|
سكنَ العيونَ الفـاتـنـاتِ عتابُ |
ونســـينَ أنّ قلوبَنـــا أحـبـابُ |
لنُحسَّ في فمِنا كلاماً بارداً |
مثلَ الثلوجِ، كأننا أغرابُ |
أيامُنا مرتْ بكلِّ تثاقلٍ |
ما عادَ فيها العطرُ والأطيابُ |
حتى ملابسُنا التي كنا بها |
نزهو بعشقٍ، شابَها استغرابُ |
وستائرٌ كانتْ تغلفُ بيتَنا |
ما عادَ يمهرُ صدرَها التَرحابُ |
كانت إذا عدنا تضمُّ رؤوسَنا |
شوقاً، كما ضمَّ الندى الأعشابُ |
ما عادَ يدهشُها بريقُ عيونِنا |
حتى ولا الأجفانُ والأهدابُ |
صارَ المكانُ مكبلاً، وظلامُه |
كالغابِ تعوي في رباهُ ذئابُ |
وكآبة الليلِِ الطويلِ كأنها |
صحراءُ فيها وَحشة وسَرابُ |
فتضيعُ فيه قلوبُنا وعقولُنا |
والعشقُ والأحلامُ والإعجابُ |
حتى إذا اهتزتْ عروقُ زهورنا |
لم يسقط الصفصافُ والعنابُ |
في كل يومٍ كان يطربُ سمعَنا |
أن تُقرعَ الأقراطُ والأكوابُ |
واليومَ بعدَ عتابِنا وجفائِنا |
ما عادَ يُسكَبُ في الكؤوسٍ شرابُ |
الآن نرجعُ بعد طولِ عنادِنا |
وقلوبُنا قد مسَّهنَّ عذابُ |
رحلتْ عواصفُنا، وبانتْ شمسُنا |
وتعطرتْ بضيائِها الأثوابُ |
فخصامُنا كانت له أسبابُه |
والآنَ ليست تعرفُ الأسبابُ |
ماذا أقولُ؟ ألم أكن متحمساً؟ |
قلبي يلحُّ، وما لديَّ جوابُ |
ما عدتُ أذكرُ غيرَ أني عابدٌ |
حتى الهُيامِ، ووجهُكِ المحرابُ |
بالرغم من هذا الخصامِ ونارِه |
لم أنسَ أنكِ سكَّرٌ ورضابُ |
فإذا مررتِ، أشمُّ رائحة الندى |
وإذا ضحكتِ تراقص اللبلابُ |
والشَعرُ يعزفُ لحنََه فوقَ السَّنا |
فكأنه فوق السحابِ سحابُ |
ويداكِ زنبقتان في بستاننا |
والثغرُ تسكنُ فوقه الأعنابُ |
والعشقُ حيٌّ رائعٌ متألقٌ |
كالماءِ في أنهارنا ينسابُ |
هيا إذا، لنعد إلى أيامنا |
وليرتسمْ في وجنتيكِ شهابُ |
الحبُّ سوفَ يحيطُنا بحنانِه |
ما عادَ يفهمُ أننا أغرابُ |