**إلى سيّدةِ الجُمْلةِ الأولى..و الأخيرة:
_1_
"دعني أموتُ على يقينكَ
يا يقيني ..و افرشِ الحُلُمَ الفَراشَ
على فِراشِ الحُلْمِ في أبديّتيْكَ
و دعْكَ من كلّ الكلامِ
و نمْ طويلاً في عروقي
و استبحْ أبداً دمي و دعِ التمرّدَ في التجرّدِ
يستبيحُ الجمرَ في أجسادنا
و لتلتقِ النيرانُ بالنيرانِ
بالأحزانِ ..بالنسيانِ
بالذكرى..
بصوتٍ أشيبٍ ممّا وراءَ القفرِ
يأتي مستبدّاً
مستعدّاً
كي يغادرنا بنا ..
أبداً تدوزنُني عيونُكَ
كلّ سيمفونيّةٍ حُبْلى بدمعي
كلّ قافيةٍ تُغرَّبُ في هَوانا
فاعتنقني ..لا أحبّ سواكَ
لا تذهبْ_ بحقّ هواكَ _أبْعدَ في سِوانا"
الحبُّ ..لونٌ آخرٌ للموتِ
شكلٌ آخرٌ للموتِ
طعمٌ آخرٌ للموتِ..أخرجُ من هلاوسِهِ وحيداً
في اليبابِ أنا لنفسي ..
للكؤوس الفارغاتِ
و للظلالِ الجامداتِ
بِمَشْربِ الكلماتِ حيثُ
تكسّرت كلماتُنا..و النادلُ المكسورُ يملأ كاسةً أخرى
و يهمسُ:مُتْ و عشْ ..لا سُكْرَ هذا اليومَ
بلْ لا صَحْوَ هذا اليومَ
إن جازَ المُدامُ ..و سالتْ الأحلامُ
و افترقَ السبيلُ عن الخُطى و توقفَ العشبُ الربيعُ عن النموِّ
على الكؤوسِ
- زجاجةٌ أُخرى و أمضي..مستقيلاً من عواطِفِيَ
البخيلةِ بالرّكودِ..كليلةٍ شتويّةٍ لا تنتهي
كأسٌ أخيرْ ..
كأسٌ أخيرٌ لا يضيرُ ممزّقاً لا يسكرُ..
عذبٌ غنيٌّ _يوم يطفحُ_ أو مريرٌ مُعسِرُ
تتبرعمُ الأحزانُ فيّ على الهمومِ و تكبرُ
كأسٌ أخيرٌ..ماتَ في كأسي الشذى و العنبرُ
هذا خروجي منْ مروجِ حبيبتي
من صومعاتِ حبيبتي
غصصاً و لا أورادَ ترفعُني إلى صوفيّةٍ
لا آآه فيها
و الغزالةُ ترتقي أعلى من السّهْمِ المسدّد
من فراغاتِ الفراغيّاتِ أعلى
البحرُ لا يمشي و لا ترشيهِ معجزتي لأمشي فوقَهُ
كلّ المكانِ ملغّزٌ
لا حلّ
و السفنُ الغريقةُ لا يقيها الماءُ منهُ
و لا يقيني
كلّ قلبٍ في سفينة
يهوي إلى الظُلَم ِ الحزينة
متعلّقاً بهدوءِ ميتتهِ
يدورُ الماء
و الأسماءُ تغرقُ في دوائرهِ
و ذاكرتي مبلّلةٌ بملحٍ لا يذوبُ و لا يُذيبُ
و توتةٌ تستصرخُ العشّاق كي يقفوا و لا يقفون أطول من جُمودٍ عاجزٍ
يبكونَ ,لا يبكونَ من شظفِ الفراقِ
و لا عناق بهِ و لا شيء سوى نظراتِ ضَعْفٍ
و الغريبُ أخو الغريبِ
فيا غريبُ..املأ حقيبتَكَ الصغيرة بالقرنفلِ
و اتركِ الأنغامَ يعلِكُها الشِّماليّ الفؤادُ
على شَمال الروحِ..و اصْعَدْ تلّةً أعلى
فأعلى
قمّةً أعلى فأعلى
حيثما تسلُ اضطرمْ شمساً على سلوانِها
وذرِ الكئيبَ الدجوجيّ على ترهّلِهِ
الرياحُ تجدّ بعثاً منْ أساطيرِ
و تخبو في أساطيرٍ الحُفاةِ على النحيبِ
فيا غريبُ..دعِ السماءَ لأهلِها ..
و دعِ السهولَ لأهلِها..
و خذ الجبالَ مضاجعاً ..
وانزفْ فنزفُكَ كاملُ
و الحادثاتُ صواهلُ
فوق الضباب و تحتهُ
كأسٌ أخيرٌ لا يضيرُ
و لا يضيرُك أن تكون بلا وصايا في نزوحِكَ
عن طيور البحر في عينيْ حبيبتِكَ الغريبةِ
يا غريبُ
فخُذْ ظِلالكَ في ضلالكَ..
كلّما انتفضَ الشتاءُ على إشاراتِ العبورِ
إلى القبورِ
وجدْتّ لافتةً تدلّكَ:
"منْ هناكَ و من هنالكَ
دربُ مقبرةِ الدموعْ"
_2_
عينُ الطبيعةِ لم تنمْ في عَيْنِها
و جرت شآبيبُ الجوى من عَيْنِها
يوم اكفهرّتْ بالكلامِ و أحجمتْ
و سجى الوجومُ على بلاغةِ بَيْنِها
لا ضحوةٌ لا غمزةٌ لا صحوةٌ
تجلى عن النجماتِ حُلْكَةَ حَيْنِها
جزعت و ما سجعَ الحَمامُ و لا شدا
عطرٌ و لا زهتِ السماءُ بِكَوْنِها
زينُ الخلائقِ.. كيف تفرحُ بعدها
و الرّكْبُ خفَّ إلى الفراقِ بزيْنِها؟!
(سَارَايُ) خَشّبَ لوزُ قلبي أعسراً
(سارايُ) شطّ الجمرُ في جسدي و جُنّْ
(سارايُ) لا إسمٌ لديّ و لا وطنْ
قبلي..و كلّ فتى سوايَ هوى عيونَكِ
حثّ نبضتَهُ الغرامُ لحتفِهِ
و بحَرْفِهِ اضطربتُ براكينٌ
و فحّ على رمادِ الهمّ تنّينٌ..
أخيرٌ من أساطيرِ الرخامِ
كلامُ من لا يصطلى بدمِ الحمامِ
الشمس لا تشفي البحيرةَ
و البحيرةُ غضّةٌ
في صُلْبِ هذا الحرّ
تشتعلُ الثلوجُ على توتّرِها البطيءِ
و تصلبُ الأنسامَ في الأكفانِ تصلبُها
و تقلبُها على أمواتِها قلبَ المماتِ
على الرّفاتْ
و القبْرُ أوسعُ من فراقٍ عاجزٍ أو تيهِ
عشرينَ انتحاراً في الشّتاتْ
في غيبةِ الناموسِ
و الكابوسُ يعتصرُ الحُميّا المُهْلَ
و الحمّى ترتّبُ أضلعي
كسْراً فكسْراً
أنتشي أَلَماً ..أحبّكِ..
لا أحبّكِ
تائهاً عنّي أتيهُكِ
أشتهي فيكِ الصنوبرَ
كلّما ضِعْتُ أشتهيتُكِ
و ابتديْتُكِ
و انتهيتُكِ ألفَ محرقةً على شفةِ النهايهْ
فكّرْتُ ما فكّرْتُ ..:
"مؤلمةٌ تفاصيلُ الحكايهْ"
و القفرُ يَفردُ رملَهُ ..يقضى من النخلِ الشّجي وطراً
أشدّ رحالَ "سِيني" سندبادَكِ ,سوسناتٍ ,
سرَّ مصلوبٍ على سفر إليكِ بلا نجومٍ بوصليّة
سُحُباً تسحُّ صبابتي فوق الورودِ الأبجديّة
سينٌ لإسْمِكِ أرْزُهُ عالٍ و أعمقُ من أناملِ ليلةٍ ورديّةٍ في الروحْ
روحٌ لِسِينِكِ كلّما أشرقْتِ في السّرْوِ انتبهْتُ
و فرّ حسّونٌ على خجلٍ صريحْ
روحٌ لروحِكِ فلّقْتْ شفتيَّ تُفّاحاً ..
و شقّتْ خدّ قلبي نرجساً و رَمَتْ عليّ جدائلَ الدَحْنونِ
حبّكِ آخرُ المقروءِ من تاريخِ أوردتي و أوّلُهُ
فردّيني سئمتُ ..
و ما سَئمتُ ..إذِ أرتخيتُ على رَبابتِكِ ,
اكتويْتُ ..و هاجَني البَخّورُ لحْناً
بخّريني
رتّلي سُوَرَاً و أذكاراً على جرحي
و رشّي النعنعَ المهروسَ منْ كفّيكِ في صُبْحي
و قولي :
"صَحِبَتْكَ يا قلبي السلامةُ صوْبَ قلبي
طالَ يا عُمْري السّبيلُ إلى السّبيلِ"
وَ من أناجيلِ الرمالِ
إلى معابدِ شهْدكِ الشّقْراء
يحملُني اليَمامُ الزّنجبيليْ
في يديْ مَلََكٍ يُهدهدهُ
كأنّي لم أكنْ من قَبْلُ حيّاً
فالسلامُ عليّ يومَ عشقْتُ
ظبْياً مريميّاً
فاكهاً بينَ الحقولِ
و السّلامُ عليّ مَيْتاً في خروجي
ثمّ حيّاً في دخولي
_3_
و التّينِ و الزيْتونِ في عينيكِ
و البحرِ الأمينِ
لقدْ ذكرتُ ..و ما نسيتُكِ
في عروشِ
الياسمينِ
تدلّلينَ الحزنَ بَعْدي ..
ها رَجَعْتُ فدلّليني
و اطرُدي عنّي الوساسَ و الهلاوسَ
و ابعثي فيّ النّوارسَ
في عيونكِ ميتةُ الحقّ المبينِ
أنا كأنتِ
على يقينِكِ يا يقيني
*****