الليل / تميم البرغوثي
الليلُ يبـدو لأمَتـي أبـدا كأن وعدَ الصباح راح سدى علقـه فوقـنـا معلـقـه وراح عنا وعنـه مبتعـدا كجيش غزو ٍ تترى كتائبـه كل كليـم ٍ يلقـاه منفـردا لكن إذا ما أبصرت أوجهكم وجدت وجه الظلام مرتعـدا فالصبح مولودكم ووالدكـم أكرم به والدا ومـا ولـدا لا تحزنوا إن غزو بلادكـمُ في كل صبح ٍ سنبتني بلـدا
قراءة نقدية في قصيدة الليل
للشاعر :تميم البرغوثي :
القصيدة جاءت بوصف دقيق لحالِ أمة تميم وقد كانت متقنة تشدُ المتأمل فيها لتلك المعاني التي عناها تميمٌ بكل بيت وعجرٍ وصدرٍ نطق به قلمه ، أستخدم تشبيهات ، كلمات ، صور ، وأشياء لم نعهدها من قبل ققوله " فالصبح مولودكم ووالدكم ... أكرم به والداً وما ولدا " وكان أسلوبه سلساً سهلاً للقارئ مُوَضِحاً كل ما أرآده من نصه دون تدقيق او تفسير ، أتبع أسلوب إيصال ما أرآده بطريقة سهلة مع تمكين الكلمات الصعبة والبالغة لغة ونحواً من النص ، ولنا وقفاتٌ مع أبياته هنا :
" الليل يبدو لأمتي أبدا " هنا بدأ تميم بالليل وهو عنوان قصيدته الإختيارية ، بدأ بالليل كمفتاحٍ لصدرِه وقال يبدو لأمتي أبدا إذن هنا لم يقصد الليل الليل إنما قصد نومنا الذي شبهه وألصقه بمفهوم الليل ولا ننكر ذلك فنومنا العجيب له صفاتٌ متقنة مع صفات الليل منها الليل مليئٌ بالظلام ونومنا ما به غير الظلام ؟؟ والليل إن طال على العشاق طالت لياليهِ ونحن ما عهدنا نومنا غير طويلا مملاً ، لله درك يا تميم ، وأكمل قائِلاً " كأن وعدَ الصباحِ راحَ سدى " هنا أُتقِنَ الوصفْ فنحن عهدنا الليل مهما طال سيكون بعده إنتظار الصباح ، ولكن هنا قال تميم " وعدَ الصباحِ راحَ سُدى " أي أن الصباح خانَ العهد ولن يفي بما وَعَدْ ونحن الذين شَبَهَنا تميمٌ بالصُبْحَ فقد خانَ الكثيرون مِنا وقد غلبت كَثرَةُ الذي خانو على قلة من لم يخونو فشملنا القَولُ جميعا .
أَكْمَلَ تميم قولَهُ : " عَلَقَهُ فَوقَنا مُعَلِقُهُ ... وراحَ عنا وعنه مبتعدا " عَنى تميمٌ بهذا أننا لسنا من أتخذ الليل حجرةً لِنَومِه إنما هناك من عَلَقَهُ وأظن تميمٌ عارفٌ بِهِ ومن بعد تعليق الليل فوقنا وبعدما رَضِيَ المعلق الليل لنا أتخذ سبيله فوق راحلته وراح عنا وعنه مبتعدا أي أنه لم يتركنا فقط بل قال لنا خذو الليل كُلَه لا نريده فتركنا بِقَولِ تميم " راحَ عنا " وترك الليل أيضا بقولِ تميم " وعنه مبتعدا " وصفٌ دقيق يا تميم .
وأكمَلَ بِوَصفِهِ لِمُعَلِقِ الليلِ قائلاً : " كَجَيشِ غزوٍ تترى كتائِبُهُ ... كُلُ كَليمٍ يلقاه منفردا " وَأَكْمَل واصِفاً لحالِ أمَتِه : " لكن إذا ما أبصرتُ أوجهكم ... وجدت وجه الظلام مرتعدا " رغم أن الظلام يسكنهم والليل يأسِرُهم ومع ذلك كان وصف تميم للظلام أي أنَ الظلام خائف أن تهبَ ريحٌ وتأخُذَهُ باليمِ مع صحوة لا بد من إقترابها لأمة تميم وخصص وجود الظلام بالأوجه لأن الأوجه هي التي عَمِيَت وأعمت القلوب من بَعدِها , لله ردك يا تميم , وهنا تبدأ إظهاره لشجاعتهم وقيمتهم بِقَوله : " فالصُبحُ مَولودكم ووالِدَكم ... أكرِم به والدا وما ولدا " بدأ تميم ببيته هذا بالمديحِ لِقَومِه ، ومع التنبيه بأن صحوتهم وإستفاقتهم بيدهم قائِلاً " الصُبحُ مَولودكم ووالِدَكم " أي أنهم إن قالوا للصبحِ غِبْ غاب وإن قالوا له إرجع فقد رجع فهم والدوه !!! وإن قالَ لهم الصبح قومو قامو من سباتِهم فهو والدهم !!! يا لله على هذا الوصفِ يا تميم ومن ثم يكرمهم الإثنان هم رُغمَ نومهم وهو رغم إطالته عن مرافقة شمس الصباح الذي لم يأتي , ومن ثم تبدأ المواساة وإرفاقِها بالقوة اللازمة لدفعها لتخرج بقوةٍ أخرى من قَومِهِ بِقَولِه : " لا تحزنو إن غَزو بلادكُمُ ... في كُلِ صبحٍ سنبتني بلدا " الله هنا ينهوهم عن ما لا يفعلونه لأنهم ليسو حزانا ولا مهمومين فهم قومٌ نيام ومع ذلك فقد أجاز تميم للسانه بنطق هذا ومن ثم تشجيعهم وبث روح نبض الأمل في قلوبهم رغم نومِها بقوله " في كلِ صبحٍ سنبتني بلدا " ما هذا يا تميم إستحالة ، قال تميم وعنى بأبياته السابقة أن الليل دائم لأمته والصباح خانَ ولم يفي بوعده وَمِنْ ثم يأتي هنا ليقول " في كُلِ صبحٍ سنبتني بلدا " ونحن قلنا سابقا أن الصباح مولود أمته وتستطيعُ أن تَمُرهُ بأني يأتي ولكن بعد إستفاقتها ، هذا يعني أن البلد التي سيبنونها كُلَ صُبحٍ لن تبنى إلا إذا أمَر الصبحض بالمجيئ بعد مجيئهم هم ، وصف متقن الأبيات يا تميم حنكتك بالشعر أكآدُ أرآه بسنك كابن الرومي .