أنا والليلُ والذّكرى نجوبُ الماضيَ الأزهرْ لنقطِفَ من محيّاهُ كؤوسَ الشّهدِ كي نسكرْ فوجهُ زماننا البادي كئيبٌ عابسٌ مقفرْ فأولَ منْ رأيتُ أبي كنورِ الصبحِ إذْ أسفرْ يناجي ربهُ وجِلاً ويدعو علّني أُحْبَر وبَعدُ رأيتها أمي بثغرٍ باسمٍ أنورْ تهدهدُ رأسيَ الغافي وتشدو لحنها الأخضرْ وثمَّ رأيتُ صندوقي بهِ حلمٌ بهِ دفترْ وأوراقٌ مبعثرةٌ إذنْ قدْ آنَ أنْ تنشرْ فهذي صفحةٌ حبلى بحبرِ قصيديَ الأشقرْ وداعُ حبيبةٍ هجرتْ هنا منديلها الأحمرْ دموعُ القدسِ في عيني تسيلُ كأنّها خنجرْ همومُ الصحبِ أحملها ومنْ صدري لها بيدرْ بكاءُ شقيقتي الصّغرى لأُلقمَ ثغرها السّكرْ صراخُ أخي لأحملهُ وأحكي قصةَ العسكرْ صيامُ الشهرِ يجمعنا معَ الأحبابِ كي نفطرْ شريطُ العمرِ ممتلئٌ وقدْ حفظتهُ ذي الأسطرْ وجاءَ الصبحُ يوقظني وضاعَ المسكُ والعنبرْ وذابَ الليلُ يا ذكرى ورُحْتِ فَحُقَّ أنْ أضْجَرْ