|
يا ناسجَ السحرفي ضـافٍ مـن الحلـل |
ومدركَ السر في الفصحـى بـلا كلـل |
ومبـدع النـقـد تلقائـيَّـة أســرت |
أولـي البصائـر والألبـاب والأسَــلِ |
وصاحـب الكلْمـة الخضـراء زاهيـةً |
برائـق مـن سنـا القـرآن منهـمِـل |
يا سيدي الفـذ ، يـا أستـاذ مدرسـة |
وضيئـة النهـج ، ربانـيـة المـثُـلِ |
تفنى الأساطير مهمـا اغتـرّ زاعمهـا |
بـأن فيهـا جديـدا دائــم السُـبُـل |
وينتهـي بالخرافـات الزمـان إلــى |
أن الخلود قرين الصـدق فـي العمـل |
ولسـت أسطـورة حتـى نهيـم بهـا |
ونحوهـا نمـزج الأشـواق بالقـبـلِ |
ولا خرافـة قــومٍ ربـمـا بـهـروا |
بها الظنون فلـم تبحـث عـن البـدلِ |
وإنمـا أنـت مثـل الشمـس ضاحيـةً |
شعاعها فـي صميـم الفكـر والمقـلِ |
وضوءهـا خفقـة الوجـدان متـقـدا |
معطـرا برحـيـقٍ كالسـنـا هـطِـلِ |
ودربهـا الخيـر للإنسـان مـزدهـرا |
بريّـق الحـق فـي حـل ومرتـحـلِ |
وأفقـهـا صـيـبٌ ريــانُ وابـلـه |
إذا تدفـق مــن إتـقـان مرتـجِـلِ |
يـا سيـدي وأنيـن الحـزن يغرقنـي |
فـي لوعـة نارهـا مغتالـة أمـلـي |
وحيرتـي مـن ذهـول البيـن مدميـة |
قلبـي وعقلـي ووجدانـي بـلا ملـلِ |
أكـاد مـن خبـر بالمـوت زلزلـنـي |
أعانـق الكـذب الممـزوج بالخـلـلِ |
وتنتحـي بـي أحاسيـسـي ممـزقـة |
صوب الظنون ، إذا حيكت مـن الخبـلِ |
فـلا يـرد رشـادي غـيـر معتـقَـدٍ |
أن الممـات خطـى محتومـة الأجــلِ |
ولا يصبّـر نفسـي غـيـر معتـصـمِ |
بالله ، يرقـب خطـب الحـادث الجلـلِ |
فلا تـزال الحـروف البيـض تنثرهـا |
معطرات المـدى تسـري علـى مهـلِ |
ولا يـزال مضـاء الفـكـر منطلـقـا |
كالسيـل مـن قلـم بالحـق محتـفـلِ |
وكيف ننسى " ببـيَّ" الضـوء منتشـرا |
يزجي إلى النفس عطر الفـأل والأمـلِ |
وفي " شبينَ " التآخـي صـار موطننـا |
نـأوي إليـه علـى ودٍّ لديـك جـلـي |
صنعـت فيـه انطلاقـا للقيـادة لــم |
يمطر سوى الحرص يحوي طيب المثُـلِ |
الحـزم والعـزم والإقـدام فـي ثقـة |
والحـق والصـدق والإصـلاح للخلـلِ |
وثـورة كالنـدى بيـضـاء صافـيـة |
سلاحهـا الفكـر مضـاءً بـلا خطـل |
ودربهـا : تالـد الأجــداد، منبـعـث |
طريـفـه بــرؤى عـلامـةٍ جـبـلِ |
بحاثة قلما جاد الزمان به |
وفلتة لم يصغها منطق الحيلِ |
وناقد ندرت رؤياه ، واتسمت |
بصحة الطبع يزجي مقنع العللِ |
وشاعر خبر الأشعار فانفرطت |
منه كنوز بدر الفهم والثَّقَلِ |
هل كان " فتحي أبو عيسى " سوى أفـق |
معشوشب الدرب ، مخضر الرؤى خضِلِ؟ |
مضى يفجر فـي النقـد الحيـا غدقـا |
تألقـت منـه فصحانـا ولــم تــزلِ |
وقــام ينـثـر بـالإبـداع منهـجـه |
برائـع مـن بديـع الفهـم مكتـحـلِ |
وراح يصبـو إلـى التجديـد متشحـا |
مـن الجـدود بـإرث فيـه مكتـمـلِ |
فاستنهض الهمـم العليـا وطـار بهـا |
لـه جناحـان مـن فكـر ومـن ثقـلِ |
ولـم تفـلَّ همـوم العيـش عزمـتـه |
والخطو يطحننـا فـي دهرنـا الخبـلِ |
وما ارتضى غير صـوت الجـد يطلقـه |
من نبض قلـب بنـور الزهـد مشتعـلِ |
ولـم يكـن نهجـه ممـن يحبـذ مـا |
يقوقـع النفـس فـي أسـوار مختَبَـلِ |
كأنـمـا هــو معـنـي إذا نطـقـت |
حروف بيـت لديـه حاضـر عجـلِ : |
" وإنمـا رجـل الدنـيـا وواحـدهـا |
من لا يعول في الدنيـا علـى رجـل " |
وآخـر موشـكٍ فـي كـل مقـصـده |
وكـم شـداه بـلا كبـر ولا وهــل : |
" إن السـلاح جميـع النـاس يحملـه |
وليـس يعمـل إلا فـي يـدي بـطـلِ" |
مـا ذا أعـدد مـن أوصـاف سيـدنـا |
والشعر أعيـاه قيـد العجـز والوجـلِ |
أحتـاج عمـرا كعمـري كـي أوفيـه |
جزءا من الفضل أو حرفا مـن الجمـلِ |
يا سيـدي ، سيظـل الصبـر مرتفقـي |
والحزن أوفـى صديـق غيـر منبتِـلِ |
فـإن سكبـت دموعـي فيـك قافـيـة |
فالقلـب دام مـع الأحـزان مــن أزلِ |
وإن دهاني الأسى فيما أعاينه |
من لوعة تقتفي آثارَ مرتَحِلِ |
فما دموعي سوى أنغام معترف |
بالفضل منك ، وبالإحسان مشتمَلِ |
أقـم بقبـر لــه الأبــدان عـائـدة |
يومـا وإن تقصـر الأعمـار أو تطـلِ |
العلـم منـك ضيـاء حولـنـا ألــق |
مضاعـف أجـره مـن صالـح العمـلِ |
وانعـم برحمـة رب غـافـر حـكـمً |
ونـل بعفـو لديـه أكــرم الـنـزلِ |
إنـي لحكمـك يــا ربــاه ممتـثـل |
فجـد بعفـوك واغفـر ذنـب ممتثـلِ |
واغفر لأستاذنا " فتحـي " ومـن معـه |
وكـل مـن جعـل التوحيـد كالظـلـلِ |