|
ماذا تقولي لو قَضَيْتُ الآنَ |
ورحلتُ عنكِ وعن ورى دنيانا ؟ |
وغدوتُ في الأحلامِ عندكِ قصةً |
تُنْهَى إذا انبثقَ الضياءُ وبانا ؟ |
أتُرَى تمدي فوق قبري زوجتي |
كفاً فَتُدْفىء موتي البردانا ؟ |
أَوَترفَعِيها للسماءِ وتَطْلُبي |
لمُوَسَّدٍ في تُرْبهِ الغُفْرَانا ؟ |
أَوَتحزني أنِّي رحلتُ وتذرفي |
من جَوْفِ عَيْنِكِ دَمْعَكِ الهتانا ؟ |
أَوَتَذْكُرِيْ عِنْدَ النِّسَاءِ محاسني |
ومَنَاقِبِي أمْ تكتُمِي الإحسانا ؟ |
أتُحَدِّثي الأطفالَ أَنَّ أباهمُ |
مِنْ أجلِ أَنْ يرووا قضى عطشانا ؟ |
ولأجلهمْ أرخى العنَانَ لفاسقٍ |
وتَحمَّلَ السفهاءَ والجُرْذَانا |
رَغِبَ الحياةَ بِقُرْبهِمْ لكنَّهُ |
سيفُ المنونِ يُفَرِّقُ الخِلاَّنا |
وإذا أويتِ إلى الفراشِ فهل تَرَيْ |
طيفي جوارَكِ هائماً ولهانا ؟ |
أَوَتكتمي سِرِّي الذي لم يَدْرِهِ |
مِنْ كُلِّ هذي الكائناتِ سِوَانا ؟ |
أَوَتذكري عهدي وحُقْبَةَ صُحْبَتِيْ |
أَمْ سوفَ يُطْوَى ذِكْرُنا نسيانا ؟ |
أَوَتذْكُري يومَ التقينا وحدنا |
والبدرُ يَرْمُقُ والنُجُومُ ترانا ؟ |
وَسَقَيْتِنِيْ ماءَ الحَيَا وأَخَذْتِهِ |
مِنِّيْ فذاك الماءُ قد أحيانا |
ووعَدْتِني أَنِّيْ الحياةُ جَمِيْعُها |
ومَعِيْ نسيتِ الأَهلَ والإخوانا ! |
وبِأَنَّنِيْ ماءُ العيونِ بدونهِ |
لا تُبْصِرِيْ الأشياءَ والألوانا |
أَوَتَذْكُرِيْ يومَ الحديقةِ ؟ يومها |
ذُبْنَا ولمْ نَعْبَأْ بها الأكوانا |
التُربُ مَفْرَشُنا عليهِ تعانقتْ |
أرواحُ ظَمْأَى والسماءُ غِطَانَا |
والنَّجْمُ ذابَ لِمَا يرى لعِنَاقِنَا |
والبدرُ مِنْ عَجَبٍ لَهُ نَادَانا |
أَوَتَذْكُرِي الشجراتِ تَرْقُصُ حَوْلَنَا |
والعِطْرُ يَملأُ أرضَنَا وفَضَانَا ؟ |
عودي قليلاً للوراءِ .. أَتذكري ؟ |
في أرضِ مَكَّةَ كيفَ كانَ لقانا ؟ |
لولا الحياءُ وغَيْرَتِيْ لوصَفْتُهُ |
ذاكَ اللِّقا بَيَّنْتُهُ تِبْيَانا |
أنَا إِنْ قَضَيْتُ فمَا تُرَى سَتُقَدِّمِيْ |
لِيْ من حَلالِكِ زَوجَتِيْ عِرْفَانا ؟ |
هَلْ تَحْفِرِي بِئْرَاً فأُطْعَمُ ماءَها |
أَمْ مَسْجِداً ستُشَيِّدي عُمْرَانا ؟ |
أَمْ قَدْ تَضُنِّي بالنقُودِ وتَطْلبي |
غَيْرِي وتَنْسَي مفرداً ظمآنا ؟ |
أَنَا إِنْ قَضَيْتُ حَبِيْبَتي فلْتَسْأََلي |
باللهِ نَفْسَكِ ما الذي أَقْصانا ؟ |
ماذا جَنَيْتُ حبِيْبَتِي كي تَذْهبي |
عنِّي وتُبْقِي عِنْديَ الْوِلْدَانا ؟ |
أَنَا ما زَنَيْتُ وما اقْتَرَفْتُ رَذيِلَةً |
كلَّا وما عانقتُها الأخْدَانا |
أَنَا لَمْ أَخُنْكِ وكانَ ذاك مُهَيَّأً |
فِي عُقرِ داركِ ممكناً إتيانا |
عُرِضَتْ عليَّ مفاتنٌ لم تعلمي |
زوجي بها فتركتها إيمانا |
إِنِّي حفظتُكِ في الغيابِ ولم أَكُنْ |
يوماً لِعَهْدِ حبيبتي خوَّانا |
أَنَا يا ابنةَ الخالِ الكريمِ مخافتي |
من خالِقِي لم أَرْقُب الإنسانا |
والله ما عانقتُ مُنْذُ زواجِنَا |
إلاكِ ما قارفتهُ العصيانا |
أَوَأَسْتَحِقُّ الهجرَ منك لأنَّنِي |
مارستُ حقِّي طائعاً رحمنا |
ورغبتُ في شرعِ الإله بزوجةٍ |
أُخرى وكنتُ لعهدنا صوَّانا |
أَنا يا مُعَلِّمةَ الحديثِ منحتُها |
لَكَمُ الحقوقَ مودةً وحنانا |
أَوَلمْ تكوني في بدايةِ أمرِنا |
تلميذةً فوهبتُكِ الوِجْدَانا |
آزرتُكِ ما كنتُ حَجْرَةَ عَثْرَةٍ |
حتى تفوقي الصحبَ والأقرانا |
أَوَتذْكُري بَعْضَ المسائلِ جِئْتِنِي |
كي تشتكيها لم تُطِعْ إذعانا |
فحللتُها بتودُّدٍ وشرحتُها |
وأَرَحْتُ منها فكرَكِ الحيرانا |
فرسَمْتِ بسمتكِ التي أرنو لها |
لتُضِيءَ حالكَ ليلنا ودجانا |
أحرَزْتِ مرتبةً من الشرفِ الذي |
بكمُ تَشَرَّف والسرورُ أتانا |
وسَعَيْتُ في التعليمِ حتى نِلْتِها |
أَسْمى الوظائفِ تُقْرِئِي القرآن |
وتُعَلِّمِي نشىء البناتِ عقيدةً |
قدْ حطمتْ بثباتها الأوثانا |
وتُدَرِّسيهم سيرةَ الهادي الذي |
بالحقِّ جاء وأَزهَقَ البطلانا |
وتُفَقِّهيهم في العباداتِ التي |
يُرْضِينَ فيها الواحدَ الديَّانا |
وصَعَدتِ في درجِ النجاحِ مَرَاتِبَاً |
وأنا وراءَكِ أَدْعَمُ الأركانا |
وشربتُ في هذي الحياةِ مرارةً |
وسُقِيْتُ من ألمٍ بها طوفانا |
ولأجلِ عينيكِ التي أهفو لها |
قاسيتُ مُرَّ العيشِ والحرمانا |
وصَبَرتُ لولا صِبْيَتِي وحبيبتي |
هاجرتُ لم أَعبأْ بها الأوطانا |
أَنا لستُ أَزْعُمُهُ الكمالَ حبيبتي |
كَلَّا ولم أَكُ زوجتي منَّانا |
لكنها الذِّكرى فلا تَنْسَيْنِنِي |
إنْ مَا لَحِقْتُ بِرَكْبِهِمْ موتانا |
الله قدَّرَ لي زواجاً ثانياً |
فاختَرْتِهِ النُكْرَانَ والهِجْرَانا |
وكَفَرْتِ يا زوجي بصادقِ عِشْرتي |
قابلتِ كُلَّ محاسِنيْ نُكْرَانا |
ونسيتِ عِشْرَةَ عَشْرَةٍ من عمرنا |
وكأننا لم نَلْتَقِ أزمانا |
وكأنه ما لفَّنا بردائِه |
عشقُ الهوى وبِبُرْدِهِ غطَّانا |
وكأن عين الحب لم تنضحْ لنا |
شهداً يُغَذِّي حبَّنا وهَوَانَا |
وكأنَ ليلَ الصَّبِّ لم يجمع بنا |
والناسُ تُغْمِضُ حولنا الأجفانا |
سَهِرَ الدُّجَى معنا وفارقهُ الكرى |
لَمَّا سَهِرْنا لفَّنا سهرانا |
إِنْ كانَ يرضيكِ الفراقُ حبيبتي |
لا بأس ..لن تبكي عليَّ الآنا |
ستُجَرِّبي وَسَتَعْرِفي قدري الذي |
فرَّطتِ فيه وبعتهِ خُسرانا |
إنِّي ابتغيتُكِ زوجةً وحليلةً |
لكنْ أردتِ البُعدَ والإظعانا |
لا تَرْجِعِيْ إن كانَ ذا سيسركِ |
أو كُنْتِ كارهةً لها لُقْيانا |
عِيشي حياتكِ في سرابِ سعادةٍ |
وَأَنا وأولادي لنا مولانا |
سنعيشُ في غُصَصِ الحياةِ حبيبتي |
لكِنَّنَا لن نَحْنِيَ الأَذْقَانَا |
إِنْ كان مطلبُكِ متاعاً فانياً |
فلْتأْخُذي البنيانَ والأثمانا |
ولتأخذي ما تَشْتَهيه فليس ذا |
أغلى علينا منكِ يا ريحانا |
ماذا تقولي لو قَضَيْتُ حبيبتي ؟ |
وغدوتُ تحَْتَ جنادلٍ جُثْمَانا |
باللهِ قولي لي أَريحي خافقاً |
لا زالَ ينبضُ مُنْهَكَاً تعبانا |
أَوَتَذْكُرِي أَرْضَ الرياضِ حبيبتي ؟ |
صُغْنا بها الأشعارَ والأوزانا |
وقصيدتي تلك التي ألصَقْتِهَا |
أعلى المرايةِ تُعْجِبُ الفنانا |
أَوَتذِكُرِي ذاك الحُداء حدوتِهِ |
فأسرتِ فيه القلبَ والآذانا |
أَنَا يا ابنةَ الخالِ الذي ما طِعْتِهِ |
إذ قالَ :(عودي وارحمي الصبيانا ) |
أَنَا إنْ نسيتي حبَّنا وَوِدَادنا |
في القبرِ سوفَ أَضُمُّهُ تحنانا |
وسأذكرُ الأيامَ عشناها معاً |
والناسُ تَغْبِطُ فرحنا وهنانا |
أَنا إِنْ قَضَيْتُ قَضَيْتُ أعْلَمُ أنني |
لم أُوفِ حَقَّ حبيبتي ميزانا |
قَصَّرتُ لا أنِّي قصدتُ وإنما |
حَكَمَ الإلهُ على الورى نقصانا |
لَكِنَّ حسبي نية أبغي بها |
إرضاءَكمْ وبذلتُهُ الإمكانا |
أَنَا إِنْ قَضَيْتُ فيا تُرَى أَتُغَسِّلِي |
جسماً مُسجَّاً بارداً عُريانا ؟ |
أَتُقَبِّلِي ثَغْرِي بآخرِ قُبْلَةٍ |
وبراحتيك تَلُفِّها الأكفانا ؟ |
أَمْ تترُكيني للرِّجَالِ حبيبتي |
ليُنَظِّفوا الأكتافَ والأردانا ؟ |
أَنا سوفَ أَقْضِي فالحياةُ قصيرةٌ |
واللهَ أسألُ رحمةً وجِنَانَا |
فَوَصِيَّتي الأَوْلادَ لا ترمي بهمْ |
فلكمْ فقدتُ وصِبيتي الأحضانا |
لا تَحْرِميهمْ من ودادِك ساعةً |
فَلَذَا يساوي الدرَّ والمرجانا |
أَسْقِيهمُ لبن الأمومة سائغاً |
لا يطلبوا من غيركِ الألبانا |
أمَّا أنا فَطَمِعْتُ مِنْكِ بلحظةٍ |
تُحْيِيْ بها يا زوجتي ذكرانا |
أَنْ تَرْفَعِيْ الكفينِ في غسقِ الدُجى |
بعدَ الصلاةِ وتَطْلُبي الرحمنا |
جمعاً لنا في جنةِ الخُلْدِ التي |
نهفو لها في صُبْحِنَا ومَسَانا |