هكذا فرقنا الإحتلال ، تطور حتى يقاتلنا من جديد ، يفرق بين السماء وبين الثرى، ففرعون باقٍ يحث إلينا الخطى، ليرسم فينا علامات بؤسٍ، ويقتل فينا صوت الحنان إلى خبز أم وقهوة أم ولمسة أم.
الرابط أعلاه يحكي لنا معاناة
وأعذروني إن بكيتم
ولا تكبر فينا الطفولة ، لأنا نموت قبل فصول الربيع، قبل أن تزهر فينا براعم فاكهة الصيف، لأنا نموت كأوراق فصل الخريف ، تذروها رياح الشتاء فكيف ستكبر فينا الطفولة.
مرسيل عذراً ، فلن تستطيع بلوغ المرام، ولن تلوك الرغيف، ولن تشرب القهوة الشقراء لأنها من اختصاص الكبار، ولست كبير، ولمسة أمك فيها من البرد شيءٌ كثير، لأن روح أمك فارقت كل شيء جميل .. إلا السماء ، ووجه الفضيلة عليها الدليل.
وأمي وأمك أرض القداسة ، حين تُروى بدماء الرضيع، وتكبر فيها النخيل، وحين نهز بالجذع فلن تساقط علينا الثمار ، ولن تستطيع تغيير شيءٍ قديم.
هكذا فرقنا الإحتلال ، شتت فينا ملامحنا ، أجبرنا على أن نعيش الضياع، نترك أرض القداسة ، التي هي أمي وأمك ، ونرضع ثدي أم التغرب ، وعيني وعينك فيها بريق الحنين.
هكذا يصنع سرداباً من المؤذيات ، فوجه القباحة فيه ،وجه الرذيلة فيه ، وحتى التيتم فيه، وحتى نزوعٍ إلى الذل فيه، وبعض الأحبة يدخلون إليه ولا يخرجون فأين السبيل.
وكيف رحاب ؟ ، ألا تزال فيها بقية من صبرا وشاتيلا ، أم أنها ألقت الذكريات بعيداً .
رحاب أيتها الصابرة ، لم تلق بدفتر الذكريات لأنها الدفاتر قلبك ، عقلك ، وحزنك باد من العين وأنت الأصيلة ، فغني لوجه الفضيلة ، غني لوجه القداسة ، غني للبنت التي قد رأيت بعد سنين .
هكذا يفعل فرعون فينا ، يقاتل في أرواحنا كل معاني الفضيلة ، يقاتل فينا الوفاء، الإخاء وحب الشهادة، يقاتلنا عن سلامة الحق فينا ويدفعنا نحو أتون الضياع ، يظن بأنَا رعاء ، يظن بأنا سنترك أرض القداسة نهباً لكل حقير.
هكذا يا رحاب ألتقيت بها بعد سنين التفرق ، هزمت فرعون أرغمت أنف التجبر في الوحل ، أجبرته أن يعرف الصدق فينا ، أن يرى بنا كل معاني الجمال.
هكذا يا رحاب يا من ودعت بصبرا وشاتيلا الكثير ، بقيت كشجرة الجميز راسخة بأرض القداسة أثمرت سبع مرات بفصول السنة ، تؤكدين بأن الشتاء لا زال خيراً ، وأن الخريف لا زال بشرىً ، وأن الربيع يزداد حسناً ، وأن المصيف ما زال حلواً ، بفكاهته المقدسية
شكراً رحاب ، فقد أيقظت فينا الكثير الكثير.