المكان : كوخ على شاطئ بلد عانت من الإحتلال والظلم
الزمان : ليس للظلم زمانا فهو موجود منذ خلق الله ادم حتى هذه اللحظة
البطل : رجل أينع رأسُه فحان قطافه
سقطت على مسامعه أصوات توحي بأنها سيارات جنود, بعد أن أدمن الصمت لأيام قليلة لجأ خلالها الى هذاالكوخ الوحيد على الشاطئ ذا الجدران الصامتة , ليستعد للقائهم مرة أخرى .
أدرك الان أنها النهاية وأنه أمام خيارين لا ثالث لهما , إما أن يُعجل الخطى للإستسلام لهم وإما أن يودع الحياة بعد أن يُفرغ الحقد القابع في صدره عليهم أكواما .
بدأت حباتُ العرق تغزو مساحة ذقنه بكثافة , ويات التشاؤم يفترس كل خلية من خلايا جسمه , وانتابه شعور بالضيق في صدره ولم تُفلح أنفاسُه المتلاحقة بإطفائه , وكلما مر الوقت إزداد هذا الشعور لديه .
تعالت أصواتهم تناديه بالإستسلام , وللحظة من الزمن القليل المتوفر لديه انتشت ذاكرتُه بصورة الحبيبة , وصوتها المخملي الهادئ , وعلت شفتيه ابتسسامةٌ صغيرة ,فراودته الحياةُ للحظات ... خفق قبله متسارعا , وأخيرا ... أمسك بالبندقية التي كانت تشكو الوحدة في زاوية الكوخ , وقرر أن يُنهي الصراع في داخله ....وخرج يُسابق الشمس قبل غروبها , ثم أطلق عليهم الرصاصات الأخيرة , سقط أحدُهم قبل أن تصل رصاصة إلى صدره العاري ....
إستقبل الصدرُ الرصاصةَ بحفاوة ,وتركها تُصارع شموخَ هاماته لحظات قليلة , تاركتا له الفرصة لإطلاق كلمة أخيرة لعل الملائكته توصلها إلى أهله : لا تبكو عليّ بل اتركوني أبكي الان عليكم ...
والان.. الان فقط خرج الضيق الكامن في صدره متسللأ مع الدماء النازفة , وخرجت معه الروح إلى بارئها بعد أن ابتسم الثغُر مسرورا بنشوة الشهادة ...
أما الشمس فقد هوت خلف البحر معلنتا وقت الغروب , وبللت الأمواجُ رمالَ الشاطئ كعادتها .