و أَعْبُرُ ما لا أريدُ إلى ما أُريدُ
دمي معبرٌ للجنونِ على رعشاتِ المجازِ
و أسقُطُ في الظلِّ ظلِّ الكلامِ ...
المُسجّى على وعيهِ في الرّخامِ و لا وعيهِ
و يعبُرُني
لأبلُغَ وَجْهَكَ أتْبَعَهُ لُجَجِيّاً
و ينزعُني منْ لُزومِ البلاغةِ ..
في حضرةِ الحاضرين لِشِبْهِ احتضارْ
أراهم على البرزخيّاتِ في الإنتِظارْ
و أُبصرُ وجهَكِ يسبَحُ في الضوءِ في فُسُحاتِ البياضِ
و كنتَ اشتَهيْتَهْ
و كنتَ رأَيْتَهْ
شفيفاً لطيفاً
و هوَ البياضُ بياضُ الكناياتِ في الورْدِ و الوجْدِ و اللاوجودْ
تُحدّدهُ لا حدودْ
أراكَ و حولكَ رفُّ زنابقَ ..
يغزلُ منديلَ زهْرٍ لعينيكَ يخفقُ فيهِ النّدى و الصباحْ
و بحرٌ تُنَوْرِسُهُ من شرودِ البياضِ ..
جدائلُ شمسٍ و همسٍ أقاحْ
أراكَ كأنّي أنظرُ أبعدَ منكَ
هناكَ
بعيداً قريبْ
و وجهُكَ ما زالَ يحمِلُ نَفْسَ الملامِحِ حُزناً أصيلاً
يُحاولُهُ _أن يذوبَ_ الغروبْ
و لا يستطيعُ
و حولكَ يرمحُ لَهواً حصانُكَ
يا فارسَهْ
و تمرحُ في البيدرِ المشمشيِّ السنابلُ
يا حارسَهْ
و فيكَ على قمم الزيزفونِ تَضيعُ
و أنتَ كأنتَ كما كنتَ ..
ما جفَّ صوتُكَ بينَ البلابلِ غضّاً نديّا
يشقُّ عبابَ القلوبِ و شطآنَها نَورسيّا
أُغنّيكَ أُغنيةً للفَراشِ لكي يرتعشْ..
على حسّ سَجْعِكَ يا سوسنيّ اللحونِ
و للبرتقالِ الحزينِ لكي ينتعشْ
و لليلِ كي يتألّقَ روحاً و يسطعَ في حسنِهِ قَمَريّا
أأرثيكَ؟! ... أبكيكَ؟!
كيفَ بحقِّ الذي أنشأكْ؟!
أأكتُبُكَ اليومَ دمعاً لكي أقرأكْ؟!!
و هل كنتَ قبلُ انتهيتَ لكي أبدأكْ!!
و أصرخ موتاً بموتِكَ أو شبهِ موتِكَ:
خُذْني مَعَكْ
ذبلتُ وحيداً
أما آن لي _تتخطّفُ قلبي الرزايا_ بأنْ أتبَعَكْ؟!
فتصبحَ لي ملجأً من رحيلِكْ
و أبلغَ في بحرهِ مرفأكْ!!
و كنتَ السماءَ تُظلّلني بالقصائدِ
تُمطرُ عطراً أزاهرَ من ألَقٍ و خيالِ
فتُمرعُ حُبّاً مروجُ الظلالِ
فكيفَ ذهبتَ لتَتْرُكَ كلَّ الظلالِ وراءَكَ قفرا
و كلّ الشموسِ القديمةِ ذكرى
و ثكلى بذِكْراكَ
كيفَ ترانيَ أنجو و أرجو السحائبَ بعدكَ غَيْثاً و غَوْثاً؟!
و كيفَ تَراني؟!
أذوبُ على نَشَواتِ الكَمانِ!!
و ألهو على زَجَلِ الأُقحوانِ!!
أراكَ..
و أُبصرُ لوزَ القصائدِ خلفَكَ يبكي مَهيضَ الجناحْ
تُكسّرُ أغصانَهُ نَزاوتُ الرّياحْ
و ما كانَ قَبْلَ ذهابِكَ يشكي و لا يُستَباحْ
و عكا..
ألا تُبصِرُ اليومَ عكّا يتيمة,
و أسوارَها خائرَة؟!
و أمواجَها فوقَ صخر البلايا كليمة ,
و أطيارَها حائرة؟!
و أحزانَها مستديمة؟!
كيافا و حيفا
تشيخُ بمنفى و أنتَ بمنفى
و تنحرُ خَلْفَكَ صوفيّةَ الدمعِ حرفاً فَحَرفا!!
تركتَ لَنا التيهَ خَلْفَكَ ..
للرملِ.. تغورُ بهِ الذاكراتُ
و ينبتُ فوقَ المماتِ مماتُ
و لا بوصلة
تَبينُ لنا في رؤاها الجهاتُ
فننجوَ من تيهنا الدجوجيّ و من مقصلة
تُقصّلُ أحلامَنا يا حبيبُ
أحنُّ إليكَ..
إلى خُبْزِ شعرِكَ ...إنّي غريبُ
و كلُّ القصائدِ مثلي غريبة
و كلّ القلوب سليبة
فخُذْني إليكَ لعلّيَ أنجو..
و ترجعُ شمسٌ على خيلِ عَزْمكَ بين الرؤى و الحقيقة
و تُرجِعُ للمجدِ فينا بَريقَهْ
كما شِئتَ
يُبعَثُ فجرٌ جديدٌ على راحيتيكْ
أحنُّ إليكْ
تُوضئني أدمعٌ طاهراتٌ على وجنتيكْ
فما أنتَ ميتٌ و لا..لن تكونْ
لَكَ المجدُ طولاً طريفاً تليداً
و للزائلِ الزائلونْ
و للزائلِ الزائلونْ
لروحِكَ كُلُّ الكلامْ
و (فاتحةٌ) تتنزّلُ حبّاً كمثْلِ الحَمامْ
عليكَ السلامْ
عليكَ السلامْ