....... تَعْتَكِفُ و تَنْزَوي بنفْسِكَ و َ بِعِشْرينَ طَعْنَةً في ظلامِ عُمْرِك...تُخَاطِبُ أَشْلاءَكَ مُفرّقةً على أَديمٍ مُضَمَّخٍ بِدِماءِ الوردِ و الضحكاتِ و اللّحَظاتِ السعيدةِ و البهيجَةِ مذبوحَةً مِنَ الوَرِيدِ إِلى الوَرِيد.....
تُخاطِبُ دقائِقَ و ثَواني السّاعةِ المشْنوقَةِ على جِدارٍ يكادُ ينْطِقُ و يُبِينُ عَنْ شَجَنِهِ و سَأَمِهِ......تُلاحِقُ عقْرَبيْها المفزوعيْنِ بعيْنيْنكَ المغروسَتَيْنِ غَصْباً في حُجْرَةٍ من حُجَرِ الجَحِيمِ تَفيضُ و تسْكُبُ حِمَمَاً من الدّمُوع...
تُخَاطبُ قَلَمَكَ يَلْفِظُ أَنْفاسَهُ الأَخيرَةَ على سطورِ المأساة...تنظرُ إليه و ينظرُ إليك نظرةً سوادءَ تفْطِرُ فُؤادَ حرْفِكْ ..و تشقُّ روحَ فِكْرِك...
متعبٌ ...متعبٌ ...متعبٌ هو يَشُقُّ صخْرَ الحزن بِهَذَيانِهِ الكليلْ...
تُخاطِبُ أَصابِعَكَ المُرْتَخِيَةِ و قدْ بَلَغَ بِها سُّقامُ الفَزَعِ مَبْلَغَهُ العَظيم...تَكادُ لا تَتَحَرّك..تتحاملُ على نفسِها تَحامُلاً..نَخَرَها تَقادُمُ الحَزَن..و أَوْدى بِها عِظَمُ الدواهي..
هِيَ الأُخرى تَعِبَتْ..وَهَنَتْ ذاكِرَةُ مآسيها..
سَتَسْكُنُ عن الحركةِ قَرِيباً...
أنْتَ في ذاتِكَ ضائِعٌ ..تخاطِبُ حُمّاكَ التي سَئِمْت قنوطَكَ ..سَئِمْتْكَ كُلَّكْ.. لا تَجِدُ مَخْرَجاً من عالَمِ سُقامِكَ الباطِنيّ..
هيَ الأُخرى تُحتَضَرُ و تَتَلاشى شيئاً فشيئاً ,لكن دونَ أنْ تَخْرُجْ..
ستكونُ أنتَ و هلاوسُكَ قَبْرَها ..و موْئدَ روحِها...
تهمهمُ و تتمتمُ مع خيالاتكَ الجامحة ..تحاولُ لَمْسَ الحَقِيقَةِ و َتَحَسُّسَها...تَسْري بِكَ قَشْعَريرةٌ فَتَهُزُّكَ هّزّاً عَنيفاً ..تحسُ كأنَّ بِكَ ألْفَ معركةٍ تدورُ رحاها ..و تَعْرِكُكَ ضَرُوسُها..
و من بعدِ لأيٍ تَتَبدى روحُكَ منهكةً, كليمةً و قد نَجَحَتْ في الخُروجِ من ضوضاءِ و مآسي جَسَدكْ..
و ترْمُقُكَ بِنَظْرَةٍ أَعْظَمُ أَثَراً من نظرة القَلَمِ و العقاربِ و الأصابعِ و الحُمّى..
و من ثمّ تُلَمْلِمُ شَتاتَ نَفْسِها ..و تذهَبُ بَعيداً و تَتْرُكُكَ في بُقْعَةِ احتِضارِكْ...