تقول الأخت ندى القلب
أمل:
ليتكم تفتحون لنا صفحة لنتدارس فيها سورة محمد .. بدلا من القصيد الذي لم يعد يسمن ولايغني من جوع
فكلام الله باق ولايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. وقصيدنا إلى فناء
وشتان بين شعر وقرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى
الذين كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ.
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ.
ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ.
من مطلع السورة يحدّد ربّ العزّة معالم الجبهتين، من عهد محمد صلّى الله عليه وسلّم إلى يوم القيامة، ويبدا جلّ وعلّ بذكر الكافرين.. فهم البادئون بالعدوان على الدوام، ويحدّد لهم ثلاث صفات واضحة:
- الكفر..
- الصدّ عن سبيل الله..
- ضلال الأعمال..
الكفر من عندهم.. فلقد بين الله الحق والباطل، فمن شاء آمن ومن شاء كفر.. واختاروا لأنفسهم الكفر
والصدّ من عندهم.. هم الذين يمنعون الناس أن يختاروا ما يريدين، ويترك الله عزّ وجل الوسائل التي يتبعونها مفتوحة، وإنّنا لنعاصر في وقتنا الحاضر أمثلة على تلك الوسائل المتعدّدة لصدّ الناس عن (اختيار ما يريدون) ما بين الحق والباطل، فقد تكون الوسائل عسكرية.. وقد تكون بالتضليل الفكري والإعلامي، وقد تكون مادية بالضغوط .. وقد تكون عن طريق الظلم والطغيان.. وسيّان ما هي الوسائل، وكيف تتقلّب من عصر إلى عصر، بما في ذلك وسائل استخدام "التشريعات القانونية" بما يعطّل حرية العقيدة، كما أعطت فرنسا الآن مثالا عليه.. يبقى الجوهر في الصفة الثانية اللازمة لتلك الجبهة.. هي (الصفة العدوانية)
وهنا ينبغي لنا أن نقف وقفة واضحة مع أنفسنا، فالجبهة التي نواجهها.. ليست جبهة الكفار جميعا، فهؤلاء يسري عليهم قوله عزّ وجل (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وحسابهم على ربهم، ويسري (لا إكراه في الدين) شريطة (قد تبيّن الرشد من الغيّ).. وسيكون حسابهم يوم القيامة عسيرا..
إنّما هي جبهة الكفار المعتدين بالصدّ عن سبيل الله.. أو بعبارة يستخدمها (المعاصرون) بانتهاك الحرية الدينية للإنسان، بغض النظر عن الوسائل وعن الشعارات المرفوعة.
وفي موقفنا هذا ما يمنع (استعداء الناس الكافرين جميعا) إذ لا ينسجم هذا التعميم أو الاستعداء مع أصل الرسالة (وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين) (وما ارسلناك إلا بشير ونذيرا) (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولّوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله) (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين.....)
إنّ هاتين الصفتين الأوليين من مواصفات الجبهة الأخرى، تجعل المسلمين المؤمنين الصادقين قادرين على استخدام وسيلة (الجهاد بالقتال) و(وسيلة الجهاد بالدعوة والبيان والتبليغ) في وقت واحد، دونما تناقض فيما بينهما.. فالأولى لمواجهة من يعتدي على حرية عقيدة الإنسان، والثانية لأنفسنا شرحا وبيانا ودفعا إلى العمل مع القول ، وكذلك لمن كفر ولا يمارس الصدّ والاعتداء
على أنّ الله عزّ وجل يبين في الصفة الثالثة لتلك الجبهة، ما يمنح الاطمئنان العميق للمؤمن المسلم المجاهد.. الداعية.. إنّها صفة ضلال العمل.. وما أحوجنا هذه الأيام لاستيعاب ما تعنيه هذه الصفة، فرؤية الجنود المجنّدة، والقوى العسكرية الكبرى، والقدرات التقنية الهائلة، ممّا يتسلّط عليه فريق من الكفار يمارسون العدون صدّأ عن سبيل الله، وحرمانا من حرية المعتقد، جميع ذلك لا يخفي أنّ أعمالهم في ضلال.. لن توصل إلى الغاية التي يتطلّعون إليها، وإن حسبنا من المقارنة بالمقاييس المادية وحدها أنّهم واصلون إليها.. أعمالهم في ضلال، وهم أنفسهم الذين يصنعون تلك الأعمال ويضلّون بها عن غاياتهم، ورغم ذلك، فالله عزّ وجلّ ينسب وقوعهم في هذه الصفة لذاته العليّة (أضلّ أعمالهم) وفي ذلك ما يثير الاطمئنان العميق في قلوب المسلمين، فضلال العمل، بمعنى عدم الوصول به إلى الغاية المرجوّ’ منه، أمر محتّم على الكافرين المعتدين، إذ تضلّ أعمالهم وفق مشيئة الله عزّ وجل نتيجة كفرهم وسوء غاياتهم.
هي جبهة الكفر العدوانية الضالّة..
وفي مقابلها تلك الجبهة المؤمنة التي تتحدّث عنها الآية الثانية في سورة (محمد)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ.
آمل أن أتابع في مشاركة تالية، أو يتابع من يحب من الإخوة والأخوات.. مستجيبين لطلب الأخت الكريمة ندى القلب، فكلماتها تنطق بالحق.. هذا ما نحتاج إليه، أضعاف حاجتنا إلى القصيد بعد القصيد.. ولا أقلّل من قيمة (القصيد) فلكلّ جانب من جوانب العمل قيمته الذاتية، ولكن لا ينبغي أن نكتفي بالقصيد، وأظنّ أنّ هذا ما ارادت أختي الكريمة قوله.