بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على رسوله الأمين ،وبعد
لعل الكتابة عن حبيب قريب العهد ،قائد فذ ،قاد حركة إسلامية فتيه في ظروف قاسيه عصيه ،ثم رحل سريعا قبل موعد الحصاد الموعود ،والعيون ترمقه من مكان قصي ،تنشد فيه العودة ،ولكن لا رجوع ؛لأمر تجد فيه النفوس مرارة ،وتختلط حياله اللواعج بالمزاعج ، و تكون الغاية المرجوة من الكتابة بالغة الصعوبة ،والبحث عن حلول عملية خارج نطاق الإبداع الكتابي ،هو المطلوب أصلا ؛ لسد الثغرات واستكمال المسيرات ،وتواصل الحلقات إلى أن يفتح الله بين عباده بالذي هو خير .
ولعل الحديث عن تاريخ حركة ودعت في أقل من عام سيلا من القادة العظماء ،سياسيين وعسكريين وعلى رأسهم الجمالان ومحمود أبو هنود وصلاح دروزة والشيخ يوسف السركجي ،تستدعي من النفوس رباطة جأش وقوة خلابة في الفهم والتصور ،فالحدث جلل لا محالة، والرزء عظيم ،إلا أن الحكم من ذلك لا تقل شأوا ولا يجوز أن ينظر إليها بعين الغفلة واللامبالاة.ثم إن نظرة سريعة لطبيعة التطورات تدعوك للتروي قليلا والتريث في إصدار الأحكام وتقييم الأوضاع ؛فلعل القادم أجدر بالانتباه والتسجيل أو أدعى إلى الاحتياط والترقب .
وعلى الرغم من أن التأريخ _ في عرف المؤرخين_ عملية إبداعية صرفه تحتكم إلى قواعد التأليف السليمة ، إلا أن طبيعة المؤرخ لهم في خضم العمل الجهاديّ المتنامي قد يفرض نوعا من الإلزام الفكري والتطوير المنهجي في الكتابة والتأليف.
ولربما كان لبعض ما كنت أرقبه من قراءات سياسية ومواد إعلامية متنوعة حول انتفاضة الأقصى المباركة ،وما كان يعج من أراء وتصريحات في الصحف والمجلات ، أو ما كانت تعرضه برامج التلفزة من مخالط ومزاعم تذهب بالحقائق وتنتصر للباطل وتبرر ظلمه وتشوه الإسلام وتعيب أهله ، وترسم صورة مشوهة للمقاومة ؛ فالبطولة في نظرهم _عنف والجهاد فوضوية والولاء تطرف والاستشهاد انتحار. أما التنازل والتباكي والانزلاق والتشاكي ،وأن تعترف للغاصب بعدالة غطرسته وقوة منطقه فذاك هو عزم الصمود وعبقرية الانسجام.
أي زمان هذا الزمان؟! وأي منطق هذا المنطق!! .((ما لهم كيف يحكمون أم لهم كتاب فيه يدرسون )) .
نعم ،أذهلني هذا الحشد الإعلامي المشبوه الذي لا يرعوي لحظة واحدة إلى الحقيقة ولا يقبل المساجلة المنطقية ؛لأنه، ولأن كان عربي الصوت والصورة، إلا أنه صهيوني التأثير والتأثر فهو ماض إلى سبيله لا محالة ، يشوه الصورة الإسلامية المشرقة؛ ليصد عن دين الله ومنهج الحق .
وعلى زاوية ثانية من مسرح النص الإعلامي المشوه للحقائق ترتسم صورة سوداوية مظلمة ،اكثر خطورة واعمق خبثا ؛ تلك هي صورة السياسي المثقف ،بل أن شئت السياسي الرسمي المنسجم انسجاما كليا مع المفهوم العالمي للسياسة والنضال .
وقد تبدو المناورات السياسية المصطنعة هي النمط البطولي الوحيد الذي يجوز للشعوب أن تصفق له وتعتد به وتكافح من أجله ،وهي الوسيلة الوحيدة في الكفاح التي تنصب لها الأسواق وتضرب لها القباب وتغني لها القيان .
وسرعان ما يمتلئ المسرح الإعلامي بعبارات التبجيل والتكريم لكل الحركات العلمانية أو النخب الوطنية صاحبة الاتجاهات المعتدلة والرؤى الرافضة لأسلمة الصراع وعسكرته ،والأنماط السياسية التي تنسجم مع هذا التوجه وتصفق له .
ومن هنا ،كان لا بد من دراسة علمية معمقة جادة، ترأب هذا الصدع الإعلامي وتعيد الأمور إلى نصابها وتؤرخ للفكر المقاوم وتسجل للشرفاء والعظماء مآثر فضلهم وتنير للسائرين منابر دربهم وترد للجبناء والمارقين مخازي كيدهم .
وقد جعلت هذه الدراسة في ثلاثة فصول :
الفصل الأول_ الحركة الإسلامية بين منهجية الفكر المقاوم وواقعية التطبيق
الفصل الثاني – سيرة قادة
الفصل الثالث – المستقبل للفكر المقاوم .
وأني إذ اقدم هذا العمل لأرجو من الله أن ينفع به ويجعله في ميزان حسناتي والله من وراء القصد وهو ارحم الراحمين.
رمضان عمر