الأخ الفاضل الصباح الخالدي .. السلام عليك ، ومرحباً بك أخاً عربياً مسلماً مؤمناً - مُحاوراً ، مدافعاً عن دين الله وسنة رسوله ..
يقول الحق تبارك وتعالى : ﴿ إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا ﴾ النساء 137 .
وقال في سورة آل عمران ﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين(86) . أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (87) . خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون (88) . إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (89) . إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون (90) ﴾.
فأين الحكم بقتل المرتد وفق هذه الآيات القرآنية الصريحة التي لا تحتمل التأويل ، والتي تدل على استمرار حياة المرتد بعد ردّته ، وتدل على احتمال توبته ومغفرة الله له ؟
أخي الكريم ، أرجو أن ننطلق من مدلول العنوان الأساسي للموضوع- في نقاشنا وردودنا - من أجل أن ننأى بأنفسنا عن متاهات الظنون والاتهامات والتشكيك في نوايا بعضنا البعض ..
حيث أنه اتضح لي شيئاً من سوء الفهم أو الالتباس لديك في تعاطيك مع بعض النقاط التي تناولتها في مشاركتك الأخيرة ..
1- عندما أقول : كيف للإسلام والإيمان أن يكون قلبياً حقيقياً فاعلاً .. إذا كان الإنسان المسلم يشعر أنه لا يملك إلا أن يكون مسلماً - شاء أم أبى !
لو رجعتَ إلى بداية الحوار لوجدت أننا نتحدث عن ذلك المسلم الشكلي - المؤمن المُرائي ، الذي يُظهر الإسلام والإيمان خشية القتل- بحـدِّ الردّة ، بينما هو في الحقيقة ليس مسلماً وليس مؤمناً برغبته وبقلبه .. ، وذلك المسلم الذي يشعر أن الفضل في إسلامه وإيمانه يرجع لأولئك الذين يفرضون عليه الإسلام والإيمان - وليبس له فضلاً ولا وزناً حقيقياً في ذلك . وهو ربما أسلم وآمن وكان فاعلاً لو كان حراً في أن يُسلم أو يكفر .!
ولا شك أن الضرر الذي يأتي من المنافقين الذين نـُجبرهم - بحد السيف - على إظهار الإسلام والإيمان – هو أخطر وأشد – على الإسلام من ضرر الكفار الذين نعلم كفرهم فنتقي شرهم .!
إنك تستطيع بالتهديد بالقتل أن تسلب الإنسان إنسانيته وحياءه وفكره- وتجعل منه كائناً بشرياً كاذباً منافقاً لا يحترم نفسه ولا يعتد بالمبادئ والقيم - إلا رياءً ونفاقاً – ويُحمّلك المسئولية عن ذلك .! ، ولكنك لا تستطيع بالقوة أن تجعل من المرتد مسلماً مؤمناً حقيقاً وتضمن ولاءه .
يقول الله تعالى (و قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها و إن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب و ساءت مرتفقا ) الكهف 29 .
أي أن حسابهم وعقابهم -على الله - وهو مؤجل ليوم القيامة ، وليس على أيدي الإنسان في الدنيا .!
2 - هل يدخل الإسلام من علم أنه سيُقتل إذا عاد عن رأيه .!
أخي العزيز .. أتمنى أن نكون واقعيين ، وأن نبتعد عن عموميات القول .. فليس صحيحاً أن من يدخل الإسلام من الأديان الأخرى- يُنكّل به ويُقتل . فنحن نعلم ، وقد قابلنا الكثيرين ممن دخلوا الإسلام –من الأوربيين وغيرهم - وظلت علاقاتهم مع أُسَرِهم وعائلاتهم ومجتمعاتهم –الغير مسلمة – ظلت تلك العلاقات مستمرة ، يحترمون بعضهم بعضاً ، ويقفون عند حدود حرية اختيار المعتقد الديني لكل إنسان ، حيث أن ذلك تكفله كل الدساتير تقريباً ، ولا يدور الجدال حول حرية المعتقد الديني إلا لدى المسلمين .. هذه حقيقة لا ينبغي لنا تجاهلها .!
ونحن هنا بصدد نقاش فكري للأمر من ناحية مبدئية ، ومن ناحية أثره على العقل العربي المسلم ، حيث أن قتل المرتد هو أمر يعتقده بعض المسلمين ، ونحن نناقش حقيقة ثبوته كأمر من أوامر الإسلام ، ولا نناقش مدى تطبيقه من عدمه – على أرض الواقع .!
3- - هل نضمن ولاء - أو نتقي شر - من يكتم ردته خشية القتل ، وهل يُعتبر مسلماً ، وهل يستفيد هو من إسلامه .! ومن المسئول عن دسائس هذا المرتد سِرّاً.؟
في ردّكَ على هذه النقطة ، وجدتُ أنك قد تطـرّقتَ إلى قصة عبد الله بن أُبيّ بن سلول .. وهي واقعة مهمة في هذا الصدد ، حيث أن ذلك المنافق قد قام بما هو أكبر وأكثر من مجرد الردّة – فقد لُقـِّبَ برأس النفاق ، وكان له من المواقف المعادية والمكائد وتأليب وتحريض الناس على الرسول والإسلام –الكثير ، ولعل أهمها انسحابه من معركة أُحد – مع 300 من أنصاره ، وكان بمقدور الرسول الكريم - قتله ، وقد أشار بعض الصحابة (منهم .. ابنه ، وعمر بن الخطاب) على الرسول بضرورة قتل ابن سلول ، ولكن الرسول الكريم كان له رأياً آخـر ، حيث قال لا أُحب أن يُقال أن محمداً يقتل أصحابه ، ورأى أن في قتله فتنة ليست في صالح الإسلام والمسلمين – رغم ما كان يقوم به ضدهم . ولم يقتل الرسولُ الكريمُ - ابنَ سلولٍ ، ولم يقتل مرتداً غيره ..، وأكثر من ذلك فقد ورد أن الرسول قد صلى على ابن سلول وأطال في الصلاة عليه ، وأعطى قميصه ليكفّن فيه .. ! أليس هذا محل تساؤل كبير فيما يخص حكم الشرع في التعامل مع المرتد ..؟ .
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الصباح الخالدي
نبذ الخبر السني واعمال منطق الفلاسفة ؟!
أو يعقل
عموما
العقل الصريح لايعارض النقل الصحيح
فلنفرض كلمة قالها ارسطو تقدس لدى المناطقة وهي بلا سند
بينما نرمي خبر الرسول وقول اصحابه وهم يفسرون قوله الى المزابل
اي عقل حر يصبح عبدا للمناطقة ويرفض ان يستوعب السنة وشراحها
مرحبا بك
أخي الفاضل .. لا يوجد مسلم عاقل يقول بهذا .! وكم نحن بحاجة إلى استعمال العقل والمنطق واحترام الرأي الآخر كي نصل إلى بر السلام ، ونخرج من ساحات الانقسام وتبادل الاتهامات .!
أخي الكريم .. لعلك تعلم أين ولماذا .! قال الرسول الكريم ( من بدل دينه فاقتلوه ) . لقد قالها في ساحة معركة ، ولم يقلها في ظروف طبيعية ، ولم يُطبقها في حياته على أحد .!
أخي العزيز .. أرجو أن تتذكر أن مصادر التشريع الدينية لا يمكن أن تـُخترق أو تـُزيّف .! ولما كان القرآن الكريم والسنة النبوية هما مصدر التشريع لنا كمسلمين .. فإنه ينبغي أن نعي ونـُدرك جيداً أن السنة المقصودة - والتي لا يمكن اختراقها ولم يحصل اختلاف حولها - هي ما فعله الرسول عملياً .! فمثلاً جاء القرآن الكريم بفريضة الصلاة ، ثم طبقها الرسول -فحدد كيفيتها وأوقاتها وعدد ركعاتها وتشهداتها .. ولذلك اتفق المسلمون حولها بمختلف طوائفهم ومذاهبهم .. ، وكذلك الحال مع بقية العبادات ، فقد فرضها القرآن وأوضحتها السنة عملياً .
أما الأحاديث النبوية الشريفة فقد كانت لعلاج مواقف وإشكالات في حينها .! ولو قلنا أن الأحاديث هي من صلب وأساس السنة ومصادر التشريعات – في حين أننا نقول ونعترف بوجود أحاديث موضوعة وضعيفة ومزورة ، فإن ذلك والعياذ بالله – بمثابة اعتراف بأن مصادر تشريعاتنا مُخترقة .. وهذا لا يجوز .!
أخي الكريم : كيف تفهم ورود نصوص صريحة في القرآن بعقوبة الزنا وقذف المحصنات ، وتحريم أكل الميتة .. الخ ، بينما لم يرد نصاً واحداً بقتل المرتد ، وإنما على العكس من ذلك ترد النصوص لتقول بأن من أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها ، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .!
أهلاً بك أخي الفاضل ..