|
هلّـت بشـائرُهُ على الأكوانِ |
بالنورِ والإيمانِ والفرقان |
شهرُ الإنابةِ بوركتْ أيامهُ |
بفريضةٍ قُصرت على رمضانِ |
البذلُ والإيثارُ فيهِ رغيبةٌ |
وصيامُهُ ركنٌ من الأركانِ |
فيهِ الجنانُ تَفتّحت .. وجهنّمٌ |
أبوابُها انغلقت على النيرانِ |
التائبونَ العابدونَ استبشروا |
فيهِ بعفوِ المُنعمِ المنّانِ |
والصائِمونَ القائمونَ تَبتَلوا |
وتضرعوا في السّرِ والإعلانِ |
طوبى لهم وُعِدوا الجنانَ وبُشّروا |
بِدخولِها من بابِها الريّانِ |
والصومُ إن كانَ احتساباً خالصاً |
فلهُ جزاءُ الضعفِ في الميزانِ |
رمضانُ يا شهرَ الصَفا علّمتَنا |
أن الصيامَ مُطهّرُ الوجدانِ |
عوّدتنا الصَبرَ الجميلَ على الطّوى |
لنذوقَ طعمَ الجوعِ والحرمانِ |
فحَنا الغنيُ على الفقيرِ مؤدّياً |
حقَ الغِنى بشريعةِ الديّانِ |
ليفوزَ أهلُ الصومِ والإنفاقِ من |
ربّ الوَرى .. بالعتْقِ والغفرانِ |
رمضانُ فيكَ مآثِرٌ ومفاخِرٌ |
غنّت بها الدُنيا بكلِ مكانِ |
كم فيكَ أرخصتِ النفوسُ يحُثها |
شوقُ الشهيدِ لجنةِ الرضوانِ |
فحديثُ بدرٍ لم يزل متجدداً |
يروي مفاخِرَ أمّةِ القرآنِ |
بدرٌ .. وما أدراكَ ما بدرٌ .. ألمْ |
تسمعْ بها يومَ التقى الجمعانِ |
قد خاضها خيرُ البريّةِ واثقاً |
بالنصرِ من ربٍ رحيمٍ حـانِ |
ناجى مُحمدُ ربَهُ مستنجزاً |
وعدَ الإلهِ بنُصرةِ الإيمانِ |
فإذا به في غمرةِ النجوى يَرى |
جنداً تباشِرُ ضربَ كلِ بنانِ |
ويرى ملائكةَ السماءِ تنزّلتْ |
ويرى مصارعَ عُصبةِ الشيطانِ |
يا يومَ بدرٍ فيكَ ذلّ جبابرٌ |
وفَرقْتَ بينَ الحقِ والبهتانِ |
وفجعتَ أهلَ الشركِ في ساداتِهم |
والرعبُ منكَ سرى مع الركبانِ |
ياللطغاةِ وقد تمزّقَ شملُهمْ |
وتمرّغوا بالخزيِ والخسرانِ |
وغدا لواءُ النصرِ معقوداً على |
هامِ النبيِ وصحبِه الشجعانِ |
وكذاكَ نصرُ اللهِ يهديهِ لمن |
يسعى إليهِ بطاعةِ الرحمـنِ |
من كانَ يبغي النصرَ فليبذلْ له |
أغلى المُهورِ وأشرفَ الاثمانِ |
فالنصرُ يحرزُ بالجهادِ وبالتّقى |
فهما السبيلُ لعزة الإنسانِ |
يا أهل بدرٍ نلتمو ما لم ينلْ |
أحدٌ ، من التكريمِ والشكرانِ |
إذ قالَ ربكمُ اعملوا ما شئتمو |
بشراكمو أنتم غداً جيراني |
إني غفرتُ لكم بصدقٍ جهادِكم |
فأووا بمغفرتي لرحبِ جناني |
رمضانُ يا شهرَ العزائمِ والنهى |
كم فيكَ من بُشرى ونيلِ أمانِ |
الذكريات الغرُّ فيك تشدُّنا |
لربوعِ مكةَ غرّةِ البلدانِ |
تحكي عن الفتحِ المبين وما جرى |
في ذلكَ اليومِ العظيمِ الشانِ |
إذ جاءَ نصرُ اللهِ والفتحُ الذي |
أنهى عهودَ الظلمِ والطغيانِ |
فاستسلمت لمحمدٍ أمُّ القرى |
فعفا عن الأبناء والإخوانِ |
وهدى العبادَ إلى هدايةِ ربِّهم |
وقضى على الأصنامِ والأوثانِ |
وأتتهُ أفواجُ القبائلِ تحتمي |
في ظلِّ رايةِ خاتمِ الأديانِ |
رمضانُ أكرمكَ الإلهُ بليلةٍ |
مشهودةٍ قد زانَها نورانِ |
نورٌ يُجابُ به الدعاءُ ويُرتجى |
فيه لكلِّ عبادةٍ أجرانِ |
والوحيُ نورُ النورِ حيثُ تنزلت |
آيـاتُه بالـحقِّ والبرهـانِ |
في ليلةِ القدرِ المباركةِ التي |
قد نُضّرت بالروْحَِ والريحانِ |
يهنيك يا من بتَّ فيها ساهراً |
تدعو وتسألُ خالقَ الأكوانِ |
أبشرْ فربُّك لا يخيِّبُ سائلاً |
يدعو بقلبٍ مخلصٍ ولسانِ |
فأليكَ نضرعُ .. ربَّنا فالطفْ بنا |
يا من يلوذُ بعفوِه الثقلانِ |
واغفرْ لناظمِ هذه الأبياتِ يا |
ربَّ الشهورِ وربَّ كلِّ زمانِ |
رمضانُ حسبُك في الشهورِ مكانةً |
قدسيةً ليست لشهرٍ ثانِ |
فيكَ النفوسُ تصالحت وتآلفت |
كتآلفِ الأرواحِ والأبدانِ |
وبكَ العُصاةُ الى المتابِ تسارعوا |
وبكَ القلوبُ صفت من الأضغانِ |
فإذا قدمت ففي قدومك فرحةٌ |
ولدى وداعِك تذرفُ العينانِ |
رمضانُ ما بالُ الليالي قد مضت |
كالبرقِ مسرعةً بغيرِ ثوانِ |
بالأمسٍ جئتَ ولم نكدْ بكَ نحتفي |
حتّى شددتَ الرحلَ قبلَ أوانِ |
أترى تعودُ وقد تحرَّرَ قدسُنا |
من كلِّ نيرٍ بعدَ طولِ هوانِ |
سنظلُّ حتّى قابلٍ نهفو إلى |
لقياكَ في شوقٍ وفي تحنانِ |
واللهَ نسألُ أن تعودَ ونحن في |
أوطانِنا في عزّةٍ وأمانِ |
والمسجدُ الأقصى يرفرفُ فوقَه |
رمزُ السلامِ ورايةُ القرآنِ |