{ الحمد لله الذي أحياني بعد إذ أماتني وإليه النشور}..... { اللهم عافني في بدني, اللهم عافني في سمعي , اللهم عافني في بصري , لاإله إلا أنت . اللهم إني أعوذ بك من الكفر , والفقر , وأعوذ بك من عذاب القبر , لا إله إلا أنت }...آمين
هكذا يبدأ المسلم يومه مع لحظات الفجر الأولى وإشراقة الصباح , يحمد الله على استمرار نعمة الحياة .. ويذكر الوجدان أن هناك موت .. يعقبه نشور.. هناك حياة.. تتلوها حياة , فحياة! لاانتهاء إلى فناء.. يذكر نفسه يرسِّخ في ضميره اعتقاد اليوم الآخر ... ليحسن العمل .. ليتقن الجمال .. يحمد الله على عافية أهم الحواس , تلك التي تربطه بالعالم من حوله تمكنه من التواصل , من التمييز , من إدراك مواطن وبواطن الجمال! يسمعها يحن إليها .. تتناغم في آذانه , فتطرب لها وجدانه , أو يبصرها .. فيتأملها فيعشق تناسق مقايسها وأبعاد التصور في تصويرها !
يسأله عافية البدن.. فالصحة نعمة ... غبنها الناس .. الصحة عمل وانجاز واقدام واعجاز.. والمرض عجز وإحجام { اللهم إني اعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل}.. المرض يورث الهم وانعدام الحواس يخلف الحسرة و الحزن , ولدى بعض خائري العزم تورث الكسل . يرى مالك بن نبي رحمه الله تعالى أن الفكرة الدينية لاتقوم بدورها الاجتماعي إلا بقدر ماتكون متمسكة بقيمتها الغيبية في نظرنا , أي بقدر ماتكون معبرة عن نظرتنا إلى مابعد الأشياء الأرضية , ويرى أنها ماتحدد العلاقة بين المبدأ الأخلاقي والجمال . وذالك لإظهار أثره الكبير كعامل يحدد اتجاه الحضارة ورسالتها في التاريخ
ويرى أنه لايمكن لصورة قبيحة أن توحي بالخيال الجميل , فإن لمنظرها القبيح في النفس خيالا أقبح, والمجتمع الذي ينطوي على صورة قبيحة , لابد أن يظهر أثر هذه الصورة في أفكاره , وأعماله, ومساعيه , فالله جميل يحب الجمال
وفي تصوري أن مرض العقول أشد خطرا وفتكا من أمراض البدن لأنه أداة العجز ومدعاة الكسل والتراخي والتواكل .. وانعدام روح العمل.
سلامة الألباب مطلب فهي أداة الحرث ووسيلة الزرع { إنما يتذكر أولو الألباب}.. وفي القرآن لاعتب لمن تنقصهم الفطنة والفهم والذكاء فهم من الدواب .. ولم يكلف الله بالحرث والعمل إلا أهل العقول { إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لايعقلون }... فلا إلزام لغير المكلفين فاقدي الأهلية حيث لاسمع ولا إمكانية تخاطب كحال الأدميين ولا عقول .... فهم أقرب بل هم من الدواب !
الكسل .. نوع من الأوثان في التصور .. استبدلها معاصرونا بأوثان المادة.. وعكفوا عليها وصيروها شماعات علقوا عليها كل مانحن فيه من تخلف وانحدار
لم نعطي التغيير الاجتماعي بالا فلم نهتم بأمور العامة والقاعدة الإنسانية (الشعوب) وتجاهلنا دورها في التطور والتغيير الحضاري , فأحجم المهتمون بالتغيير عن العمل في حقولها وهرعوا إلى ميادين السياسة , ليضعوا اللوم على الزعماء للتخلص من المسؤوليات, فالملام هم القادة .. ولاعتب على مقود!
تنصلنا عن المسؤوليات , وبكينا لوعة ومرارة وحسرة على أنفسنا وندبنا حظوظنا , وادعينا أن لاحول لنا ولاقوة وارتضينا الكسل . . وليس العجز , فالعجز قهرا , والكسل اختيار!
يرى رحمه الله تعالى أن غول الدراويش قد صرعه الاصلاح , وأن غولا جديدا من الممكن أن يظهر , وهو لايشترط وجود أولياء أو أحجبة وحروز , ولكن أوثان سياسية , وبطاقات للتصويت.
نحن نصوت ونبقى جالسين ولسنا قاعدين والفرق في اللغة بين الحالين معلوم !.. وننتظر منهم أن يفعلوا المعجزات ويحققون لنا المستحيل.. ياسادة .. نحن نريد من يسعى عنا ونتوسد الكسل , وقادتنا يريدون من يصنع لهم المعجزات ويلتحفون العجز!! هذا هو الصراع بين الفكرة والوثن .. ويرى مفكرنا رحمه الله تعالى أن تراثا وثنيا قد تبقى في أعماق الضمير الشعبي الذي شكلته القرون المليئة بخرافات الدراويش
..أننا نسعى لإلقاء التبعة على كل من حولنا , إلا نحن .. ونرضى أن نكون ضحية لاستعمار أي مستعمر والأصح تعبيرا في تصوري لاستغياب أي مغيب فالاستعمار كما أسلفنا في المقال الأول عمار ومطلب الله تعالى من الخلق نحن نرضخ لكل من يتسلط على قوانا المادية ويغيب الفكرية!
ويرى أسكنه الله تعالى الفردوس الأعلى .. أن الاستعمار ( الاستغياب) ليس مجرد عارض , بل هو نتيجة حتمية لانحطاطنا: هذه هي المشكلة, ولاجدوى من فكرة لاتسلم بهذا المسلم الاساسي.. الذي يبرزه وهو يؤكد ( لكيلا نكون مستعمرين يجب أن نتخلص من القابلية للاستعمار) ويرى الدكتور عبدالعزيز الخالدي أن هذه الجملة البسيطة هي الاشعاع النوراني الأول. النور الذي استرسل لينير حلبة الصراع لنا, ولقد أضاءها من قبل نور قوله تعالى { إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم}
ويقول الخالدي أن نظرية بن نبي تتكون جزء فجزءا طبقا للتكوين الاساسي لكل حضارة , حيث تتكون من الإنسان والتراب والوقت ... وشاهدنا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم { الناس شركاء في ثلاث , الماء والنار والكلأ }
الناس وأمرهم معلوم , والتراب هو كل ماله علاقة بالأرض مكان حياته وتطوره وازدهاره وأفوله , والزمن ماسنحاسب عليه وتدور به تغيرات الإنسان والتراب!
ومن هذا الشاهد ولدت نظرية بن نبي رحمه الله تعالى , والتي يرى أنها لو طبقت على بلادنا فإنها تستوجب تكيفا للإنسان الأمي والتراب البائر والوقت الضائع
شكرا لك وإلى اللقاء
للجميع احترامي