|
ماذا أقول وما عساي أسطرُ |
والنفس مما شاهدت تتضجرُ |
هي قصةٌ ليس المدادُ يخطها |
لكنها بدم الفؤاد تسطرُ |
أخبارها عمن يقال بأنها |
مجهولة بعباءة تتسترُ |
هذا هو الأمر الذي أبلغته |
من زمرة كيما إليه أغادرُ |
فهرعت نحو القوم ظنا أنه |
لصٌ أتى كيما يغير ويغدرُ |
لما وصلت رأيت جسماً أسوداً |
وبه أقلب ناظريَّ وأبصرُ |
فسألتهم ما هذه ما أمرها |
ألها هنا جرم عظيم منكرُ |
قالوا من الصومال جاءت هاهنا |
ومن الجبال طريقها والمعبرُ |
فأتيتها وسألتها عن إسمها |
لكنها للصمت أضحت تؤثرُ |
ورنت إليَّ بنظرة من عينها |
وعلى الرصيف دموعها تتنثرُ |
مكثت هنيهة ثم أحنث رأسها |
وتنفست فكأن ناراً تسعرُ |
فسألتها ماذا تريدي أختنا |
وعلى مسامعها السؤال أكررُ |
نطقت بصوت خافت متألم |
نطقت كأن فؤادها يتفطرُ |
قالت دعوني واتركوني واذهبوا |
ودموعها فوق النقاب تحدرُ |
فتفطر القلب الذي في داخلي |
والعقل من هول المصاب يحيرُ |
لم تستطع قدماي حملي فانثنت |
فهويت نحو الأرض مما أشعرُ |
ورفعت رأسي بعد وقت نحوها |
فرأيت روحاً من عيون تقطرُ |
فأخذت أنظر نحوها بتأمل |
وبحالها ومصابها أتفكرُ |
هي قد أتت تبغي مكاناً آمناً |
تبغي الفرار بدينها وتسترُ |
نار الحروب بأرضها قد أوقدت |
في كل شبر في البلاد تسعرُ |
ما زال في أذني رنين حديثها |
صوت حزين خافت يتكررُ |
والعين لا تنسى خيالاً أسوداً |
فوق الرصيف ودمعه يتقطَّرُ |
والقلب في هم وغم كلما |
ذكر المصاب وليته لا يذكرُ |
رب إلهي خالقي ومصوري |
أنت الرحيم بها وأنت القادرُ |
يا من وقيت محمدًا ورفيقه |
في الغار شر القوم حين تآمروا |
ودعاك يونـس في الظلام بأنه |
أنت الإله الواحدُ المتكبرُ |
فأجبته ونبذته وحفظته |
بشجيرةٍ فوق السقيم تَنَشَّرُ |
ودعاك أيوب بأن قد مسه |
بالنصب شيطان لعين فاجرُ |
فكشفت عنه الضر ثم وهبته |
أهلا ومثلهم وأنت الغافرُ |
يا رب أختي قد غدت وكأنها |
مثلَ الفريسة بين أسد تزأرُ |
لم يرحموا أناتها وبكاءها |
عن نصرها قد أعرضوا وتنكروا |
لم يبق إلا أنت يا من بره |
وسع السما والأرض أنت القاهرُ |
أنت العليم بها وأنت إلهها |
أنت الرحيم بها وأنت الظاهرُ |
يا رب احفظها ويسر أمرها |
فلكل خير أنت ربِ تيسرُ |
رباه يا رباه ارحم ضعفها |
في نفسها كسر غدا لا يجبرُ |
من للضعيف سواك يلجأ نحوه |
أنت الرجا وبك الأمور تسيرُ |
رباه مالي حيلة في نصرها |
رباه فانصرها وأنت الناصرُ |