ساءلتُ نفسي يوما من الأيام ..هل يمكنُ أنْ تُغيِّرَ الأحداثُ ومجرياتُها في مادة حبكِ لي ؟وهل لقلبكِ أن تعصفَ به عني زوابعُ الهواءِ المنقضية الهابة على شموخ الرواسي حيث لا تتأثر إلا لولبيتُها وتظلُّ الرواسي هي الرواسي شموخا وأنفةً وكبراً!!لا أخفيكِ حديثا أنني -وعلى امتداد أيامنا الحلوة- كثيراً ما خبرتُ وفحصتُ عجينةَ النور لحبك ،وقلَّبتُ على تريُّثٍ جوانبَ الإشراق لذلك الحب العظيم ،وسبرتُ باطنَه في جلاءِ ظاهرِه ..فوجدتُه عُصارةً فريدة من حبٍّ فريدٍ لا يعيشُ إلا بإصرار السمكِ على استبطانِ البحارِ مهما علتْ أمواجُها ،وتقلبتْ أحوالُها ،وادْلهمَّتْ بعد الإسفار ظلماتُها ،فلله كم تقزمتِ المباديءُ أمام َعنفوان صموده!وكم تضاءلت المشاربُ واضمحلّتْ أمام مَعين وِرده !وكم هي الحياةُ صغيرة قليلة دحرجتْها الظروفُ فانزوتْ كقشَّةٍ تحت راسياتِ وجوده..فلا باس أن تتلاعبَ الريحُ بالقشة ،ويتلاعب الجبل بالريح يُمنةً ويُسرةً،وإقبالا وإدباراً..هي كذلك أنتِ –أيتها الحبيبة- مهما ،يظنك الساذج الغبي سهلةَ المأخذ ،طيّعة الرأي منقادةَ العنان،فراح يستسهلُ دربَك فإذا به يجد نفسه في حقارة الحصباء ،وضحالة اللعاعة،وذلة الرغام.
حبيبتي يا إصرارَ الحب ،ويا صمودَه ..ويا بقاءَ العهد ويا سدوده ،ويا حِفاظ الود ويا حدوده..بأي قولٍ أرسم لك اليوم نعتاً بك يليق ،وما في جعبتي من لفظٍ إنما نما على جسر أنفاس لقائنا ،وتشَكَّل كأصدق كيانٍ على أرض مبسوطة من تبادل نظارتنا،وغدا الوجودُ مغانيَ الربيع ومرابعَ الطير وذاك ليس إلا على كَون حبنا الصغير .ثم كيف لي بهذا التساؤل العجيب والناس تعيش الحياة بملابساتها ،وأنا لا أعيش إلا حبك شمسا وماء وهواء،وإنْ شئت قولي نفسا وإرواء وقوتا..ولك الرد على تساؤلي قائلةً..ما كلُّ شيءٍ في الوجود بقابل تغيراً أو تبدلاً ،أوَ لمْ ترَ الشمسَ والقمرَ وهما يكتنفانِ الوجودَ وفي وجهيهما نقرأُ الماضي في صفحة الحاضر ،ونكتب من نورهما قصة عبورنا الحياةَ وهما كما هما شاهدا عبور الكائنات على مر الزمن!!ومن قال إنَّ لِحبِّ الأرواح أمداً تقفُ عنده أسبابُه والروح باقيةٌ قدَرا مقدورا!
حبيبتي ..أنتِ لي ،هكذا قالت لي روحك يوما وكل يوم،وبهذا نطق القَدر وهو يضع على روحينا شمع الختام ،فبالله عليك ألا تعجبين ممن يحاول الوصول إلى عرش قلبك ،أو الاقتراب من حياضه ،أو التفكير في سكناه يوما !!أي ساذج هذا ذليل قميء يقترب منك وهو يعلم أنه لم تبق ذرة منكِ إلا وشَغَلها حبي والهيامُ بي ،أي أضحوكة هذا المغفَّل المقيمُ على جبال الغباء ،وأرض السذاجة إذ تزين له سذاجتُه أنكِ قابلةٌ للتغيُّر على مر الأيام..وأنى لنا التغير أمام خلود حبنا!!