الضرير البصير وابن عمه الشرير - مهداة لأبناء فتح وحماس
قصة قصيرة هادفة
ذهب الفتى الكفيف محمود إلى دكان العم صابر في طرف الحي كالعادة لكي يشتري بعض الحاجات الضرورية لوالدته أم محمود‘
حيث سلك في ذهابه من بيتهم إلى الدكان نفس الطريق التي كان قد تعود عليها وحفظها في بصيرته‘
ولكن لسوء حظه في ذلك اليوم لم يكن يدري بأن دكان العم صابر كانت قد تعرضت قبل يومين لسرقة من بعض لصوص المنطقة مما حدا بالعم صابر إلى أن احضر كلبا شرسا وربطه أمام الدكان لكي ينبح على كل من يقترب من الدكان أن كان ليلا أو نهارا من اجل إخافة اللصوص من الاقتراب إلى الدكان مرة ثانية ‘
لذا لم يكن على علم بذلك لأنه قلما يذهب إلى الدكان بمفرده‘ ولو اخبره احدهم لأتخذ بعض الحيطة أو دعا احد أطفال الجيران ليرافقه إلى الدكان‘
وما أن اقترب محمود من باب الدكان بخطوات قليلة كان يدركها كأنه يعدها بتحسس عصاه للطريق وبذاكرة بصيرته الفذة إذا بعصاه تلمس جسما طريا ممددا على حافة الطريق‘ وما أن شد عليها بقوة كعادته إذا بكلب ينبح نباحاً عاليا من شدة الألم حيث أنغرز طرف العصا المدببة ببطن ذاك الكلب الذي خارت قواه من شدة الألم فلم يستطع الوثوب أو الحركة‘
حينها أدرك محمود أن أمامه كلبا شرسا فشد عليه أكثر لكي لا يثب عليه وينهشه عضا‘ وزاد الشد عندما سمع ضحكات صبيان الحارة المتواجدين أمام الدكان وكانت هذه عادتهم كلما رأوا مصيبة سخروا من صاحبها كان من كان والذي أزعجه أكثر سماع صوت سعيد احد أبناء عمومته والذي نبهه بقهقهة عالية ساخرا كعادته‘
قائلا: حاسب يا محمود لا يعضك في مكان حساس‘
فضحك محمود غلباً ومرارةً قائلا له بصوت عالٍ:
يا سعيد إني أتربص لهذا الكلب من مدة لأطأ في بطنه لكثرة نباحه وإزعاجه للمارة‘
قالها مقهقها لكيلا يتشفى فيه المبصرون‘ وخاصة سعيد وشلة فتيان الحي المستهترة‘
فاسقط حينها في يد سعيد ومن معه واكفهرت وجوههم خجلا من أنفسهم‘ وكان حري بهم أن ينبهوه من بعيد لكي يحظر الكلب أو أن يهب احدهم ليلاقيه ويأخذ بيده‘
لكن هذه حالنا في الوطن ((فنحن كما كنا في الأمس واليوم وغدا))‘ نتشفى في مصائب بعضنا البعض‘
وهكذا هي حكمة الله سبحانه وتعالى إن حرم إنسانا نعمة البصر أبدله إياها بنعمة البصيرة‘
فمتى يكون عند حركاتنا الموقرة في الوطن بصر وبصيرة؟؟
أبو المعتصم
2-10-2008