الببغاء
قابلته فى أحد الممرات الموجودة بمصنع السيارات الذى نعمل به سويا وقد بدا على وجهه ملامح الشعور بالآسى وعيناه ذابلة كما لو كانت تختزن أسرار السنين فصافحته سائلا إياه ماذ بك يا صديقى؟ تبدوا مشغولا أو مهموما أو ربما محبا جديدا ؟ وجدته كانما يبحث عن الرد فعاجلته مبتسما أما لو كانت زوجتك هى السبب فسوف أقف بجانبك وننتظر من يواسينا....فضحك صديقى على طريقة التصنع وقال هل تتصور بعد هذا العمر والكم من المؤلفات فى الشعر والقصة والخاطرة والمقال بكافة أشكاله... وأعمالى نالت الرضا فيما تبقى من بعض قصور الثقافة والصالونات الثقافية وكتبت مسلسلات للإذاعة وتعرف أن الكتابة عندى قضية وليست للكتابة فقط ..عاجلته نعم أعرف لكن ماذا حدث ؟ قال قررت أن أذهب الى مطرب شهير لأعرض عليه عدد من الأغانى التى كتبتها وعندما ذهبت اليه فى تللك البناية الفاخرة وصلت الى مكتبه بعدما تأكد أمن المبنى من هويتى وتعريفهم بنفسى وسيرتى الذاتية أن يتركونى بعد وقت ليس بالقصير ..المهم توجهت الى مكتبه الخاص وجدت سكرتارية ومستشارين له وبوتقة من فتيات لهن من الجمال ما يصعب الكلام فيه.. إنتهزت الفرصة لكى أضحكه قلت نعم ..نعم يا صديقى نعم...... لابد وأن تعطينى عنوان هذا المطرب لأزوره.عاجلنى إنتظر ثم قال كنت أعرف أخو هذا المطرب فقد كان يعمل معى فى شركة سابقة وكنت أساعده فى العمل على الأجهزة الحديثة وكنا صديقين بحق وقد ترك عمله منذ فترة ولم نلتقى منذ وقت طويل ..المهم إنتظرت ساعتين ثم أدخلونى لمكتب صديقى سابقا وكلى أمل فيما هو قادم وكانت المفاجأة أن قابلنى كأنه لا يعرفنى وسلم على وكأنى نكرة وقال اترك هذه الأعمال وسوف أراها وأعرضها على الفنان ولو كانت تصلح سوف نبلغك بذلك قلت له ولكنى أريد مقابلته فقال الحقيقة صعب هو فى إجتماع فنى ومش ممكن ..
تركت له أعمالى وخرجت حزينا...ثم ذرفت عيناه دمعة أصابتنى فى مقتل
لملمت مشاعرى وقلت له كل هذا لأنك لم تقابل المطرب الشهير؟
قال بحزن يا صديقى أنا أبكى على نفسى..على كرامتى ..على حال الثقافة فى بلادنا.
قلت له دعنى أقول لك بصراحة وصدق أنت المفكر والمؤلف وهو الببغاء .. أنت عقل وهو حنجرة..إن ما يقوله المطرب هو أنت وليس هو...إن الفنان الحقيقى هو المؤلف وبالطبع من يصنع ليس كمن يعمل على مصنوع وعندما يدرك رواد الفن من هو المؤلف الحقيقى ومن هو الببغاء ستعود للفن قامته
ثم إفترقنا فى هدوء.
خالد ابراهيم محمد