المعرفة والتذوق عند الدماغ الالكتروني والدماغ البشري
كان المحاضر يطرح قضية عن التصوف، و عنوان محاضرته على ما اذكر( التصوف الطريق إلى الانتحار).ذكر فيها أن التصوف، يدعوا الى التواكل، ويصرف الناس عن العمل. قام أحد الحاضرين وسأل المحاضر هل هو متذوق أم دارس للتصوف.قال المحاضر أنه دارس .عندها قال للمحاضر لا يصح له ان يُقوّم التصوف ، وإلا ماذا يقول عن الأمير عبد القادر الجزائري؟
يومها كنت مراهقا،جائعا، مندفعا لنهم كل شيء، من أدب، وفكر ،وفلسفة، وفن..أريد ان أصبح جاحظ زمانه ،ابن سينا عصره ، يومها لم أفهم ما كان يقصده ذلك الحاضر بسؤاله من المحاضر ..
بعد سنوات ،عندما تحسنت مهارتي في التحكم الصناعي. أدركت الفرق بين التذوق والمعرفة ،ولكن على طريقتي.
ففي إحدى المرات التي دخلت فيها صالة الإنتاج في الشركة التي أعمل فيها. أتفقد آلة طورتها. اكتشف بأن العامل عليها وجد ثغرة في النظام الذي وضعته ،فأحتال على الآلة لتسريع العمل على حساب الجودة.
ويحدث كثيرا، أعطال أجدها أمامي بسبب الفهم الخاطئ للمتحكم الصناعي (الدماغ الالكتروني) لخط في إشارة الحساس. كأن يفهم خزان وقود سيارتك ملئ بالوقود وهو فارغ لان الحساس الذي يعطيه الإشارة عاطل ..
هذا التذوق في مهنتي جعلني أفكر بالدماغ البشري (الكمبيوتر الرباني) وفهمه لعدد لا نائي من الإشارات والتميز بينها .
الدماغ الالكتروني ما هو إلا شريحة الكترونية تضم وحدة معالجة لتفهم الإشارات التي تدخل إليها وتعطي أوامر حسب البرنامج الذي وظفت إليه ويعتمد سرعتها على التردد وحجم الذاكرة. و لنشبه المعالج بالقطار والذاكرة بعرباته كلما كانت عدد العربات (الذواكر) اكبر وسرعة القطار اكبر كان التعامل مع المعلومات اسرع
وأما الدماغ البشري ،اذكر مقال لكاتب اسمه درويش إبراهيم اليوسف عن الدماغ فقال معرفا الدماغ: فهو كتلة رمادية اللون ،محاط بالبلازما لتخفيف الصدمات داخل الجمجمة .يذكر العلماء بان انتقال الإشارات العصبية ( إشارة الحساسات) هو ذو طبيعة كهر كيمائية وشدة الإشارات تعتمد على تردد النبضات والتي لا تحتاج الى طاقة خارجية كالكهرباء وإنما كل خلية عصبية هي بطارية كهربائية صغيرة وان الفصوص الجبهية تخطط للمستقبل وتتحكم بالحركة وتنتج الكلام والفصوص الصدغية مسؤولة عن الموسيقى والسمع واللغة. فتخيل سرعة القطار وعدد عرباته التي يحويها رأسك؟
واذكر مقالة نفيسة لكاتب اسمه احمد محمد سلام عن الإنسان قال فيها :
لو أراد الإنسان تسجيل كل شيء عرفه خلال 24 ساعة يستغرق كتابه مئات من الأعوام ومعلومات تحتاج الى خمسة ملايين مجلة لاستيعابها.
وهكذا وجدت نفسي كلما ازددت خبرة في ممارسة التحكم ازداد ت معرفتي بعظمة الخالق. وانه قد يصل الدماغ الالكتروني الى كم هائل من المعرفة الا انه لن يصل الى التذوق ابدا .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،بسم الله الرحمن الرحيم، (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) صدق الله العظيم..سبحانك اللهم لا اله إلا أنت .العليم الحكيم.