أنت منحتني هذا الخبز
ولذا لن أطعم منه أحدا أبدا
لا تسألني عن طعمه
وعن نوعه
إن كان من الحنطة
أم كان من القمح المعجون ببارودٍ
يستسهل أفواه سائغة البلع..
يكفي إنك أنت من أهداني الخبز
و دهاقا طافحة السقم …
حين تناولني كأسا من دمعي
الظمأ يشاغب في ثغري
لا تخش علي من الوحدة
لن أبقى وحيدة …
سوف ترافقني جموع الغُمس
وأشرعة تبحر صوب الرمس
فتزمجر زوبعة الهذيان
وتفر أساريري
كقطيع داهمها السبع على السفح
أنت منحتني من الآم الكون
وهزائم أيام صفراء
عصور الردح
وزرعتني في أرض جرداء..
ساريةٌ شقحتها الريح
من الأطراف بلا رقح
ثم منحتني أهوال الصمت الى حدٍ
أفصح فيه الخرس ..
ومنحتني إملاقا
يزرع في قلبي أدغال الجوع…
وسكبت على رأسي شلال سراب
يهدر,
يجأر ,
يزأر
حتى تتقطع حنجرة الوقت …
ومنحتني كابوسا
يوقظني من حضن النوم
ليشق على أجفاني قميص السهد ..
ومنحتني أوهاما تتخندق
بين مساءاتي المحتارة
لتشب بأوداجي نيران الحيرة
ووضعت دماميلي في سلة برونزية
يتقاطر منها الوابل
صيفا وشتاء دون هوادة …
لا يتنفسها الهم
بل تتنفس فيها زفرات الغم
الورد تناسل بالشوك
ولكن هيهات لورد ينزف غير العطر
والريح تلاطمني بالبكم
كصفير يرقص فوق حصاة القبر
تلك السلة تصلح للنعش
ولا يتسع لها إلا اللحد
تتزين في سربال أبيض
لم يلمسه الحائك ..
ثم طبعت على رمشي وشم اليأس
ونقشت على ناصيتي قبلات الحتف
وغادرت مدائن ممكلتي
لكن الموت تأخر هذا اليوم
جف الدمع ..
و سال الجرح ..
ثم تساءلت القطنة
وهل للموت دماء؟
يا وجعي المشتاق لأوجاعي
لا أحد يبلغ حد الموت…
بعد الموت