|
"وكر النسور" |
تمزَّقَ خـافِقِـي وَهَمَتْ عُيُـونِي |
أبيتُ وأَدْمُـعِـي عَبَـراتُ ثكلَـى |
تَخَطَّـَف طفْلَـهَـا فَـكُّ المَـنُـونِ |
وفي صَدْرِي مِنَ الشَّكْوى زَفِيـرٌ |
وقـلـبٌ لايَـكُـفُّ عَـنِ الأنِـيـنِ |
يـذوبُ وقـدْ رأى حَـيـًّا يُصَلَّى |
بـأَحْـقَـادِ الـعِـدَا لهب الأُتُـونِ |
تُـدَّكُ مَـنـازلٌ وتُـداسُ أرضٌ |
وتنطـلقُ القـذائـفُ في جُـنـُونِ |
على حَيِّ الشّجَـاعِـيَّـهْ تهاوتْ |
كَـما انهالَ الخِضَـمُّ على السَّـفِينِ |
وثـارتْ فـي مـرابِعِـهِ رِيَـاحٌ |
تجـذَّ الجِـذْعَ تعْصـفُ بالغُصُـونِ |
تقـلـبُـهُ إذا اشـتـدتْ شِـمالاً |
وتجـرفُـهُ إلـى ذاتِ اليـمـيـنِ |
يُزلـزِل ُأرضَـهُ بُرْكَـانُ حِـقْـدٍ |
يهيـجُ مُـدَمِّـراً في كُـلِّ حِـيـنِ |
يصبُّ حَميمَـهُ فَـوْقَ الصبـايَـا |
ويلفـحُ بـاللظـى ذاتَ الجَـنِيـنِ |
لكَ الجَبَّـارُ يـاحَـيـًّا تَسَـامَـا |
كَـنُورِ الشـمسِ وضـاح الجـبينِ |
أيـاوَكْـرَ النـسـورِ خَـلاكَ ذَمٌّ |
شَـرُفْتَ على المَمَـالكِ والحُصُـونِ |
وكـنتَ الحَـي َّفي زمَـنٍ تَوَلَّـى |
بـهِ الأمـواتُ نـاصِـيَةَ المَهـينِ |
وكـنتَ لفتيةِ القسَّـامِ حُضْـنـاً |
وأفـئـدةً تـدَفَّـقُ بـالحَـنـِيـنِ |
وكـمْ لَقِيَ اليهُـودُ بكَ البـلايَـا |
وكـمْ عَصَـفَتْ بِِهم ْريـحُ المنـونِ |
وكم جرعـوا كؤوسَ الصَّابِ ذًلاًّ |
وكـانُوا في الوغىَ كـابْنِ اللبـُونِ |
إذا جاسـُوا خِلالَ الحي هـاجَتْ |
علـيـهمْ نـارُنَـا ذاتُ الكُـمُـونِ |
تداعُـوا للـردى الآتِـي ككلـبٍ |
"عَـوى جَهْـلاً إلى ليثِ العـريـن"ِ |
فكـمْ دارتْ بفـتيتـهمْ رَحَـانَـا |
وَحَـاقَ بِجُـنْدِهِمْ فَـكُّ الكَـمِـيـنِ |
فذاكَ "مُحـمـدٌ" وَطِيءَ الأعـادِي |
وداسَ أنوفَـهمْ رَغْـمـاً بِطِـيـنِ |
"وخنسـاءُ الكـتائـبِ" مُذْ أطلَّـتْ |
تُفَـادي الدِّينَ بالغَـالِـي الثَّـمِيـنِ |
تُوَدِّعُ شِـبلَْها في خَيْـرِ عُـرْسٍ |
إلى الفـردوسِ ناضـرةَ العُـيُـونِ |
"وعقـلٌ"وهـو يهتفُ بالسرايَـا |
وَيَسْـفَـعُ باللظـى وَجْـهَ اللعـينِ |
نقيُّ الصـدرِ مَحْمُـودُ السَّجايَـا |
شَـدِيدُ البَـأْسِ مُنْقَطِـعُ القَـرِيـنِ |
"وأشرفُ" حين يكـتنفُ المنـايـا |
عـزيـزُ النفـسِ مرفـوعُ الجبينِ |
رأى المحتلَّ يخطـرُ في غـرورٍ |
فـراغَ عليـهِ ضـرْبـاً باليـمـينِ |
وهـذا "أيمـنُ المنصـورُ"لـمَّـا |
أتَتْـهُ الرِّيـحُ مِنْ بَعْـدِ السُّكُـونِ |
أَوَى للحـقِّ مُعْتَصِمـاً بِحَـبْـلٍ |
مِـنَ الرَّحْـمنِ مُتَّصِـلٍ مَـتِـيـنِ |
رجـالٌ كالكـواكـبِ في عُلاهَـا |
وقـدْ آووا إلـى رُكْــنٍ رَكِـيـنِ |
بني صـهيـونَ آذنتـمْ بِحْـربٍ |
مِـنَ القـسَّـامِ طَـاحِنـةٍ زَبُـونِ |
تُرَجُّ لهـولهَـا عَكَّـا وَحَـيْفـَا |
وأَوْصـالَ المَصـانِـعِ والحُصُـونِ |
بأسـيافٍ مَـوَاضٍ مُـرْهَفَـاتٍ |
شِـراعِ الحَـدِّ نـابِـذَة ِالجُـفُـونِ |
بها نعلـو الرؤوسَ إذا اشْرَأَبَّـتْ |
وَنَقْطَـعُ بالمُـدَى حَبْـلَ الـوتيـنِ |
لتحيا القدسُ شـامخـةً وفيهـا |
يكـونُ العُـرْسُ بالنصـرِ المُبِيـنِ |
أَلاَ يـا أمــةَ الإسـلامِ هُـبِّـي |
دَعِـي للـبَـهْـمِ لَـذَّاتِ البطـونِ |
دَعِـي الأطـلالَ لاتبكِـي عليهـا |
فما قَتَـلَ المُحِـبَّ سِـوى شُجُـونِ |
وَقُومِـي تصنعِـي بالدينِ مَجْـداً |
يُخَـلِّـدُ للـوَرَى ذِكْـرَ الأَمِـيـنِ |
ضَعُـوا الأيْـدِي بأيدينَـا لنبنِـي |
مَعـاً يا إخْـوَتِـي صَـرْحَ اليَقِيـنِ |
ونهتـفُ أمـتِـي عَـهْدٌ علينَـا |
-وإن غَلَبَ الأسـى- ألاَّ تَهُـونِـي |
تهـونُ الـروحُ والدنيَـا علينـا |
وكـلُّ مُقَـدَّسٍ مِـنْ أَجْـلِ دينِـي |
أَيَـاحـيِّ الشجـاعـيـةْ سَـلامٌ |
كَـرَقْـرَقَـةِ النَّدَى فَوْقَ الغُصُـونِ |
وصَـدْحٌ يمـلأُ الـدُّنيَـا ونبْـضٌ |
يُكَـفْكِـفُ دمْعَـةَ القلبِ الحَـزِيـنِ |
وأشـواقٌ تهبُّ صَـبـاً بروحـي |
مَـدَى الأيـامِ ما رَفَّـتْ جُفُـونِـي |
فإنْ سَـكَنَ الفـؤادُ فأنتَ نَبْضِـي |
وذكـرُكَ في الدُّنَـا يُذْكِـي حَنينِـي |
وحـبُّكَ سَـاكـنٌ بِشِغَـافِ قَلْبِي |
وأَغْلَـى ياحبيبِـي مِنْ عُـيُـونِـي |