|
عدنا إلى الدار و ارتاحت بنا البلـد |
فاقرأ علينا كتاب الوصل يا ولـد ! |
عـدنا إلـى عـتبات الفل نلثـمها |
من الهجير الذي ذقنا ... و نبتـرد. |
إلى الظلال التي أرجو تسـامحني |
لما تركـت بـها التـفاح ينـعقد |
إلـى أزقـة حـاراتي ونكهـتها |
إلى نصــائح أمـي حيـن أبتـعد |
يا بني حبيبي و مـا تنفك راجـية ٌ |
خذ ما تـشاء إذا ما أنـت تجتــهد |
إلى ثـريا " إلى جاري أبي حـمد " |
لما يصيح فلا يُصغي له " حمد " ! ! |
إلى الفراخ التي تهـفو لأجنـحـتي |
إلى ثـغاء الـمواشي حـينما تـلـد |
إلى العيون التي أغفت على كبدي |
إلى التي أوغـلت في حبها الـكبـد |
إلـى نوافذ كـم كانـت تؤرقـني |
فلا أمـل طـوال الـليل أرتــعد ! |
تطل منها وجـوهٌ كنت أعشـقها |
فيها الملاحـة فيها الدفء و الرغـد |
إلى " المزاريب " أيام الشتاء و قد |
هز الـنوافذ فيـها الريـح و البـَرد |
و قد تضيق بـنا حال فتكـسرنا |
و نشتهي قطعة الحلوى فلا نـجـد ! |
فلا أرى والدي إلا على ثقــة |
أن الأمـور و إن ضاقت سـتنـفرد |
مهما تعقدت الأحـوال يا ولـدي |
لا بد ترحـل عنا هـذه الـعـقد ! |
أصيـح في الغربة الصماء أين يدٌ |
و قد عثـرت فمـا مُدتْ إلي يـد |
حتى الوجوه التي رافقتها خشـبٌ |
و مثلما جمـدت أيديهـم جمـدوا |
نهارنا في هجـير الرمل ملتـهب |
و ليلنا كم يعاني ثـقله الجـسد |
فلا حديث سوى " الدولار " بينهم |
كم قصةٍ حوله حاكوا و كم سـردوا؟ |
خـذوا قصوركم و المال أجمعه |
ما المال إلا غبار العمر و الزبـد |
ما المال إلا طواحين تلفّ بنـا |
و فتنةٌ شبّ فيها الحرص و الحسد |
كل الأحاديث عن سلطانه بـدعٌ |
وكل أمجاده في شـرعتي بـَدد |
فلا الرخام رخام القصر يسعدني |
ولا الذين أشادوا القصر قد سعدوا |
كم غيرَّ المال من أخلاق صاحبه |
و كم رجالٍ بهذا المال قد فسدوا؟ |
خذ ما تشاء و دعني أحتسي متعي |
هذا المساء و صوت الناي يـنفرد |
لدي بضع شـجيرات تظـللني |
وجوقةٌ من طيور الفجر تحتـشد |
لدي أرغفةٌ سـمراء طـازجـةٌ |
و قهوة فوق جمر الحب تنــعقد |
الحمـد لله هذا رزق خـالقـنا |
ربِّ العباد و خير الناس من حمدوا |