قهوتي
سمعت حديثا أهاج مكانا صغيرا في ذاتي يحب القهوة .
لا بدأنها عاتبة عليّ تلك القهوة التي كان لها عندي طقوس مفعمة بالرائحة القوية الشهية .
بدءأ من انتقاء حبات البن الخضراء الجميلة الممتلئة ، التي كنت أبتاعها من مستوردها .
كنت أخذ منها قبضتين ويبدأ الطقس:
تخرج أدوات التحميص المختلفة ، ومطاحن البن الخشبية والنحاسية العتيقة ، التي كنت أفضلها عن تلك الكهربائية .
كانت أمي يرحمها الله تقول :حبة البن إن لم تحمصها بيدك وفي بيتك ، ثم تطحنها أنت ،فإنها تفقد رائحتها وكثيرا من نكهتها .
تنطلق الروائح الشهية فيتضبب المكان فأحس كأني في كهف خرافي أبحث عن كنز دفين لا يظهر إلا بطقس من رائحة ودخان .
أجمع ذريرات البن التي طحنتها بحنان وحب وألملمها بعناية كما تراب الذهب، في علبة صغيرة محكمة الغطاء كي لا تهرب الرائحة ،وأما الغلايات فقد كان لها حيزمكاني آخر في بيتنا وهي مختلفة الأشكال والألوان .
هممممممممم
قهوة أقرب للسواد ، بلا إضافات من أي نوع . لا سكر ولا بهار.
لاحتساء القهوة طقس جميل آخر
لم أكن أحب الفناجين الفاخرة الصنع ، وما زلت أحب فناجين الخزف المصنعة يدويا ( بعضها من صنع يدي ) منذ كانت تربة صلصالية مرورا بتخميرها وعجنها ثم تشكيلها وخبزها في فرن خاص لتصبح فخارا مساميا وهذا هو الخبز الأول .
نعم .كان هناك(حرقا ) أوخبزا آخر بعد طليها بمادة التزجيج الشفافة أوالملونة ، وكنت أحيانا
أرسم بهذه المادة أشكالا ورموزا وأحيانا أكتب اسمي وأسماء الصديقات لتعرف كل منا فنجانها .وتكون نتيجة الحرق الثاني فناجين جميلة تحتفظ بلمسات اليد هنا وهناك لتكون ذكرى وشاهدا على وقت سيمر .
لا بد أنها تذكر -هذه الفناجين- سهراتنا معا أمام لوحة قيد الرسم ،تذكر كم عدد المرات التي اغتسلت فيها فرشاتي في حمام قهوتها سهوا !!
هل حقا تذكرنا الأشياء التي أحببنا كما نذكرها نحن؟