبل أن تصحو عيون الوشاة مؤكدين على موعد لقائهم القادم, وأصبحت أنا كراجع بخفي حنين, وليتني كنت مثله,بل زدت عليه الحرقة واللهفة , وما استكثرت هذا عليكم بقدر ما شغلني السؤال عنكم.
حفظكم الله في الحضرة والغياب .