|
وقفت و حيّت بالسلام الأمثلِ![](clear.gif) |
وأنا شريدٌ في دروب تأملي |
أعدو وراء الذكريات ، يقودني![](clear.gif) |
طيفٌ له أرخيتُ حبلَ توسّلي |
قالت : أتسمح لي ؟ فقلت مُرحِّباً :![](clear.gif) |
يا جارتي عبر الفضاء تفضّلي |
جلست بجانب شاعرٍ متشردٍ![](clear.gif) |
هوَ عن مطارحة الحديث بمعزلِ |
جلست و ألف سحابةٍ من حولها![](clear.gif) |
تندى باشذاءٍ و عطر سفرجلِ |
نفضت عليَّ الطيبَ حين تحدَّثَت![](clear.gif) |
فأفقت مفتوناً بلثغةِ بلبلِ |
قالت : رجاء لو ربطت لمقعدي![](clear.gif) |
هذا الحزامَ فإنهُ لم يُقفلِ |
فأجبتها :ما غيّرت أقدارنا![](clear.gif) |
أقفالَ أحزمةٍ ، فلا تتوجّلي |
من أين أنت ؟ أنا ابن ألف مدينةٍ![](clear.gif) |
رضعت بنيها من مضاغ الحنظلِ |
و أنا الغد المجهول ، قافلتي على![](clear.gif) |
نارٍ تسير و ليس لي من منهلِ |
و أنا مزاج الأمس خالط يومهُ![](clear.gif) |
في كأس مائدة الغد المتبدِّلِ |
عبثت بهِ الأيامُ فهْو حثالةٌ![](clear.gif) |
في قاعها ، لكنه لم يثملِ |
أنا من سكبت على الدروبِ طفولتي![](clear.gif) |
و أتيتُ أجمعها زمان تكهُّلي |
ماذا سأجمع و البقية لم تعدْ![](clear.gif) |
تُغري و لا يُغري المليحةَ محملي |
أفِلَتْ شموسُ الأربعينَ و لم يزل![](clear.gif) |
نجم التشرد ساطعاً لم يأفلِ |
أمضيتُ نصف العمرِ مغتربَ الخُطى![](clear.gif) |
فالسهد حقلي و الصبابة جدولي |
الشوق أدماني ، أذلَّ رجولتي![](clear.gif) |
و أنا عن الوطنِ الحبيب كيذبلِ |
لا .. لستُ بالضيف الغريب ، فأهلكم![](clear.gif) |
أهلي ، و لكنَّ المُنى لم تعدلِ |
قد كان لي فيما مضى وطنٌ ، و لي![](clear.gif) |
حقلي ، وكنت ظننت لي مستقبلي |
و ظننتُ أن غدي بلون قصائدي![](clear.gif) |
و بدفء أحلامي و حجم تخيّلي |
لا تسأليني عن مسار سفينتي![](clear.gif) |
فالحزن لي أهلٌ ، و جرحي منزلي |
فدعي السؤالَ عن الهوى و شجونِهِ![](clear.gif) |
و عن اغترابي و احتراقي فاسألي |
و عن القناديل التي فُقِئت ، و عن![](clear.gif) |
خبزٍ يُداف بأدمعٍ و تذلّلِ |
و عن اغتيال الفجر ، عن سقط الورى![](clear.gif) |
طافوا على أعناقنا بالفيصلِ |
و عن البطولات الرخيصة أنجَبَتْ![](clear.gif) |
عاراً و نصرَ أُرينبٍ مُستفحلِ |
حصد الزمان الغرس قبل أوانِهِ![](clear.gif) |
من قال أن الدهرَ ليس كمنجلِ |
ناديتُ أحبابي ، فلمّا لم يُجِبْ![](clear.gif) |
غير الصدى ، ناديتُ يا موت اقبلِ |
لا بارك اللهُ الفؤاد إذا سلا![](clear.gif) |
شعباً على نار الفجيعة يصطلي |
قايضتُ فقراً بالنعيم ترفُّعاً![](clear.gif) |
فالخيش أـثوابي و زندي مغزلي |
و سموت في بئري زمان تساقطت![](clear.gif) |
زمرُ الضلال على الموائد من علِ |
لا يا رعاكِ الله ما ذبل الفتى![](clear.gif) |
لو كان بين ضلوعه قلبٌ خلي |
قاضيتُ دهري ، فارتأيت لحكمةٍ![](clear.gif) |
شدَّ الرحالِ ، و أن أفارق موئلي |
أختاه ما يبكيكِ ، كان كزهرةٍ![](clear.gif) |
منديلكِ الورديِّ غير مُبلَّلِ |
زَفَرَتْ .. و أحسبني رحقتُ زفيرها![](clear.gif) |
فتنفست روحي عبير قرنفلِ |
أختاه قد كشف الصباحُ ، لتكشفي![](clear.gif) |
عن صبح وجهكِ للشريد المثكلِ |
كشفت لترشفَ قهوةً ، فإذا الدُّجى![](clear.gif) |
صبحٌ طريُّ الضوء غضّ المنهلِ |
وجهٌ يفيض عليه نهر أنوثةٍ![](clear.gif) |
و نسيم غاباتٍ و شقرة سنبلِ |
صافٍ كمرآة الصباحِ نعومةً![](clear.gif) |
فيكاد يجرحه الوشاح المخملي |
ضجّ العبير به فحطّم دورقاً![](clear.gif) |
للطيب من تحت الحجاب المسدلِ |
و تراقص الفنجان بين أصابعٍ![](clear.gif) |
شمعية الأطرافِ لا كالأنملِ |
باللهِ يا هذا المضيّف لحظةً![](clear.gif) |
زدني و لا تبخلْ عليَّ ، فأجملِ |
أنا لن أخضَّ يدي ، سأشرب دلّةً![](clear.gif) |
إن كنت في فنجانها ستصب لي |
حسناء يا عرساً تناسل في دمي![](clear.gif) |
أعوامها العشرون لمّا تكملِ |
لا تُطفئي قنديل وجهكِ ، إنني![](clear.gif) |
عفُّ الرؤى ، و القلب عفُّ المقولِ |
كيف اقتحمتِ رُبايَ و هْي منيعةٌ![](clear.gif) |
فدخلتِ أحداقي و كهف تأمّلي |
بالأمس حصّنتُ الفؤادَ من الهوى![](clear.gif) |
و من الجمال ، فكيف لم يتحمّلِ |
ختم الأسى قلبي و شرفة مقلتي![](clear.gif) |
و طويت من دهري لسان تغزّلي |
حسناء:أشرعتي حبيسة بحرها![](clear.gif) |
فخذي بها نحو الأمان و أوصلي |
شدّي حديثكِ بالحديث و واصلي![](clear.gif) |
عزف اللحون بلثغةٍ ، لا تبخلي |
هتف المضيِّفُ :حان وقت هبوطنا![](clear.gif) |
فكأنهُ أعطى إشارة مقتلي |
قالت : أراكَ غفوتَ ؟ قلتُ بحسرةٍ :![](clear.gif) |
كيف المنام ، و أنت ما أبقيتِ لي ؟! |
أطبقتُ أجفاني عليكِ لأنني![](clear.gif) |
أخشى وداعكِ يا جميلة فانزلي |
حَزَمَتْ حقائبها ، و لم أحزم سوى![](clear.gif) |
أوراق عمري في كتاب ترحّلي |
مضتِ الجميلة تزدهي بعبيرها![](clear.gif) |
و أنا ؟ رجعتُ إلى رماد تأملي |