|
يَا قَاتِلِي..سَلَّمْتُ رُوحَ الْرُّوحِ لَكْ |
فَاعْطِفْ عَلَيْهَا وَاحْتَضِنْهَا يَا مَلَكْ |
وَالْمِسْ نَقَاءَ الْوَجْدِ شَفَّافَ الْرُّؤَى |
مَا رَقَّ مِنْ طَيْفِي حَرِيِراً سَرْبَلَكْ |
وَادَّثَّرِ الآهَاتِ دِفْئًا مِنْ فَمِي |
إِنْ حَرَّ ثَغْرِي فِي الْكَرَى أَوْ قَبَّلَكْ |
يَا سَلْوَةَ الْقَلْبِ الْمُعَنَّى هَاتِهَا |
مِنْكَ الْرُّقَيَّا نَجْمةً تَضْوِي الْحَلَكْ |
مَا ذَنْبُ عَقْلِي جَنَّ فِكْرًا فِي الْدُّجَى |
وَاحْتَارَ مِنْ ظُلْمِ الْلَّيَالِي فَانْهَلَكْ |
مَرَّتْ بِيَ الأَيَّامُ وَالْصَّبْرُ انْقْضَى |
وَالْمَوْعِدُ الْمَعْهُودُ بِالْصَّبْرِ انْعَلَكْ |
مَدَّتْ لَيَالِي الْعُمْرِ قُضْبَانَ الأَسَى |
لَكِنَّهُ الْمَأْسُورُ قَلْبِي كَبَّلَكْ |
فَلْنَحْتَفِ الْحَبْسَ الَّذِي قَدْ ضَمَّنَا |
مَا ضَمَّنَا إِلاَّ طُيُوراً فِي الْفَلَكْ |
إِنَّا إِذَا طِرْنَا أَسَرْنَاهُ الْفَضَا |
وَالْلَّيْلَةُ الْطَّخْوَاءُ تَحْدُو مَنْزِلَكْ |
فَالْبَدْرُ فِي وَجْهِ الْمَلاكِ اخْتَارَنِي |
إِذْ هَلَّ فِي وَجْهِي شَعَاعاً وَامْتَلَكْ |
وَاحْتَرْتُ مَا بَيْنَ الْلَّآلِي وَالْرَّوَى |
فَاخْتَرْتُ نَبْعَ الْحُبِّ ثَغْراً جَمَّلَكْ |
قَبَّلتُ فِيِكَ الآهَ مَحْرُوقَ الْجَوَى |
وَالْمَبْسَمُ الْمَعْصُورُ قَطْراً بَلَّلَكْ |
هَلْ سَاحَ مِنْكَ الْشَّهْدُ يَا قَطْرَ الْنَّدَى؟ |
أَمْ ذَابَ مِنْ وَرْدِي رَحِيِقاً سَيَّلَكْ ؟ |
مَا أَجْمَل الْنَّهْرَيْنِ فِي رَوْضِ الْهَنَا |
وَالْبَلْسَمُ الْشَّفَافُ سِحْرٌ قَدْ سَلَكْ |
يَا جَنَّةَ الْرَّحْمَنِ حُسْنَى إِنَّنِي |
ذُقْتُ الْمُنَى سُبْحَانَهُ مَنْ كَمَّلَكْ |
صَيَّرْتَ قَلْبِي نَاسِكاً فِيِكَ انْزَوَى |
وَاخْتَارَ مِحْرَابَ الأَمَانِي مَعْقِلَكْ |
إِنِّي بِذِي الْدُّنْيَا طَوَافِي دَالِحٌ |
لَكِنْ بِكَ الْكَوْنُ اسْتَوَى مُذْ سَهَّلَكْ |
مَا ضَرَّنِي إِنْ طَوَّقَتْنِي رَوْضَةٌ |
فِيِهَا الْثِّمَارُ الْغُرُّ تُشْفِي مَنْ هَلَكْ |
يَا فَجْرَ عَيْنِي يَا انْثِنَاءَاتِ الْهَوَى |
يَا بُلْبُلَ الأَغْصَانِ سَلْسِلْ مَنهَلَكْ |
عَجِّلْ حَبِيِبِي بَلْ وَزِدْنِي قَطْرَةً |
تَمْتَصُّ مِنْ قَلْبِي شُعُوراً بَجَّلَكْ |
وَاسْكُنْ بِذِي الْشِّرْيَانِ وَاسْرَحْ فِي دَمِي |
لَوْ كَانَ قَلْبِي مَيِّتاً مَا جَدْوَلَكْ |
يَا سَيِّدَ الأَلْحَانِ ضَرِّجْ غِنْوَتِي |
وَاحْضِنْ نَشِيِدَ الْحُبِّ شَوْقاً خَلْخَلَكْ |
قِيِثَارَتِي قَدْ قُطِّعَتْ أَوْتَارُهَا |
مِنْ حُرْقَةِ الْشَّوْقِ اسْتَعَارَتْ فَيْصَلَكْ |
وَالْعُودُ ذَا الْرَّنَّانُ جَمْرٌ أَجَّهُ |
فَالْدَّنْدَنَاتُ اسَّابَقَتْ كَيْ تَحْمِلَكْ |
وَالْنَّايُ مِنْ رَعْشِي أَزِيِزٌ نَفْخُهُ |
فَاجَّلْجَلَ الْصَّوْتُ ارْتِبَاكاً جَلْجَلَكْ |
أَمَّا كَمَانِي لَيْتَهُ مَا أَنَّهُ |
ذَاكَ الأَنِيِنُ اشْتَدَّ حُزْناً زَعَّلَكْ |
وَاسْمَعْ مِنَ الْدَّفِّ الْنَّقِيِرَ اجْتَاحَهُ |
كَالْخَيْلِ كَرَّتْ تَرْتَجِي أَنْ تَنْقُلَكْ |
وَاسَّارَعَتْ دَقَّاتُ قَلْبِي مِثْلَمَا |
دَقَّتْ طُبُولُ الْخَوْفِ رُعْباً مَهَّلَكْ |
وَالْصَّنْجُ فِي كَفِّي انْصِهَارٌ حَرَّهَا |
لَمَّا بِكَفِّي اهْتَزَّ لَحْنٌ زَلْزَلَكْ |
لَمْ يَبْقَ لِي غَيْرُ الْتَّرَانِيِمِ الَّتِي |
إِنْ رَقْرَقَتْ هَمْسِي..تَمَالَكْ يَا مَلَكْ |
فَاضْرِبْ عَصَا الْسِّحْرِ احْتِكَامًا وَالْقِهَا |
سَلْطِنْ بِأَمْرِ الْصَّوْلَجَانِ الْخَوَّلَكْ |
يَا أَنْتَ يَا سُلْطَانَ رُوحِي اشْتَفَّهَا |
بِلُّوْرُ قَصْرِي بِالْهَوَى قَدْ ظَلَّلَكْ |
وَالْلُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ فِي الْكَنْزِ انْجَلَى |
ثَرٌّ تَبَاهَى كَمْ تَمَنَّى مَحْفِلَكْ |
فِي مَسْكَنِي كُلُّ الْمُلاءِ اسْتُرْخِيَتْ |
حَتَّى إِذَا جِئْتَ..الْحَرِيِرُ اسْتَقْبَلَكْ |
عَطَّرْتُ بِالْمِسْكِ الْنَّوَافِيِرَ الَّتِي |
مِنْهَا الْمِيَاهُ ادَّفَّقَتْ كَالْزَّنْبَلَكْ |
حُورِيَّةٌ مَاسَتْ وَمُوسِيِقَى الْهَوَى |
قَدْ رَنَّمَتْ أَلْحَانَهَا كَيْ تُذْهِلَكْ |
فَانْسَابَ مَاءُ الْطِّيِبِ رَقْصاً حَانِياً |
وَارْتَدَّ فِي الأَجْوَاءِ شَذْواً فَاحَ لَكْ |
وَانْسَلَّ ضَوْءٌ مِنِ شُمُوعٍ كَمْ بَكَتْ |
نُوراً تَلاقَى صَوْبَ دَمْعٍ بَتَّلَكْ |
وَالْوَرْدُ مِلْءَ الْمَزْهَرِيَّاتِ انْحَنَى |
أَوْرَاقُهُ الْحَمْرَاءُ تَرْجُو مَوْصِلَكْ |
مَاذَا يَهُمُّ انْ كَانَ قَلْبِي حُضْنَهُ ؟ |
وَرْدُ الْحَنَايَا حَقُّهُ أَنْ يَسْأَلَكْ |
كَمْ مِنْ سِؤَالٍ حَيَّرَ الْعَقْلَ الَّذِي |
جَنَّتْ بِهِ الأَفْكَارُ لَمَّا حَوْصَلَكَ |
لَكِنْ بِكَ الْرُّؤْيَا اسْتَعَادَتْ وَهْجَهَا |
لَمَّا رَأَتْ بَيْنَ الْمَعَانِي مِشْعَلَكْ |
مَنْ مِثْلِكَ الْبُشْرَى كَشَمْسٍ شَعْشَعَتْ |
فِي وَجْهِكَ الْسَّمْحِ اصْطِبَاحٌ جَلَّلَكْ |
يَا أَنْتَ يَا سَيْلَ الإِجَابَاتِ الَّتِي |
لَمَّتْ فُيُوضَ الْفِكْرِ حَتَّى جَنْدَلَكْ |
هَيَّا إِلَى دُنْيَايَ عَشْعِشْ وَالْتَحِفْ |
رَوْضاً مِنَ الْغَيْدَاءِ غَضّاً دَلَّلَكْ |
وَاسْتَنْشِقِ الأَطْيابَ فَالْفُلُّ اسْتَوَى |
قَبْلَ انْدِثَارِ الْعِطْرِ رَاوِحْ مَشْتَلَكْ |
وَاقْطُفْ كُرُوماً عَسْلَجَتْ فِي خُضْرَةٍ |
قَبْلَ انْقِضَاءِ الْصَّيْفِ شَرِّفْ مَعْسَلَكْ |
هَذِي مُرُوجِي اعْشَوْشَبَتْ لَكِنْ خَوَتْ |
لَوْ زَارَهَا الْظِّلانِ وَرْدٌ كَلَّلَكْ |
يَا رِفْقَةَ الْرُّوحِ ارْتَئِدْ فِي جَنَّتِي |
وَاسْكِنْ بِرُوحِي صُحْبَةً كَيْ أَجْعَلَكْ |
إِنْ رَفَّ فِي وَجْدِي حَبُورٌ قُلْتُ ذِي |
رُوحُ الْحَبِيِبِ الْعَانَقَتْ مَا أَخْضَلَكْ |