زهرة ، أيتها الفتاة الطيبة الخلوقة ، أعدك أن أعود قريباً ، لا تجزعي لا تحزني ، حبيبتي .
كان ذلك صوت أحمد ، في ليلة من ليالي الشتاء يهتف للنائمة بقلق ، تركها زوجها ، إنها تعلم أنه في مهمة للوطن، لكن شوقها إليه منعها من النوم العميق لثلاثة أشهر، تتلمس كل مكان جلس فيه في حنايا البيت ، وقبل ذلك تتلمس ما تركه في حنايا قلبها من جمال ، من حب للوطن ، للأرض ومن حب لها .
تستقيظ في الليل باحثة عنه ، وكأنها لا تصدق غيابه عنها ، تعود إلى رشدها ، تنظر إلى الوسادة الفارغة ، تدمع عيناها ، ثم تشعر بحركته ، ذلك المشاغب الذي يسكن بطنها يحاول أن يخرج للضوء ، تبتسم ، وتتسائل :هل تشهد يا احمد مولد ابنك؟
طوال مدة غيابه لم يكلمها بالهاتف قط ، كانت تلك تعليمات القيادة ، لا اتصالات ، لا تواصل مع أحد من الداخل، وكان أحمد يدرك أن أي مخالفة للأمر تعرض مهمته للفشل.
كادت تعاف الطعام، لكنها في كل مرة تتذكر أحمد يطعمها بيديها قائلاً : كلي جيداً ، حتى يخرج الأبن قوياً كأبيه، جميلاً كأمه، فتقبل على الطعام ، حتى لا يحزن زوجها الغائب عنها.
ينظر إليها بحنان ، يكلمها برقة ، واليوم تشعر بأنها تفتقده ، تفتقد حنانه ، رقته ، همسه ، شعره الجميل الذي يتغني به متغزلاً بها.
أحمد .... أحمد حبيبي ، اين انت ؟ تتسائل وقد تمددت على سرير المشفى القريب تنتظر المولود، ربما كان شوقها لأحمد مسلياً لها عن ألام الوضع.
جاءت الممرضة ، أخذت تعالج الوضع بحكمة الخبيرة، صرخ الطفل ، و"مبروك" قالت الممرضة.
وضعت زهرة وليدها على صدرها ، ألقمته ثديها ، ذهبت الممرضة قليلاً لتعود إليها قائلة : زوجك بالباب يستأذن بالدخول ، دهشت زهرة ، أطل رأسه الجميل من وراء الباب ، مبتسماً كعادته ، ينظر إليها ذات النظرة الحانية، تبتسم زهرة ثم تبكي وهي تقول : أحمد
انتهت