|
الموتُ حـقـلٌ بأيدينـَـا زرعنَــاهُ |
والغيظُ جمـرٌ على الباغي صبَبْنَاهُ |
جاءَ البغيضُ يَصِـيدُ الصِّيدَ في وطنِي |
ويزرعُ الخبثَ في أرضِي ،فصِدْنَاهُ |
لمْ يبصرِ الجمرَ تحتَ الأرضِ مشتعـلاً |
حتَّى اطمأنتْ بذاك الحـقلِ رجلاهُ |
لمْ يدرِ أنَّ حقـولَ العـزِّ قدْ زُرِعَـتْ |
بكلِّ شـهمٍ تدكُّ الصخـرَ يُمْنَـاهُ |
ظنَّ الصهـاينُ أنَّ الحـربَ نزهـتُهُمْ |
وأنَّ قسَّـامَنَـا رِيعـتْ مَطَـايـَاهُ |
وهَدَّهُ الجـوعُ وانهـارتْ عزائِـمُـه ُ |
والجرحُ أرهقَـهُ والحَصْرُ أَضْنَـاهُ |
لكنَّ هـامَـتَـهُ بالعِـزِّ شـامـخـةٌ |
تلقاهُ كالنسـرِ مَنْشَـوراً جنـاحَـاهُ |
لا يوهـنُ الجوعُ شيئـًا مِنْ عزيمتِـهِ |
ولا الحصارُ ، فربُّ العرشِ مَـوْلاهُ |
مازالَ يزأرُ مـثـلَ الليثِ فِـي ثقـةٍ |
العـزُّ يتبعُهُ والخــوفُ يخشـَـاهُ |
مَتَى تنـاهتْ إلى المحـتلِّ صيحـتُـهُ |
ومسَّهُ مِنْ صَدَى الأبطالِ جَهْـجَـاهُ |
ألقَى السلاحَ وَوَلَّى هـاربـًا فَزِعــًا |
وَلَّـى ويشهـدُ بالخـذلانِ نَعْـلاهُ |
إنَّا زرعْـنَـا حقولَ المـوتِ أفـئـدةً |
أمـدَّهَـا بدمــاءِ العــزَّةِ اللـهُ |
لا تستبـيحُ حمـاهَـا فتنةٌ عرضـتْ |
ولا يلـذُّ لـهَـا مـالٌ ولا جَــاهُ |
قلوبُ صـدْقٍ بذكـرِ اللهِ عـامـرة |
العزُّ غـايـتُهـا ، والذلُّ تَـأْبَـاهُ |
لا تطمئنُّ لغـيرِ السـيفِ مُنْصَلِتـًا |
حتَّى يعـودَ إلى الإسـلامِ أقصـاهُ |
لا تستريحُ إلى أطـلالِ مـؤتـمـرٍ |
الذلُّ يَرْهَـقُـهُ والخـزيُ يَغْشَـاهُ |
لا تسـتجيرُ بأصـنامٍ وإنْ نَطَقَـتْ |
وَكَمْ لدينَـا مِنَ الأصـنـامِ أَشْـبَاهُ |
الصامتونَ وَثِقْلُ الطـينِ يُخْرِسُـهُمْ |
وكلُّهُمْ فِي خَـدَاعِ الشَّـعْبِ أَفْـوَاهُ |
السـادرونَ ومـوجُ الذلِّ يُغْـرِقُهُمْ |
أمَّـا الإبـاءُ فحاشـاهُمْ وَحَاشَـاهُ |
الرَّاقِصُـونَ علَى آلامِنَـا طَـرَبـًا |
المبغضـونَ لِمَا الرحمنُ يَرْضَـاهُ |
مِمَّنْ تنوءُ جِبَـالُ الأرضِ لوْ حَمَلَتْ |
يومَ القيامـةِ شيئـًا مِنْ خَطَايَـاهُ |
مِمَّنْ يصفِّقُ للمحـتـلِِّ مُـبْتَهجـًا |
ويلثمُ الخـدَّ مِنْـهُ حِـينَ يَلْـقَـاهُ |
يا مَـنْ تعلَّـقَ بالأوهـامِ يَحْسـبهَا |
دِينًا فزاغتْ عَنِ الإسـلامِ عَيْنَـاهُ |
وسـارَ يلهثُ خلـفَ الآلِ يحـرقُهُ |
حـرُّ الهجيرِ ،وربُّ الناسِ أَخْـزَاهُ |
أَمَا أرتك يـدُ القسَّـامِ معـجـزةً |
في " الحقلِ "صِيغتْ بإيمانٍ عَرَفْنَاهُ |
أَمَا رأيتَ فلـولَ البـغْـيِ مُدْبِـرَةً |
في"الكَرْمِ" لمَّا غَدَتْ صَرْعَى سَرَايَاهُ |
بالأمسِ جئنَا "بحقلِ الموتِ"نسـحَقُهُ |
حتَّى يُعَجَّـلَ للنـيـرانِ مَـثْـوَاهُ |
واليومَ جئْنَا وَفِي أحشـائِنَا شُـعَـلٌ |
فيهَـا " النذيرُ "الذي كنَّا وَعَدْنـَـاهُ |
جئنَـا إليهِ بجمـرِ المـوتِ تحمـلُهُ |
آسـادُ صدْقٍ ترومُ الموتَ ، تَهْوَاهُ |
ما كانَ يَحسبُ أنْ يُرْمَـى بزوبعـةٍ |
فيهَا الجحيمِ الذِّي قَدْ بَاتَ يَصْـلاهُ |
سِـرْنَا إليهِ" بِجِـيبَّاتٍ " مُمَـوَّهَـةٍ |
حتَّى نصبَّ حميمًا فِي حَـنَـايَـاهُ |
فِي " كرمِ سالمَ " صيَّرْنَا الثَّرَى حِمَمًا |
مِنْ فَـوْقَهَا حِمَـمٌ كَاليَمِّ تَغْشَــاهُ |
وكمْ نصبنَا لهُ فِي أرضنَا شَـرَكـًا |
وكـمْ زرَعْنَـا بأيدينَـا مَنَـايـَاهُ |
وَكَمْ صفَعْنَا مِنَ الموسَـادِ أقفيــةً |
وكمْ صنعنَـا دويـًا ليسَ ينسَــاهُ |
للهِ درُّكَ يا قسَّـــامُ كمْ صنعــتْ |
يداكَ مجـدًا سـناءُ الشـمسِ أدناهُ |
اضـربْ فكفُّكَ مَنْ يسقِي الثَّرَى قِيَمًا |
ويزرعُ الأرضَ فَخْـرًا قدْ جَنَيْنَـاه ُ |
لم تشـهدِ الأرضُ من كفَّيْكَ زلـزلةً |
إلاَّ وأشـرقَ في الأقصَـى مُحَيَّـاهُ |
زَلْزِلْ عَدُوَّكَ لا تحفلْ بِمَنْ صَغُـرُوا |
ليسَ الرشيدُ كَمَنْ قَدْ خَابَ مَسْعَـاهُ |
ما كلُّ ذِي لحيـةٍ أوْ شـاربٍ رَجُـلٌ |
فَفِـي الممـالِكِ فتيـانٌ وأَشْـبَـاهُ |
يا بنْ الكـتائبِ لا يثنـيـكَ مَنْ قُبِرُوا |
قـاومْ بِجُرْحِـكَ يَا خِلِّـي لَكَ اللـهُ |