تمهــيد
للنقــــــــــد والمشـــــــــورة
بأعينٍ يملؤها الدمع كان كلامـاً مقتطباً كله مرارة
- أنويت ؟
- غداً إن شاء الله
- ستراسلني ؟
- يومياً إن استطعت
- عامين كاملين لن أراك ؟
- ربما فى مرارة الانتظـار لذةٌ أحلى
قالهــا وكانت آخر كلمة بينهمـا ثم طـار ..!
ساعة الوصول
فى أرض المطـار وقف ينتظر من كان بانتظـاره ، فهو لا يعرفهم ولا هم يعرفونه ، لافتة صغيرة كتب عليها اسمه غير صحيح ، استفسر ، فقيل له مرحــباً .
اليوم الأول
وقف وخلفه باب موصد ، وأمامه مكتب كبير خاوٍ إلا من بضع ورقات وقلم فقد غطاؤه وخلف هذا المكتب كرسي أسود أعطاه ظهره ، ألقى السلام ، التف المقعد ، قــال :
- مرحـباً
- أهلاً بك
- أنت الجديد معنا ؟
- كان هذا بالأمس
- ألا تعرفني ؟ أنا كفيلك ..
- مـاذا قلت ؟ كفيلي ،، كيف ؟
- اسأل أصدقاؤك .
خرج دون تعقيب وبينه وبين نفسه :
وأين هم أصدقائي ، أنا لم أر أحداً هنا يحـاول التقرب من أحد ،
اليوم الثاني
محادثة على الهاتف
- ولدي
- أمي
- ألم يئن بعد ،، والدك مريض يريدك
- وماذا فى استطاعتي عمله يا أمي ، أنا هنا سجين
- قلت لك يا بني نار هنا أرحم من جنة هناك
- الله المستعـان ، وهذا قدر .
اليوم الثالث
خطاب من أخيه
.... أتذكر الطير فى حقلنا ، كنت دائمـاً تراقبه حتى اشتد ، وإني أعلمك بما كان :
أنهى الطائر تجهيز العش ، لكنه فقد العصفورة ، فقد خطفها من جانبه غراب أسود .
ختاماً لك الله .
اليوم الرابع
شريكٌ بالدرب يصرخ نائمـاً :
سرقته .... كان يستحق السرقة .... ردوه إليَّ رفاقي .... ، ثم يكمل غيبوبته حتى الصباح .
اليوم الخامس
فى نفس المكتب ، ونفس المشهد ، ونفس المقعد :
- قررت أن أكون كفيل نفسي كما كنت
- لك ما أردت واخبرنا متى أردت تكرارها
- والله لن يكون .
اليوم السادس
ساعة الوصول
أبنية حجبت الشمس ،، وجوه تجعدت ،، ظهور انحنت ،، جباه اقتربت من الأرض ، قد تبدل الحال فى ستة أيام .
بقية اليوم السادس
- أماه
- ولدي
- متى كان ؟
- منذ عام تقريباً
- أين أجده أمي ؟
- في مدفنكم الخاص يا كبدي .
بقية اليوم السادس
- أخي
- أخي
- أين الغراب
- ألم تسأل عن العصفورة
- قد فقدت الطائر هناك
- فاستفق أخي ، وقل لي ، متى كان لك في يوم جناحان ؟
بقية اليوم السادس
في طريقه لزيارة والده ، أقصد المدافن ، هذا يسلم ، وذاك يبتسم ، والكل واجم
بقية اليوم السادس
فى طريق عودته ، رآها ، استوقفته
- قلت عامين
- وقد كان أقل بكثير
- منذ متى لم تطالع اليومية
- ما قصدك
- استفق أنت غائب عنا منذ ثلاث سنوات
- فى ست أيام ؟ كيف حدث ؟
بقية اليوم السادس
في جلسته الخاصة ، وقف أمام الباب ، تارة ينظر إلى الأرض فتفيض عيناه ، فيرفع رأسه للسمـاء كي تشرب عيناه دمعـه ، فيبتلعه ، ويتذكـر المـرارة التي شعر بهـا منذ ستة أيام ، فيقول :
الآن أتذوقها وأنا أعرف كنهها .
تمت .....
محمودالبدوي
للنقــــــــــد والمشـــــــــورة