جمعني حديث ذات يوم مع رائد حركة من حركات النهضة والرقي بهذه الأمة في دولة الكويت يشغل وظيفة خبير استشارات استراتيجية عليا ، وأذكر أنه قال لي : أستاذ خالد العلوي علينا لإحداث النقلة النوعية مراعاة ظرفي المكان والزمان مع استخدام الآلية الصحيحة ليثمر التنفيذ ناتجا يرضاه المجتمع والأمة ،
وأذكر ساعتئذ ٍ أني وددت لو أقوم لأضع عشرات القبلات على رأس محدّثي وعلى قدميه ، فأخذني عن ذلك لهفتي لسماع المزيد فقلت له أكمل فقال : علينا بالعقيدة ثم العقيدة ثم كل شيء بعدها ممكن ، هنا وجدت عقلي وقلبي يصفقان ويبسمان ويغردان باسم هذا الرجل ، فقلت له : لعَمِر ِ الله لو كان مفكرونا وخبراؤنا مثلك لركعت لهم الأرض ودانت .
حدثني عن المؤسسات الوسطية بين الدولة والناس ، بين السلطة والناس ، التي تساهم في جعل الاتجاه السياسي اتجاها إسلاميا في الدرجة الأولى وليس علمانيا أو احداثيا لا يلبسه الإسلام من قريب ولا من بعيد ،
عانقته كثيرا ، وقلت له : هذا ما أقصده بقولي بأن نبدأ بالنهضة من تحت ، فلكي نحدث النقلة علينا بتثقيف وصياغة عقول هذا المجتمع الذي لا زال يئن من لوثة العار الساكن في الأخيلة والممرات ، علينا بسكب الشريعة في دماغه والأخلاق والفكر الإسلامي والاتجاه الإسلامي والحركة الإسلامية ، وشددت أكثر كلامي بعد العقيدة على الالتزام بالأخلاق إذ لا دولة ولا نهضة ولا نقلة ستقوم بدون أخلاق أم أنكم تتصورون أن تقوم الدولة أو النهضة على أيادي الزناة والعصاة !
وأذكر أني مرة أيضا في حديث ٍ جمعني بغاضب ٍ كبير غضب مني لأني قلت عن العالم العربي عالم ثالث ومتخلف عن الركب أذكر أني قلت له موضحا ومفسرا لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب وأنا يا سيدي الفاضل أعني أن عالمنا العربي لا زال يعاني من ثالوث التخلف " الفقر / الجهل / المرض " لكني آمل حقا أن يستعيد هذا العالم عافيته في يوم ٍ ما وأراه كما تراه أنت " عالما وليس متخلفا " . و
صدّقني أيها الفاضل الكريم أنا لا أعاني من أي إعتلالات في الرؤية وفي النظرة بل إني أرى الصورة كما هي عليه لأني أحد الدالفين إليها لإعادتها على ما كانت عليه ، هل تريد أن أقول لك أيضا أن غياب الحرية في عالمنا العربي تمثل أقوى وأهم أسباب تخلف هذا العالم ، هل تريد أن أقول لك أننا لم نعد نواكب تقدم هذه البشرية من حولنا بل نكتفي بمراقبة المواكبة ، هل تريد أن أقول لك أيضا أن دكتاتورية الأنظمة العربية السياسية والثقافية يعد سببا من الأسباب ، هل تريد أن أعلمك أن استبداد الفكر الديني المتطرف أيضا يعد من هذه الأسباب ، هل تريد أن أقول لك أن انفلات القيم وجمود الهمة وسياسة الإتكال وسيادة فكر التحريم والإرهاب وفساد أخلاق كل هذه الصحراء الواسعة يعد سببا من أسباب التخلف ، هل أقول لك أن غياب الابتكار يعد من أهم الأسباب أيضا
يا سيدي الفاضل إذا كنت ترفض كلمة تخلّف فثق أني أرفضها منذ عشرين عاما خلت وما زلت ، لكن هذا واقع لن نخرج منه إلا إذا اعترفنا به واعترفت به الانظمة العربية ، فحلنا للخروج من هذا التخلف يبدأ بالاعتراف أولا ثم في البحث في الأسباب ثم في معالجتها ثم في الابتعاد حين نخط خطط النجاح عن سيادة النفاق والمحاباة والتآمر والعمالة صدقني ربما كنت لن أحزن لو كان الغرب متخلفا لكني حزين جدا لأن من كنا نسبقه بات يسبقنا ، خليجنا كله وعالمنا العربي كله قائم على فكر سياسي / ثقافي / بريطاني / أمريكي / غربي بحت إلا أن الفكر معرّب ،
دع هذه الأنظمة العربية الفاسدة تمنح كل مبدع ٍ في مجاله " الحرية الفكرية " دعهم يقيمون ما لا يعد ولا يحصى من المؤسسات العلمية التي تخترع وتبتكر دون أن تمارس عليها قبل الغرب إرهابها حينها فقط ستجد هذا العالم العربي الناطق الرسمي للعالم .
وأقول أنا للأخوة الأحبة في كل مكان :
هذه الدولة لكي تقوم من جديد عليها أن تبدأ من الناس من الأطفال وحتى الشيوخ عليها أن تحمل على أكتاف الجميع رغم أنف السلطة فالسلطة قد تصافحنا سياسيا ولكنها قد تعارضنا أيدلوجيا وقد تقتلنا ...
ولكن ماذا يوقف الناس إن خرجوا صغيرهم وكبيرهم حاملين شريعتهم على أكتافهم ماسكين رغم انف السلطة كلها بزمام الأمة لرفعها ؟ لن يوقفها شيء ، رغم أني أتمنى حقا أن تكون السلطة هي الدافع إلى هذا ، فلو تراصت أكتاف السلطة مع أكتاف الناس والله لفزنا وانتصرنا وأنجزنا النقلة في فترة يراها الله وما يجب أن تعلمه السلطة أن هناك قاعدة إلهية لن تتغير وهي أن سنة الله في خلقه أن القيادة إذا لم تحقق ما تريده منها القاعدة فإن القاعدة ستتخطى القيادة بلا شك لذا على القيادات جميعها أن تنظر بعين الاستحقاق لمتطلبات الأمة والشعب .
علينا بدراسة المفاهيم ثم تحديد الخطوات التحليلية لوقع الأزمات ثم تحديد ما ترتب من أثار بعد حدوث الأزمات ثم عليك البحث عن كافة الاستراتيجيات المطروحة أو التي تدور في دماغك عن التعامل معها وادمج معها المتطلبات والتكتيكات حسب السنن والقوانين العلمية ولكي يكن بحثك متكامل وشامل عليك بالرجوع إلى ما قبل حياة الرسول وحتى موت أخر من رآه من الصحابة وهو أبو الطفيل عامر بن وائلة وهو أيضا أخر من توفي من الصحابة مطلقا أعني أنه عليك أن تبدأ البحث بادئا بالسيرة النبوية ثم بسيرة الصحابة من أولهم حتى أخرهم لتتمكن من رصد الكيفية التي كان يدير بها نبي الله عليه الصلاة والسلام الأزمات وكيف كان الصحابة من بعده يطبقونها ، ثم عليك التوجه بعد ذلك إلى التحليلات الموضوعة من قبل المفكرين والباحثين والمصلحين الاجتماعيين الذين كانوا يعتمدون سنة النبي المصطفى في إدارة الأزمات ويعملون بها ، لن أنصحك بمرجع ولكني سأنصحك بقراءة كل شيء يقع بين يديك عن حياة النبي والصحابة وكل ما قيل فيهم وكتب إلى يومنا هذا ستتعب كثيرا إلا أن النتيجة ستسرك تماما أخي في الله وستكون مرضية
فأنا أرى الحل في تطبيق الشريعة الإسلامية الحقيقية والصحيحة والبعيدة كل البعد عن المذاهب والعصبيات والفتن ، حسنا ماذا يحدث لو طبقت الشريعة بوجهها الأصح والتام ، سؤال تجيبنا عليه الفتوحات والإنجازات والرجال الذين خلدتهم كتب التاريخ وصدور الناس ، إذن فعلاج هذه الأمة لن يتم إلا بتطبيق شريعة الله على أرضه وعلى عباده ، أما وحال الأمة ملوث بهذه السلسة الطويلة من القوانين الوضعية التي تتجاهل شريعة الله وتحرفها بما يناسب الأمزجة الحاكمة فلن ننتج إلا الدود .
علينا يوم نطرح مشكلة المسلمين ونناقش أسباب دائها ، وما أوصلها لما هي عليه الآن ، أن لا ننسى طرح الشريعة بجانب الرؤية حتى تستقيم الأمور في نصاب العين والعقل فنرى الأزمة من كافة الزوايا ، تصلنا دعوات للنهضة بهذه الأمة من عدد ٍ كبير من المصلحين ، ومن عدد ٍ كبير من الكتّاب والمفكرين ، ومن عدد ٍ كبير من المحدثين الدينيين ، بل إنها تصلنا حتى من إنذارات السماء ، والكل قد سعى لإحداث النهضة المرجوة في هذه الأمة وإعادتها لما كانت عليه من علو وسموق ، إلا أن الكل الذي سعى وضع يديه على أسباب الهزائم وطرح الحلول لها ، ووضع يديه على القوانين التي تمكننا من الرقي ، ووضع يديه على الحقوق والمهام المطلوبة ، ووضع يديه على كل شيء تصله الأيادي ، إلا أن أيادي الكل عجزت عن الوصول إلى الشريعة الإسلامية ، البعض قد وضع يديه نعم إلا أنه كف بعد ذلك لأنه رأي الأمر أشبه بالمعجزة التي لن تحدث إلا على أيدي الأنبياء ! في رائي الخاص أقول محال أن تحدث نهضة ما لم تنطلق من الشريعة الإسلامية اولا ً ثم تمر بالمجتمع والكيفية المناسبة لإصلاح المفاسد التي لونته ، ثم بعد ذلك تأتي الخطط المقترحة من قبل المحدثين والمفسرين والمحللين والاصلاحيين للنهوض بهذه الأمة ، أما أن نبدأ بتنفيذ خطط كل هؤلاء ونترك الشريعة الاسلامية لوحدها تثمر في قلب المجتمع أو لا تثمر بدون مساندة أو عون من الكبير والصغير فهذا يعني أننا ننفخ في قربة مخرومة بثلاثمائة وستين خرم ، !