سيدي الكريم:
وجهة نظري ببساطة (و أخص الأمور العلمية و الطبية) تتلخص أن لا نحمل الأمور ما لا تحتمل. و أن نبتعد عن الشطط و المبالغة. فالبعض قد جعلوا من العسل مادة سحرية تشفي العقم و البرص و الصلع و الجلد و الكلى و العظام و السكر و القرحة و الربو و الصرع. و هم إذ يفعلون يبالغون مبالغة غير محسوبة النتائج بل قد تأتي بما يضر. لا أقلل هنا طبعاً من فوائد العسل الغذائية أو الصحية و لكن علينا أن نتوخى الحذر عند التعميم. فهل تعلم مثلاً بأنه و برغم كون العسل مادة حافظة ممتازة بسبب كثافته و توتره الحلولي العالي إلا أنه تبين أنه قد يحوي أحياناً فطريات، هذا في العسل الأصلي فما بالك ما قد يحوي العسل المغشوش مثلاً.
العلم يا سيدي مشفوع بالتجربة دائماً و لولا التجربة لما كان هناك نتائج مسجلة، و لكن أي تجربة؟؟ فالتجربة يجب أن تخضع لشروط قاسية عند إجرائها و دراستها و أن يشرف عليها أناس من ذوي الإختصاص و غير المرتبطين مادياً بأي مؤسسة أو شركة مروجة. أي أن نتائج مساحيق الغسيل التي تجري في الإعلانات مثلاً لا تصح كتجارب علمية قطعاً.... بل قد تروج بعض التجارب (كما يسميها أصحابها) للخرافة و الجهل و الترويج الإعلامي لبضائع فاسدة.
و من الخزعبلات و الخرافات، التي يروج لها هذه الأيام بحجة العلم، تخصص كامل يسمى "الطب البديل أو الجديد" و هو بحق يجدر بنا أن نسميه "الدجل الجديد". و هو يلاقي رواجاً منقطع النظير بين الناس ممن لم يتوفر لديهم محاكمة أو منهجية عقلية حتى و لو كانوا متعلمين. و لي فيه دراسات معمقة و محاولات علمية لكشفه لأن الكثير من العلماء سكتوا عنه بما أدى لانتشاره بين العموم.
و سأنتهز هذه الفرصة كونك يا سيدي من المهتمين لأختصر مقالة لي و أنشرها ها هنا قريباً. و ما منعني عن نشرها سوى أنها طويلة.
و ما المثال الذي ذكرته عن صاحبك إلا خير مثال عن مدى الضرر الذي يلحق بنا عند عدم وضع الأمور في نصابها الصحيح، و هو مثال عن مدى ما قد يلحقه بنا بعض تجار الأفكار.
شكراً يا سيدي على حسن تواصلك و تفهمك. و إلى لقاء