أميرة وادي حضرموت د./إعتدال الكثيري :
.
الشاعر المتمسح بالنعال منقلب على عقبيه
.
حوار / محمد نعمان الحكيمي
.
تحب البردوني وتعشق العمود الشعري..وتبكي كل مساء بين دهاليز الكلمات..ثم تعود وبعض الحزن محمولُ.
تشرف الشاعرة (أميرة الوادي) على موقع "مجالس حضرموت الأصالة والتاريخ"..رغم مشاغلها الأكاديمية (أستاذ مساعد)في قسم اللغة العربية -جامعة عدن..ولها أعمال شعرية ونقدية متميزة كصوت نسائي مغاير.
اعتدال عمر الكثيري..صدىً هامس في الروح..وقيثارة لا تغورُ.. لا تزال تبحث عن حبيبها"الخاص"الذي يعشق الدان الحضرمي ويرحم الغبار المنثور على العين بفعل هذه الدنيا.
33 عاماً مضى من عمر هذه الأميرة.. تكتب الشعر قوياً.. وتتحدى..وتساجل ..وتخوض المبارزات والمواجهات ولا تخشى حتى وإن قُتِلَتْ!
إليها وجداً..وفكراً..وشعراً..وسحرا
.
نص الحوار
.
* اعتدال الكثيري .أَمْ (أميرة الوادي)؟
- اعتدال أو أميرة الوادي هما شيء واحد ، فالأميرة هي ذات اعتدال الصادقة مع نفسها قبل كل شيء. لذا تبحث عن نفسها أولاً وتفعل ما يرضيها هي ، ويجعل لحياتها معنى، لا ما يتوقعه الناس منها . فأميرة الوادي أتاحت لي فرصة الابتهاج بالحياة شأن الناس جميعاً.
أميرة الوادي في النت ، التي تمكنت من اكتشاف موهبتها في الشعر، واستطاعت أن تتغلب على خجلها لتحاور الناس، ولتنشر عليهم عصارة ألمها وفيض قلمها .. أميرة الوادي هي أنا .
.
* نتعرف على "أنا"نا هذا أكثر؟
- من أنا؟ سؤال كررته علي ، لكني من الغباء بحيث لا أدرك إجابة لهذا السؤال، فهل حقاً لا أعرف من أنا!
إذا قلت إنني امرأة ذكية وصلت إلى أرقى الشهادات، وفازت بأحسن الوظائف، ولها كثير من الأصدقاء..فإنني لا أبالغ . لكن هل يعنيني شيء من ذلك ؟ وهل أنا حقاً جاحدة لأشكر ما وهبني إياه ربي من فضل !
.
*أميرة بالوراثة ..أم بالغرور البليد؟
بل بحب الناس.
.
*نزح الشعر من عدن ..أو هكذا يعتقد يا أميرة؟
- ليس للشعر دار إقامة
.
* الشعر أم شرفة لانتحال الأماسي، وانتحار الوجع؟
- أم غبار نثرته الايام على العين فنفته بالدمع!!
.
* لو أن الحب متاح كالبحر؟
- لكان الدمع عصياً كالصبر
.
*قائمة بالوجد الجاهم أم شبق الغيم؟
- نزوع الى اكتشاف ما وراء الغيم
.
* لو قيل : فلو كشَفَتْ عن ستر توهجها؟
- لانجاب الستر ولم يعرف سرُّ تألقها
.
*يحكى أن الثورة قامت والأمة كانت أو هانت؟؟
- أضغاث أحلام ..أحلام..وعليها الأمة اقتاتت.
.
* لا يعني شيئاً لفتاة تمتهن الآه؟
- أن تبكي كل مساء بين دهاليز الكلمات
.
* مهداة للأصدقاء بتباريحهم الموحشة؟
ما جئتكم أملاً أن تحملوا حزني
فقط أعود وبعض الحزن محمولُ
.
* أشبه بمواجيد الأنثى ..لا أكثر؟
- قصيدتي
.
* تلهمك الدفقات الضوئية؟
- لا اعرف ماذا يلهمني..لا أعرف.!
.
*يومها عضيت أنامل الندم؟
- حسموا بنبذ الحب أمرهمُ
ومضوا وأمر الحب ما حُسما
.
* مندهشون للحراك الثقافي مفتوح الأشرعة؟
- - حدث طال ترقبه..وأنتظر الدهشة!
.
*حالمةٌ.. وجهها لا يدورُ؟
- نائمةٌ .. عينها لا تغورُ
.
*لا يرتقون إلى أعماق قلبك، وإنْ...؟
- - ....فتشت في أعماق قلبك لوجدتهم واقعين!
.
* ماذا عن رامبو ..وذاكرة الفيض العدني؟
- - مقبرة الفنان خلود أبدي..
.
*من أشيائكِ.. أو مثل شخوص الذكرى؟
- - أكان حباً أم استوحيته أملاً
- سألت قلبي فلباني ولباهُ
.
*"بنات ياتُو"..؟
-تواضع ..فتنة..ود ..جلبة!
.
*يشغل ذاكرة الدنيا ألقاً لا يبلى؟
- وطن بالحب تردده الدنيا لحنا
.
*فاعلاتن مستفعلن يا اعتدالُ؟
لي فؤاد ما عاش لولا الجَمالُ
.
*لطفي جعفر أمان؟
باعث الشعر في عدن
.
*البردوني ..المقالح ..بل المقالح..بل شوقي شفيق وهيثم؟
البردوني ومجد القصيدة..التجديد بالعودة إلى الماضي
.
*يبدو لكِ أكثر إدهاشاً ومغايرة؟
الشاعر كلما أوغل في الخيال
.
*منقلب على عقبيه؟
الشاعر كلما تمسح بالنعال
.
*دعيتِ إلى مبارزة شاعر مجيد؟
لا أخشى المبارزة حتى لو قُتِلْتُ
.
* شاعر يقول "أشباه ناس وخيرات البلاد لهم"..؟
اخرس حالاً
لا تستنطق جرحي الدامي
وانقش شكواك على البردي
لا تجعلني أقضي هربا ًمن وجعي المصلوب العدَمي
فلقد أدمنت صراخ الموت
وما عادت أصواتي الموتى
تحييني
أو تدفنني
إني ميتة
لكن عروقي نابضة
يجري فيها سأم الأحياء
يراقصها لحن وهمي
.
* من حضرموت ..أنموذجاً؟
أعشق الدان الحضرمي..ولن أختار أنموذجاً
.
*يظل النجم أصيلا..أو ما معناه؟
ما دام حراً
.
*اعتدال عمر :"دوروا لي عن حبيب"؟!
خااااص..خاص..وكفى!
.
نصوص للشاعرة الدكتورة / إعتدال الكثيري:
.
1-الوداع
.
لاشيءَ يربطُ بينَنا
لا شيءَ حتّى الذكرياتْ
أُنسيتُها ودفنْتُها
وغفَتْ عليها الرّامساتْ
ذهبَتْ مودَّتُنا مضى
ما كانَ يجمعُنا وماتْ
هلْ كانَ دأبيَ هكذا
أعطي وتقذفُ بالفتاتْ!
أبكي ووجهُكَ باسمٌ
أغفو وليلُكَ في سُباتْ
ج
لا غروَ أنْ نطقَ الجليـْ
ـدُ وفزَّ منْ وجعي الرُّفاتْ!
والآنَ ها أنذي أفقْـ
ـتُ فما لديكَ؟ أجبْ وهاتْ
سيطيرُ قولُكَ في الهوا
ءِ ويعتلي جبلَ الشتاتْ
.
2ـ كيف أحرقتَ شتائي
كيف أحرقتَ شتائي
في جحيم لانهائي؟
يا ظلاماً أرتجيه
عندما يعمى ضيائي
يا رحيقاً أحتسيه
كل صبح ٍ ومساءِ
يا عذاباً أشتكيه
ثم أستعفي قضائي
ليتَ لي جنحاً كجنح الـْ
ليلِ أسري في السماءِ
ج
كي أرى النجْمات تهفو
حين تصحو للقائي
ثمَّ أغزو قلبك المجـْ
ـدول من صخرٍ وماء
ليت لي قلباً أبيّاً
صيغ من صخرٍ وماء
.
3-وطني
ياغريبَ الدّارِ هلْ تسألُني
ما الّذي أعشقُهُ في وطني
كلُّ مافيهِ جميلٌ ساحرٌ
من نخيلٍ باسقٍ أو سُفُنِ
من غرابٍ ناعقٍ في دوحةٍ
ناعياً مَنْ باتَ طيَّ الكفنِ
وهضابٍ شامخاتٍ كبراً
وعِجافٍ شاكياتِ الوهنِ
من نساءٍ في الجلابيبِ دجىً
شقَّ أستارَ النهارِ الحزِنِ
ج
ورجالٍ شمَّروا الساعةَ عنْ
ساعدِ الجِدِّ بعزمٍ أمكَنِ
من صغارٍ بسمَتْ أوجهُهُمْ
في ثيابٍ كالحاتِ الردَنِ
من بحارٍ رحُبَتْ أنفاسُها
وصدورٍ ضيّقاتِ السّكنِ
من جبالٍ وسهولٍ ورُبا
وأزاهيرٍ وجوٍّ حسنِ
وملاهٍ في الصِّبا لذْتُ بها
ورفاقي في حواري عدنِ
نتعاطى أكؤسَ الفرحِ بكفـْ
ـفَيْ أمانٍ عمقُها كالزمنِ
وحدَها تسخرُ منْ أحلامِنا
قوَّةُ القهرِ الأبيِّ العلني
ياغريبَ الدارِ هلاّ قلْتَ لي
ما الذي يمنحُهُ لي وطني
ج
لو لغيرِ اللهِ أُضحي ساجداً
ماانحنى رأسي سوى لليمنِ
.
4-صديقتي
صديقتي أميرة
بريئة خطيرة
تنساب في فؤادي
كنسمة الجزيرة
وتختلي بفكري
كغيمة كبيرة
فتسرق اكتئابي
ونظرتي الكسيرة
وتطلق انشراحي
وضحكتي الأسيرة
ج
طبيبتي بضيقي
وبهجتي خبيرة
تشدّني بلهوٍ
وفكرةٍ مثيرة
فتأسر اهتمامي
ودهشتي الأثيرة
أنا لها فضاء
ووجهُها بحيرة
أنا لها مدار
يودّ أن تديرَه
وهْي النجوم ترنو
إلى المدى بحيرة
تجول في خبايا
نفوسِنا الضريرة
.
5- زير النساء
أتراهُ يخلصُ أم تراهُ خؤونا؟
أم أنّ شكّي قد غدا إسفينا
قمرٌ أطلّ فشقّ ظلمةَ ليلِها
وبدا لعينيَ صارماً مسنونا
سكنَتْ إليهِ، وقضّ راحةَ مضجعي
بخيالهِ ملأ الفراشَ ظنونا
أتراه يخلصُ والجماجمُ عُلّقَتْ
في خصرِهِ تحكي هوىً مجنونا
وأجيلُ طرفي فيه أسألُ تارةً
نفسي، و أجهرُ بالخواطرِ حينا
كم غِرّةٍ عبث الفتى بحياتِها
عشرون؟ أم هل جاوز العشرينا؟
وتحومُ في رأسي الظنونُ كأنَّها
أممُ الجرادِ على الكلا يُعدينا
.
6-الشتاء
رجعَ الشتاءُ مبلَّلَ الأطرافِ
يطأُ الثَّرى مثلَ الغلامِ الحافي
يلهو بأوراقِ الخريفِ مقلِّداً
رقصاتِها فوقَ الأديمِ الغافي
بغلائلِ السُّحُبِ الضَّنينةِ بالحَيا
يردُ البحارَ موشوِشَ الأصدافِ
يشدو بسمفونيَّةِ الكسلِ اللذيـْ
ـذِ ويمزجُ الأنغامَ بالأطيافِ
هوَ ذا الشِّتاء يرتِّلُ الصلواتِ بيـْ
ـنَ عواصفِ الماضي وحرِّالخافي
هوَ ذا النَّعيمُ فكيفَ تختبئُ الخلا
ئقُ منْهُ في الأوكارِ والأصوافِ
نسماتهُُ اخترمَتْ صبابةَ عاشقٍ
فتسرَّبَتْ مثلَ الدَّواءِ الشّافي
وظلالُهُ انسدلَتْ ستائرَ منْ حريـ
ـرٍ تحضنُ الأسرارَ في الأعطافِ9
فكأنَّ أسرارَ الشِّتاءِ أجنَّةٌ
للكونِ تختزنُ النَّعيمَ الصَّافي
فإذا انبعثْنَ أتي الربيعُ بسحرِهِ
وجلا الشتاءُ مبلَّلَ الأطرافِ