عَوْدَةٌ مِنْ سُجُونِ الظَّلاَم
تَنَحَّ قَلِيلاً...
لأُبْصِرَ خَلْفَكَ وَجْهَ الصَّبَاحِ يُطِلُّ عليَّا
وَيُهْدِي إِلَيَّا
قَصِيدَةَ شَمْسٍ
تُكَحِّلُ أَحْرُفُهَا مُقْلَتَيَّا
تَنَحَّ وَلَمْلِمْ جُيُوشَكَ يَا أَيُّهَا اللَّيْلُ
إِنِّي هَزَمْتُكَ...
إِنِّي هَزَمْتُكَ...
فَانْظُرْ
إِلَى دَمِكَ الأَسْوَدِ المُتَهَاطِلِ..
وَانْظُرْ لِخِنْجَرِ شِعْرِي
يَشعُّ سَنَا طَعْنَةٍ فِي يَدَيَّا
تَجَبَّرْتَ يَا أَيُّهَا اللَّيْلُ...
كُنْتَ مَدَى الأَزْمِنَةْ
تَلُفُّ الظَّلاَمَ بِصَمْتٍ رَهِيبٍ وَتَسْتَعْبِدُ الأَلْسِنَةْ
وَتُلْقِي إِلَى العَاشِقِينَ
وَسَائِدَ حُلـْمٍ
لِكَيْ يَغْرَقُوا فِي خَيَالاَتِهِمْ...
وَيَعِيشُوا بِِدُنْيَا المُنَى...
مَسَاكِينُ هُمْ يَحْسَبُونَ المُنَى مُمْكِنَةْ
تُرَى كَيْفَ أَقْنَعْتَهُمْ أَنَّهَا مُمْكِنَةْ؟
تُرَى كَيْفَ أَقْنَعْتَنِي ذَاتَ عِشْقٍ
بِأَنَّ المُنَى مُمْكِنَةْ؟
وَأَنَّ بُرَاقَ الخَيَالِ
يَقُودُ إِلَى وَطَنٍ ضَاحِكٍ
عَابِقٍ بِالسَّلاَمِ وَبِالحُبِّ...تَسْكُنُ فيهِ الطُّيُورُ
وَتَمْلَؤُهُ دَنْدَنَةْ
وَهِمْتُ
وَقَلْبِيَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَشْتَرِي وَطَناً مِنْ سَرَابِ الرُّؤَى
بَاعَ مَوْطِنَهُ... لَيْتَهُ لَمْ يَبِعْ مَوْطِنَهْ
وَلَمْ يَقْتَلِعْ مِنْ جَنَائِنِ أَهْوَائِهِ سَوْسَنَةْ
لِيَزْرَعَهَا شَوْكَةً فِي حُقُولِ الحَقِيقَةِ/وَاقِعِهِ
لَيْسَ فِي زَهْرَةِ الحُلْمِ عِطْرٌ يَضُوعُ
لِيَغْسِلَ بِالعَبَقِ الأَمْكِنَةْ
بَنَيْتَ لَنَا أَيُّهَا اللَّيْلُ قَصْراً
مِنَ الوَهْمِ...زَخْرَفْتَهُ بِنُجُومِ الأَمَانِي
فَطِرْنَا جَمِيعاً إِلَيْهِ
لِكَيْ نَسْكُنَهْ
رَكَضْنَا وَرَاءَكَ مِنْ دُونِ وَعـْيٍ
فَأَشْرَقَتِ الشـَّمْسُ مِنْ خَلْفِنَا
وَيْحَنَا...وَيْحَنَا
لَمْ نَذُقْ رَوْعَةَ الصُّبْحِ...لَمْ تَسْتَطِعْ
أَنْ تُعَانِقَ أَعْيُنُنَا أعيُنَهْ
وَلاَ أَنْ نُضَمِّدَ بِالنُّورِ جُرْحاً
تَوَغَّل فِينَا
سِنِيناً
وَأَحْرَقَ سُنْبُلَةَ الرُّوحِ...
وَاجْتَثَّ جِذْرَ البَرَاءَةِ وَالحُبِّ..
كَيْفَ سَيَكْبُرُ إِنْسَانُنَا
كَيْفَ تَغْدُو مَشَاعِرُنَا رَوْضَةً
وَهْيَ مِنْ غَيْمَةِ الفَجْرِ
لَمْ تُسْقَ رَيَّا
خَسِرْنَا بِجَوْفِكَ يَا أَيُّهَا اللَّيْلُ أَشْيَاءَنَا كُلَّهَا
ثُمَّ عُدْنَا/صَحَوْنَا عَلَى الجَدْبِ...
كُلُّ الفُصُولِ خَرِيفٌ
وَكُلُّ الدُّرُوبِ ضَيَاعٌ
وَلاَ شَيْءَ يَمْلِكُ شَيَّا
دَمٌ أَسْوَدٌ يَتَهَاطَلُ
خِنْجَرَ شِعْرٍ بِكَفِّيَ يَلْمَعُ
نَزْفٌ كَثِيرٌ
شُحُوبٌ يُلوِّنُ وَجْهَ السَّمَاءِ
وَضِحْكَةُ طِفْلٍ غَرِيرٍ
تُعَرْبِدُ فِي شَفَتَيَّا
قَرِيباً سَتَسْقُطُ مِثْلَ سُقُوطِ الوَرَقْ
أَخِيراً سَتَسْقُطُ مُنْدَحِراً يَا عَدُوَّ الأَلَقْ
سَأََكْسِرُ صَمْتَ السِّنِينِ الطَّوِيلَةِ
إِنَّ هُنَالِكَ بُرْكَانَ شِعْرٍ يُزَمْجِرُ فِيَّا
سَأَسْبِي نُجُومَكَ...
سَوْفَ أُعَلـِّقُ بَعْضَ الأَغَانِي ثُرَيَّا
أَنَا عَائِدٌ مِنْ سُجُونِ الظَّلاَمِ
وَمِنْ غُرْبَةِ الحُلـْمِ جِئْتُ
أُغَنِّي
وَأَسْكُبُ شَلاَّلَ حُزْنِيَ لَحْناً شَجِيَّا
تَسَاقَطْ
تَهَاوَ...وَمُتْ صَامِتاً أَيُّهَا اللَّيْلُ
إِنَّ سَمَاءَكَ قَدْ نَزَفَتـْكَ
دَماً أَسْوَدَا
لَمْ تَعُدْ لَكَ
عَلَّقْتُ فِيهَا أَغَانِيَّ نَابِضَةً بِالحَيَاةْ
أَنِيرِي أَغَانِيَّ هَذَا الضَّيَاعَ
أَعِيدِي الحَيَاةَ إليَّا
أعيدي الأمان إليَّا
أَنِيري ...امْنَحِي سُفُنِي مَرْفَأً كَيْ لِتَرْسُوَ فِيهِ
وَتـُلْقِيَ عَنْهَا بَقَايَا المُنَى..
ثُمَّ تَمْضِي وَتَسْلُكَ دَرْباً جَلِيَّا
أَنَا عَائِدٌ مِنْ سُجُونِكَ يَا لَيْلُ
عُدْتُ إِلَيَّا
تَرَكْتُ هُنَالِكَ ضَعْفِي الكَبِيرَ
رَجَعْتُ قويَّا
غَرَسْتُ بِجَنْبِكَ خِنْجَرَ شِعْرِي
فَأَرْدَاكَ
إِنِّي هَزَمْتُكَ...
إِنِّي هَزَمْتُكَ...
مِنْ قَبْلِ أَنْ أَطْعَنَكْ
هَزَمْتُكَ يَوْمَ اسْتَفَقْتُ
وَقَرَّرْتُ أَنْ أَلْعَنَكْ
وَعُدْتُ لِنَفْسِيَ حَيَّا