إعلانات مغلوطة
والإعلانات مدفوعة الأجر طالتها أيضا الأخطاء القاتلة التي أضرت بمادة الإعلان أكثر مما أفادته، ويكون الخطأ في الغالب بسبب تداخل مادة الإعلان مع مادة صحفية أخرى، فعلى سبيل المثال نشرت إحدى الصحف الأجنبية إعلانا تقول فيه: "سوف تحب هذا النوع من البوربون عندما تشربه ثم اتصل برقم 21700 حانوتي هينس".
ونشرت أخرى إعلانا عن الفطائر جاء فيه: "اطلب محلاتنا لتحصل على فطيرة بالفاكهة من خشب الماهوجن المتين!" لكنها كانت أفضل كثيرا من الصحيفة التي أعلنت عن نفسها فقالت بأنها "أوسخ الصحف انتشارا" فتسبب حرف العين في تلويث سمعتها، وهو ما حدث مع شركة أرادت الإعلان عن مناقصة فوجدت نفسها "تلعن" المناقصة.
ومن أطرف أخطاء الإعلانات إعلان مبوب نصه: "رزق السيد جون سميث وزوجته السيدة ماري سميث بمولود ذكر سمياه بيتر.. مبروك يا جورج"! وآخر: "قرر النادي تغيير موعد عشاء الأحد الأسبوعي من الثلاثاء إلى الخميس"!
السفاح عبد الناصر.. والسادات العاشق!
أما أكبر متهم في الأخطاء الصحفية فهو الجمع المسئول عن صف الأحرف التي يتسبب الخطأ فيها في "الخطأ المطبعي"، والأخطاء المطبعية أنواع، منها ما يمكن للقارئ تفاديها وإدراك المعنى الأصلي من خلال السياق، والبعض الآخر يغير المعنى تماما بل ويشكل حرجا سياسيا ومهْنيا للصحيفة وربما للدولة التي تصدر فيها الصحيفة أيضًا.
وكان للصحفي الأكثر شهرة مصطفى أمين قدرة كبيرة على التقاط الخطأ المطبعي من بين مئات السطور، وفي إحدى المرات أشار لأحمد رجب على خطأ قاتل في بروفة مجلة "الجيل" نتج من تداخل خبرين، فظهر كالتالي: "ورئيس الوزراء يفضل رياضة المشي، ويكره تقشير البطاطس"! فذهب رجب لتصويب الخطأ، وصدرت البروفة ففوجئ بمصطفى أمين يشير إلى خطأ آخر في البروفة يقول: "وأكد داج همرشولد سكرتير عام الأمم المتحدة أن المحادثات بين الجانبين كانت ودية، وأعلن أنه يكره تقشير البطاطس"! فاتصل رجب على الفور بالمصحح قائلا: كيف يوجد خطأ في البروفة يعلن فيه همرشولد أنه يكره تقشير البطاطس؟ فوعد المصحح بتصويب الخطأ، وأتى له بالبروفة بعد التعديل وبها أن همرشولد "لا يكره" تقشير البطاطس!
ومن البطاطس للبيض يا قلبي لا تحزن.. فقد نشرت صحيفة عربية حديثا مع الرئيس المصري أنور السادات على صفحتين جاء في عنوانه خطأ مطبعي كلف رئيس التحرير غاليا؛ حيث ظهر العنوان كالتالي: "الرئيس المدمن يتضاءل بالبيض المحلي"، وأصله: الرئيس المؤمن يتفاءل بالبيض المحلي.
وتكرر الخطأ الأفدح مع السادات أيضا حين تداخل خبر من صفحة الأدب في الجريدة مع أخبار الرئيس فظهر الخبر يقول: أصدر الرئيس العاشق الولهان قرارا بـ ..."، وتمت مصادرة جميع طبعات العدد وإحراقها، ولولا أن السادات كان قد عمل بالصحافة لفترة وتفهم الخطأ لأحرق المتسببين في هذا الخطأ أيضا!
أما جمال عبد الناصر فكان مسافرًا إلى الهند حين نشرت "الأخبار" المصرية خبر القبض على السفاح الذي دوخ الشرطة في عنوانها الرئيسي، وتحته عنوان عن سفر ناصر إلى الهند، ولما نسي المخرج الصحفي وضع خط فاصل بين العنوانين ظهرت عناوين الأخبار على سطرين هكذا:
القبض على السفاح
عبد الناصر في الهند
وطبعًا تمت مجازاة المسئول عن الخطأ بعد تحقيقات موسعة في المخابرات العامة!
وتداخل خبر زواج مع خبر عن جموح حصان فنشرت صحيفة المقطم خبر الزواج تقول: "احتفلت الجالية اليونانية بزواج ابن كبيرها الخواجة كرياكو، وقد استقبله الأهل مع عروسه.. ثم انطلق فجأة إلى الشارع هائجا مبرطعا فحطم واجهة حانوت وقتل طفلا، وألقت الشرطة القبض عليه.. ثم خرج العروسان في عربة مكشوفة".
أما خبر الحادثة فكان نصه: "بينما كان الحوذي يقود الكارو، جمح الحصان.. متأبطا ذراع عروسه سليلة أرقى العائلات وطاف بها أركان الفيلا، وأحيت الحفل بديعة مصابني.. بحضور مأمور قسم الأزبكية وحكمدار القاهرة"!
وثار القضاة في مصر ثورة عارمة على جريدة "الأهرام"، وتقدموا بشكوى لنقابة الصحفيين بسبب رأي نشرته الأهرام في الصفحة الأولى تطالب فيه بتجديد شباب القضاء، إلا أن الخطأ المطبعي -لا سامحه الله- أبرز العنوان كالتالي: "الأهرام تطالب بتجريد ثياب القضاة!".
يتبع تابعونا..