|
فارقتني ففقدتُ - مُذْ ذَاك - الهدى |
وهجرتني , والهجرُ بدَّدَني سُدى |
وسلبتَ عُمرًا – فيكَ قدْ أهدرتُهُ - |
فرَّقتَهُ قِدَداً تلاشتْ في المدى |
ياليتني ماقد عرفتكَ مطلقا |
ياليتني ماقد عشقتُ مُجَدَّدا |
أين الذي قدَّمتُه ؟ رغم الجفا |
أين الذي أوَّدتُه فتأوَّدا ؟ (1) |
أين انعطافي واتِّقادي والوفا |
باتت حطاماً - في الشعاب - مُرمَّدا (2) |
أين الصَّفا – ويلاي- كدَّره النَّوى |
وغدت ليالينا رجُوماً صُرَّدا (3) |
ومضت تراتيلُ الهوى في حَيَّنا |
حُلُمَاً تَمَشَّع في الدُّجى وَتَفَنَّدا (4) |
ألبستني ثوب الضَّنا و ظلمتني |
و عَمَيتَني , لمَّا حسبتُكَ إثْمِدا |
و شهدتَ معترك التّوجُّدِ في دمي |
فضربتَ صفْحًا عنْهُ , باتَ مُشرَّدا |
و شَقَقْتَ - في صَلَفٍ - عُرى أشواقنا |
و أنا التي وثَّقتُ حبُّك مُذْ بدا |
و أنا الّتي أُشربتُه لك َخالصا |
وَ خَصَصْتُ قلبَكَ – في الصبابةِ - مُفردا |
و أنا الّتي أبدعتهُ لكَ صادقًا |
وأنا الّتي قطَّرتُهُ فتشهَّدا(5) |
و أنا التي آويتُ توقَكَ كلما |
عصفتْ به ريحٌ فهاجَ و أزبدا |
و أنا التي خالطته لك بي أنا |
وَ سلخْتَهُ عن روحهِ فَتَفصًّدا (6) |
فرضيتَ قتلي دون أيِّ جريرةٍ |
و رغبتُ أن تبقى الرَّضِيَّ الأسْعدا |
و نسيتَ وصلاً من يَدِيّ جنيتَه |
و جزيتني هجرا ظلوما جَلْمَدَا |
أسقيتني غُسلَ القـُراح و لم تزل |
تسقي رياضي القيحَ في كأس الصدا (7) |
و رشفتَ من عرقي شعوراً صادقا |
و تركْتَهُ , إذْ جفَّ , من بعد الندى |
و عبثتَ في روحي شَقِيَّاً مُعْتِبا |
و تركتَ أنفاسي لهيبًا أسودا (8) |
وَ غزوتَ أحنائي حنيناً جارفا |
و تركتَها مِزقًا ليهتكَها الرَّدى |
و بلوتني بالشَّوق يرشق مُهجتي |
و نثرتُه لكَ حَالِماً ومُوَرَّدا |
و مسحتُ دمعَكَ - أفتديه – بأضلعي |
و حَطَمْتَ ضلعًا – في هُيامِكَ - مُجهدا |
و يلاي منكَ فقد ألفتكَ صاحبا |
و الآن يصحبني الفراقُ تَوقُّدا |
ماذا أروم الآن من دهري سوى |
طيفٍ يفرِّق مُهْجَتِي كَمَداً غدا |
صاحبتُ غيظكَ – و السماحةُ في يدي - |
وصحبتَ أوجاعي مَلوماً مُرعِدا |
أشقيتَ أورادي الندية بعدما |
غنَّى لها طيرُ الغرام و غرَّدا |
و شكوتني وأنا التي أشكو الضنا |
و بكيتَ منى ظالماً مُتَمَرِّدا |
و نشرتَ حرفكَ مُرعِـفا و مُسَيَّفا |
و بقيتَ حتى في ضلالك سيِّدا |
ألهبتَ قافيتي , فشعري قد غدا |
برقاً يُسابقُ لَوعتي مُتَعَمِّدا |
قلْ جاحداً قلْ ناقماً قل ساخطا |
قل ما ارتضيتَ – من الكلامِ - مُهدِّدا |
إني وجدُّتك ثائراً لاترعوي |
أبدا و لا ترجو خلاصي مُبْتَدا |
و وجدتُ أنكَ مذ نشأتَ مُدلَّلا |
تلقى الجواري – في بلاطِكَ - سُجَّدا |
و وجدتُ ظنَّك بي رديئاً أجعدا |
لمَّا يقيني قدْ حباكَ الأجودا |
أنسيت طعم الوصل مني – خمرةً - |
و هربتَ من حِضني لترميني عِدا ؟ |
و نسيتَ صمتكَ عابساً متجهِّما |
و براحتي سويَّتُه , فتنجَّدا (9) |
نشَّبتَ أوقاتي على خُشُبٍ النوى |
أبكي هواني , إذْ نسيتَ الموعِدا |
أقبلْ وكَفِّرعن ذنوبكَ راضخا |
قيَّدت قلبي مجبراً فتقيَّدا |
إنِّي برئتُ الآن من لومٍ مضى |
جنّدتُ حرفي لاسعاً فتجنَّدا |