_ أحمد إن لك مستقبلاً مشرقاً ،ستصبح أستاذأ معلماً، كما كنت أتنبأ لك دوماً ....
_لكنك يا شيخي تركتني ... تركتني لهذه الدنيا التي لا زلت افقهها جيداً رغم خبرتي فيها .
_أنت ذكي يا أحمد ، وصدقني ستكون أحمد الذي رسمته في مخيلتي .
_أخشى أن أخذلك يا شيخ صلاح.
_اسع دائماً أن تصدق مع ربك ، بذلك ستكون صادقاً معي .
شردت عيناه قليلاً ثم انتبه.
_ لكن ، لماذا فارقتني هكذا ، حتى من دون وصية توصيني بها .
_بني ، دوما كنت المقرب عندي ، أعتبرتك ابني ، وغرست فيك مبادئي ، وها أنت أصبحت رجلاً ، لا تحتاج لوصية.
_شيخي ، صعب على الإنسان أن ينشأ يتيماً من كل شيء، لقد فقدت الوالدة ، وفقدت الأخ ، وفقدتك أنت فقدت المعلم والشيخ.
بكى أحمد حينها ، لبتقدم منه الشيخ ، يهدهده بكلتا يديه ، يمسح دمعتين من على وجنتيه، ثم يضمه إليه قائلاً : ولدي.
استفاق أحمد ، فجأة ليشعر بدفء الشيخ يضمه إليه، يطيل النظر في الهواء لعله يبصر طيف الشيخ، أه تذكرت إنه يزورني في المنام فقط قال أحمد .
نظر أحمد حوله ، رأى على سريره زوجه الحسناء زهرة، وابنه صلاح، قبل الزوجة والإبن قبل أن يقوم متطلعاً إلى ساعة الحائط ، إنها الثانية بعد منتصف الليل ، ما أجملها من ساعات للخلوة.
يدخل الحمام ، يخرج بعد ثلث ساعة ، الماء يسيل من وجهه وشعره، ويمسك المصحف ليتلو بصوته الرخيم " يس والقرآن الحكيم ، إنك لمن المرسلين ......" يبكي ، تبتل لحيته بدموعه، ثم يقوم مصلياً لله تعالى.
تستفيق زوجه زهرة، تنظر إليه باكياً رافعاً كفيه إلى السماء ، تتمتم معه في دعاءه :آمين
ينتهي من صلاته وهي ترقبه ، يقبل عليها وقد أشرق وجهه بالنور، البسمة تملأ كيانه يجلس بجانبها يهدهد ابنه الذي استيقظ لتوه.
_ أحمد ، هل تعرف ؟ أنت تشبه الشيخ صلاح كثيراً .
يبتسم ، بوقار ، ويكتفي بنظرة لها كأنه يحثها على الحديث.
_نعم إنك تشبهه ، صحيح أنني لم أقابله سوى مرتين، لكن روحانيته أشعرها فيك ، لقد أثر فيك هذا الرجل.
حينها دمعت عيناه ، لتسقط الدمعة على صلاح الصغير ، فينتبه إلى أبيه ، وكأنه يقول له : لا تبك يا أبتي.
_زهرة ، حبيبتي الشيخ صلاح ترك في كل من عرفه بصمة ، لكنه ترك في الكثير ، لقد علمني على البذل والتضحية والعطاء.
_ألذلك تتركنا كثيراً وتسافر .
_أيتها الغالية، هل قصرت فيك بشيء؟
_لا أبداً ، أبداً يا حبيبي ، أنت إنسان رائع ، ولا تنس أنني في ذات طريقك ، فأمض كما تحب، ستجدني صابرة في كل أمري.
_أرجو ذلك يا زهرة، وأرجو منك أن تجهزي نفسك لسفر قريب إن شاء الله تعالى
_ هل ستأخذنا ؟ إلى أين؟
_ إلى بيت الله الحرام بمشيئة الله ، لنعتمر يا حبيبتي .
حضنته زهرة بود ، إنها في شوق لبيت الله الحرام ، كما أنها ستشارك أحمد لأول مرة في سفره
ثم همست له بكل حنان : أحبك
انتهت