أسلحة الدمار الشامل البشرية
بقلم: ناصر الماغوط *
أخبار الشرق - 24 نيسان 2004
صرح مصدر مطلع رفض الكشف عن اسمه في شركة "كلوننغ" المختصة بإجراء عمليات استنساخ الأجنة البشرية أن السلطات الأمريكية قد نقلت سراً الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين من مكان احتجازه الحالي في العراق إلى مختبرات الشركة في كاليفورنيا بهدف إجراء بعض التجارب عليه لدراسة إمكانية استنساخ عدد من الأجنة عنه ليكونوا سلاح أمريكا الفتاك في حروبها القادمة للاستعاضة بهم عن ترسانتها من الأسلحة النووية والتقليدية. وبموجب الدراسات الاستراتيجية العسكرية الحديثة فإن لأمثال صدام حسين أثرا تخريبيا على البلاد التي يحكمونها يفوق عشرات أضعاف ما للأسلحة الفتاكة المعروفة حاليا كالأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية وغيرها. وتأتي هذه الدراسة مكملة لنظرية "الفناء الذاتي" التي تقول بإمكانية تدمير أي دولة مع الوقت دون اللجوء إلى شن الحروب عليها وذلك من خلال تنصيب بعض القادة المصابين بهوس السلطة الذين يحكمون بلدانهم حكما فرديا.
هذا وقد كشف المصدر أن صاروخا واحدا حاملا لرأس صدام حسين إذا ما ارتطم بدولة ما، كاف وحده ليكون ميلادا لثورة حقيقية تقلب حياة ذلك البلد رأسا على عقب وتحول تقويمها إلى مناسبات متوالية من الإنجازات والاحتفالات والمسيرات والانتصارات، وبقدر ما تتعمق الثورة وقيمها في نفوس الجماهير وفي لاوعيها، بقدر ما تكون هذه القنبلة البشرية قد أصابت منها مقتلا، فتتركها بعد عقود من الارتطام بها أرضا يبابا، وهذا ما تعجز عنه أكثر الأسلحة النووية المعروفة فتكا حتى الآن.
ودعماً لصحة نظريتهم يضرب الباحثون من شركة كلوننغ مثلا على ذلك أن مدينتين يابانيتين قد ضربتهما الولايات المتحدة بالقنابل النووية منذ حوالي ستة عقود، لكنهما اليوم مزدهرتان تماما كباقي المدن اليابانية الأخرى، لأن القنابل النووية قد أصابت المنشآت والمدنيين لكنها لم تصب الإنسان كفكر وإرادة في اليابان، إذ استطاع الإنسان الياباني هناك تجاوز تلك الكارثة وأزال آثارها. كذلك الأمر بالنسبة لأوروبا التي كانت مسرحا لأعنف وأشرس حربين شهدهما العالم بتاريخه، لكنها نهضت من بين الرماد والخراب أقوى وأغنى وأجمل بفضل العلم ورؤوس الأموال والقوانين، ماحية كل أثر للحرب من على أراضيها.
وأكثر من ذلك، تقول الدراسة، فإن كل الحروب والكوارث الطبيعية من براكين وزلازل وأوبئة لا يعادل أثرها على أي بلد ما يتركه سقوط صاروخ واحد حامل لرأس حزبي من نوع صدام حسين الكفيل بتدمير أغنى البلدان بين عشية وضحاها من خلال حروبه الدينكوشوتية وميليشياته المسلحة وأجهزته الأمنية المرعبة التي تدمر روح الإنسان ذاته وتحوله إلى مجرد كائن حي، يشبه كل الكائنات الموجودة في الطبيعة ماعدا الإنسان.
هذا وتفكر الشركة باستنساخ أجنة أيضاً عن جورج بوش وشارون، وتقول إن صاروخا حاملا لرأس جورج بوش سوف لن يكون أقل خطورة من نظيره الحامل لرأس صدام حسين. إذ يعتبر جورج بوش اليوم أخطر على بلاده من الترسانة النووية التي تمتلكها روسيا والصين وفرنسا مجتمعين، لأن الرئيس الأمريكي قد ضاعف بعملياته الحربية وآرائه الدينية وتصريحاته البلهاء من كراهية شعوب العالم بلا استثناء للولايات المتحدة مما جعلها عرضة للتهديد انتقاما من سياستها. كذلك الحال بالنسبة لآرييل شارون، فإن صاروخا حاملا لرأسه إذا ما تم ضربه على دولة ما، فإنه يدمرها تماما وبسرعة قياسية، لكن العلماء يحذرون بأن خطره على البيئة ذاتها كبير جدا وبالتالي فإنه يعتبر خطرا على مقومات الحياة على الكرة الأرضية.
وحالما تم نشر تلك الدراسة؛ بادرت جماعات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة وحزب الخضر لإقامة اعتصامات وتنظيم مسيرات احتجاج على هذه الخطط الشريرة، كما طالبوا بإزالة أصل البلاء والذي هو الرئيس جورج بوش وذلك بعزله عن السلطة لتخفيف الأخطار الناجمة عن أعماله خلال سنوات حكمه وتوقيفه عرفيا وتقديمه للمحكمة العسكرية الأمريكية أو محكمة الميدان أو محكمة أمن الدولة ليحاكم بموجب قانون طوارئ أمريكي يشرع خصيصا له يضمن أن يتم إعدامه فورا داخل زنزانته نظرا لخطورته على وطنه وشعبه وعلى الأمن والاستقرار في العالم، ولوقف التدهور الكبير في العلاقات الدولية ووضع حد للأضرار الكبيرة التي ألحقها بمصالح بلاده حينما شن حروبه الاستعمارية على أفغانستان والعراق مهددا بتوسيع دائرة تلك الحروب المزعومة على ما يسمى بالإرهاب ودعمه اللامحدود لآرييل شارون الذي يزيد بشاعة الولايات المتحدة اليوم بشاعة، وقبل ذلك دعم والده لابن لادن والقاعدة أيام الحرب الباردة، ودعم الولايات المتحدة اللامحدود تاريخيا لكل الأنظمة اللا إنسانية في شتى بقاع الأرض محولة بذلك العالم لمستعمرة تتكاثر فيها جرثومة "الإرهاب" بمتوالية هندسية.
وقد أيدت مجموعة من المفكرين العسكريين المخضرمين البارزين في الولايات المتحدة الفكرة التي طرحتها جماعة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة المطالبة بتقديم جورج بوش للمحاكمة فورا لعدد من الأسباب ومن أهمها العمل الذي قام به في العراق والذي أدى إلى سقوط النظام هناك والذي أدى بدوره إلى انفلات أمني هدد المنطقة ومصالح الولايات المتحدة فيها قبل غيرها، بينما هي ذاتها التي عملت على مدى عقود طويلة لرعاية معظم الأنظمة هناك والتي شكل وجودها صمام أمان وعامل استقرار للمنطقة، وهو الشرط الضروري لازدهار الولايات المتحدة.
من ناحية أخرى سارعت هيئة من القانونيين في الولايات المتحدة إلى إصدار حكم افتراضي بحق الرئيس جورج بوش جاء فيه:
حيث أن حاكم العراق كان عبارة عن عصا غليظة بيد الولايات المتحدة تلوح بها في المنطقة ضد أي كان من حلفائنا التقليديين في الخليج لتخويفهم من خلالها وفرض ما يسمى بنظرية "التهديد والحماية" وهو ما أمَّن لشركات صناعة الأسلحة زبائن دائمين في المنطقة لفترات طويلة، فقام جورج بوش بتخريب ذلك.
وحيث أن النفط العراقي وغير العراقي مصيره إلى مخازننا ومستودعاتنا لأن العرب يملكون النفط ولا يعرفون استخراجه وليس أمامهم سوى التعاون معنا في إنتاج نفطهم وبيعه سواء لنا أو لغيرنا مقابل المال لينفقوه على حاجياتهم اليومية، بينما اليوم لا يمكن سد حاجة الشعب العراقي من النفط المستخرج بسبب انعدام الأمن، فكان جورج بوش هو من تسبب بتعطيل ذلك.
وحيث أنه من الواجب أن تضع الولايات المتحدة نصب عينيها هدف تحسين صورتها لدى مختلف شعوب العالم، وخصوصا المنطقة العربية نظراً لأهميتها، وإذ بالمدعو جورج بوش، من خلال حروبه المزعومة ضد ما يسمى الإرهاب، ودعمه اللامحدود للبلدوزر المنفلت شارون قد ألب وحرض شعوب العالم وحتى الشعوب الأوروبية ضد سياستنا، ولا تخفى مسؤوليته في ذلك.
وحيث أن الوضع في أفغانستان اليوم أسوأ من أيام طالبان وفي العراق أسوأ من أيام صدام حسين وفي فلسطين قد يكون الأسوأ من نوعه في التاريخ على يد شارون الذي يشكل وجوده خطرا ليس على الشعب الفلسطيني فحسب، بل وأكثر منه على الشعب اليهودي ذاته، وعلى الأمن والاستقرار في الولايات المتحدة.
لهذه الأسباب، فقد حكمنا عليه بالإعدام.
_________
* محام وكاتب سوري - دمشق