أحدث المشاركات

لبنان» بقلم عبده فايز الزبيدي » آخر مشاركة: عبده فايز الزبيدي »»»»» تعقيبات على كتب العروض» بقلم عبده فايز الزبيدي » آخر مشاركة: عبده فايز الزبيدي »»»»» نظرات فى تفسير سورة الإخلاص» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» ( و كشـفت عن ساقيها )» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: محمد نعمان الحكيمي »»»»» الأصواتيون وعِلم العَروض العربي.. عجيبٌ وأعـجب..!» بقلم ابو الطيب البلوي القضاعي » آخر مشاركة: ابو الطيب البلوي القضاعي »»»»» الخِصال السّبع» بقلم مصطفى امين سلامه » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رباعيات للشاعر صلاح چاهين» بقلم سالى عبدالعزيز » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» المعاني النحوية - رأي في آيات زوال الكيان الصهيوني» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» من هو السامري - رأيي» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» دفق قلم القرآن والإنصات» بقلم نورة العتيبي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»

النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: توم ـ جيري..العصف المأكول..

  1. #1
    أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    الدولة : أرض الله..
    المشاركات : 1,952
    المواضيع : 69
    الردود : 1952
    المعدل اليومي : 0.33

    افتراضي توم ـ جيري..العصف المأكول..

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين ابن زرافة مشاهدة المشاركة
    الإهداء..
    إلى الناقد المتفرد الأستاذ معروف محمد آل جلول


    العصف المَأكول..~~


    واستغرب الفأرُ "العزيمة"، وهَمَسَ في أُذن زوجه:
    -أيّة مَأدُبة! وأيّة دعوة! وأيُّ تخريف هذا؟
    المفــترس"مَهْــران" يَحُجُّ... يَعْتَمِر...يُقِيـمُ الولائم...!
    والمَدعوون فئـرانٌ وفئـرانٌ وليس غير الفئران؟!
    أوَليس في هذه الحظيرة الفسيحة غيرنا كي يشرَّف بالدعوة ويُكرَم بالعشاء
    يا امرأة؟
    أم أن صاحبنا قد تاب في عُمْْرَتِه وآب، ونقىّ-بزَمْزَمَ- قَلْبَه من الشّهوات، وصار يَتسَوَّلُ مِنّا فرصةً يُكَفِّرُ فيها عن ذنوبه الكُثُر قبل الممات، خصوصا وهو يشارف على الصَّيرورة فأرا من الهُزال والهَرَمِ، لَولا فِراءُ القِطَطَة الرّمادي الذي يَنْفُخُه.
    فَلْيَكُنْ...ولْنَلْتَمِسْ لأخينا، لابن ضَيْعَتِنا، العُذْرَ ا لسبعين- بعد الألف-
    ولْنَرى ما عساه الليلةَ فاعلٌ؟
    وابتاع له هدية لذيــــذة..."لحمٌ مفروم مُصَبَّر بنكهة الفئران"...
    وكذلك فعل باقي المدعوين...
    وأراقوا العصائر والمشروبات فوق مائدة السُّفْرَة، وتشاطروا قطع الأجبان والشَّحم والفطائر، ورقصوا، وأَنْشَدوا، وتعانقوا معه، مع حَفَدَتِه وأهل بيته...
    حتى إن صغارهم ارتموا في حِضنه مداعبين شواربه البراقة:
    -أن يا جدنا...ما أَحَنـّّكَ...ما أرْأَفَكَ...ما أصدقك...وما أَكْذَبَ آباءنا في نَسْبِ الدَّنيء من الخِصال إليك وإلى أفراد سُلالتك.
    وإنا لَنُعاهدُكَ ــ ومنذ ا لليلة ــ على أن نَعُودَكَ ونُقِيمَ في "عُشَّـتِك "هذه بقدر مكوثنا في جحور آبائنا، حتى وإن أَنَّبُونا وعَنَّفُونا.
    ولكم كـــان انعكاس ظلال أجسادهم الغَضَّة باهرا في عيونه، ونَبْضُ قلوبهم الرَّهيفة عنيفًا مُتسارعا في قلبه وهو يَضُمُّهم إلى صدره بشدة ويُهَدْهِدُهُمْ...و"يُشَمْش ِمُهُمْ"..
    وتناوبوا جميعا على حِجره وحِضْنِه، مُقَبِّلينَ يَديْه المرتعشتين المُتَوكِّئتَيْن على عصًا غليظة من ا لخيزران، وجبينَه المُتَفصِّدَة عرقا غزيرا مُثَلـّجا ــ غير كبيرهم! ـ
    فوحده ما دنا، ولا انْطَلَتْ عليه مَكيدةُ آل البيت...
    بل ظل يُراقبُ الحاج عن بُعْد، ويَتَنَصَّتُ للُهاثه غير المحسوس، ويَتَتَبَّعُ مَسار لُعابِه المتهاطل كَوَابِلٍ غزير، وأظافيرَه المُلْتَمعةَ التي بدأت تَدبُّ شيئا فشيئا، وزوجتَه التي سَفَرَتْ بعد طول انزواء في أحد الأركان، وهي تَسْحب بحذر شيئا سميكا أشبه بشباك الصيد، وحُفداءَه المتوزِّعين أمام كل مدخل ومخرج وجُحر...
    فقفز إلى المِنَصَّة راقصا، ومُراقِصًا كل فرد من الفئران على حِدة، وهو يتَرَنَّمُ بلهجة لا يفقهها غيرهم:
    في غَضِّــهِ الأََبْصـــارَ حاجٌ ناسِكٌ
    والوَثْبــَـةُ الرَّعْنَـاء خيرُ المُفْصِحينْ
    أنَّ العِـمـامَةَ فوق رأس فَقيهِنــــا
    ما دَلَّ لَوْنـُها عالتُّــقــى والدِّيـــنْ
    فَلْتَنْتَقي ا لفئرانُ سَفـــّـُودَ الشِّــوا
    أو تَـتَّقي السَّفّــاحَ بالعَدْوِ المُبِيـــنْ
    ثم همَّ بالعدو، وسرعان ما حَذَتْ بقية الفئران حَذْوَه ُ وتَفَرَّقَتْ مذعورة في كل وجهة...
    فمنها ما دُكَّ دَكًّا بأعواد المكنسة الخشبية وصُيِّرَ لَحْمًا مَفْرُوماً طازجا، متبَّلا، ليس في حاجة إلى نكهة الفئران...
    ومنها من قضى نَحْبَهُ بين فَكَّيِّ أحد الهِرَرَة المُتَناحِرين...
    وأما الثــُّـلَّةُ النَّاجيَةُ منهم...
    فعادت إلى ا لجحور خائرة القوى، مُنْهَكَةً من التعب وهي تئِنّ و تَنْزِفُ...
    وتَجَمْهَرَتْ حول جُثَّة الحكيم المُحْتَضر الذي جعل يَشُدُّ الأيادي، ويُرْجِفُ الأعْيُن،
    ويَهْذِي بِحِكَمٍ ما أَفـْلَحََ أحد في فَكِّ تَراميزها، قبل أن يَنْضَمَّ إلى...مقابر العَصْفِ المَأْكـُــول
    .
    تـــوم ـ جيري..العصف المأكول..
    مــــحاولة مقـــاربة..

    هذه مجرد محاولة مقاربة نص؛نتناوله من خلال الإجابة التي ترد ضمنيا على :
    ـ 1ـ هل منهج فلاديمير بروب في دراسة الخرافة هوالقرآن الذي يجب الالتزام به؛رغم علميته ؛ ودقّته؛ وقدرته على تفتيت النص وبلوغ خباياه؟وما حكم الميثولوجيا الغربية على الخرافة العربية ؟؟
    ـ 2ـ أليس القارئ المتلقي حرا في اختيار المنهجية التي يراها مناسبة لبلوغ نتائجه..أو اختيار أدوات إجرائية معرفية مناسبة من مناهج متعددة..أو حتى دراسته خارجيا من خلال سياقاته فقط؟؟
    ـ3ـ بعد تفكيك وحدات النص من داخله ؛ألسنا أحرارا في التسلل خارج هامش حدوده ؟؟ أو حتى الانتقال من الخارج إلى الداخل؟؟
    ـ4ـ التراث الحكائي الشعبي ..الأفضل نقله بعاميته أم تفصيحه؟؟
    ـ5ـ هل الأدب الشفوي المروي كـالخرافات والأساطير والأحاجي أنتجه الفكر لمجرّد التّسليّة والمُسامرة ..أم عالج ويعالج أوضاعا اجتماعية ؛سياسية ؛اقتصادية؛ دينية ؛ثقافية..لينعكس الكل على حضارة قائمة ؟؟
    ـ6ـ هل توم ـ جيري في الرسوم المُتحرّكة الغربية ..هو نفسه القط ـ الفأر في المأثور العربي..وما مدى كشفه عن خلفيات ثقافية توجّه وتؤطِّر الرّؤية ..واستشراف سياسة تربوية..بيئية؟؟
    ـ7ـ ما موقع هذا النص المحكي من التّصوّر الإسلامي؟؟..
    تمهيد :
    هذه الحكاية صيغت في قالب قصة قصيرة جذّاب ؛بأ سلوب ممتع ؛في حُلّة فُكاهية طريفة ؛مرِحة مثيرة..مُعتمدةً الضّغطَ والتّركيزَ؛وما ينجرّ عنه من اختزال لأحداث كساها الإيجاز بالحذف ؛بحُبْكتِها الفنية التّقليدية البسيطة ..ظاهرها التّسلية والتّسرية ..باطنها تدجين جيل من خلال النّقيض..
    وقد تضمّنت مداليل فلسفية ؛وفكرية ؛وتفتّحت على واقع إنساني أليم رغم بساطتها ..ينتهي إلى أبعادسياسية استعمارية..وقد تناولت مُعاملات بشرية ؛تؤطِّرها سياسات نابعة من أصول وطبائع ..باطنيا..كـ أبعاد لما وراء النص..ظاهريا في شكل خُرافي؛ملفوظه الحواري على ألسنة الحيوانات ؛وفاعل أحداثه وموجّهها هم أنفسهم كـشخصيات رئيسية وثانوية ..وإذا بالفكر العربي حكيم ؛ظلّ مُتّقدا ؛يستوعب الحياة ويعكسها في القالب الفني..
    من العامية إلى الفصحى:
    نقلت الحكاية من لهجتها العامية إلى ..لغة فصيحة وقد وصلنا المأثور الشعبي مشافهة عبر الرواية بلهجة عامية ؛وهذا ينبئ عن تداوله بين العامة ..في عصور الضعف الأدبي المزعوم ؛والحقيقة أن الأدب في هذه العصور..قد خرج عن رسميته إلى ..شعبيته فقط..وهذه سمة ميّزت كل ناقلي الأدب الشعبي إلى الفصحى ..والمطلوب هو التّدرّج باللغة العربية حتى تعود إلى مستواها المطلوب..ما العامية إلا صدى ضعف ووهن أصاب العقلية العربية فترة انحطاطها..
    الميثولوجيا والخيال العربي:
    1..
    الميثولوجيا الغربية الاستشراقية المُغرضةالهادفة إلى همز كلّ عربي أصيل ..يبدو أنها أصدرت قرارها في الخرافة العربية ؛واتهمتها بتصوير المحسوس فقط..وقد تأثّر بعض الباحثين؛فـكانت بحوثهم ظلالا للتحقيقات الوهمية الغربية:
    //فـإذا أردنا أن نبحث أسطورة عربية فـعلينا أن نراها في خيال تصوري أكثر مما نراها في خيال اختراعي//2..
    والحقيقة التي تثبت من خلال الأحاجي ؛والخرافات ؛والأساطير؛والنوادر العربية ؛جسّدت حتى الغائب مثل حكايات الغول ؛والجان..ليستقر العكس؛إن الخيال العربي مبدع خلاّق؛لكنه متأثر بواقعه المحسوس؛فـكل حكاية شكّلت عمل فني شعبي لها صداها الواقعي الذي ينعكس شعاعه على النفس..مهما أغرقت في الخيال..وهذه الحكاية خير شاهد.. ؛ولاتخلو مضامينها من منطق؛ولامن حقائق..إن هذه الميثولوجيا لم تنصف الخيال العربي؛بل أغرقت في اتهامه بالسذاجة ؛والبساطة رغم تركيبته البنيوية ..بل الخيال العربي ـ عبر التاريخ ـ فتح آفاقا للخيال الغربي؛ووسّع رؤيته للوجود..ومن الأدلّة الثّابتة هو تأثّر إيميل دانتي ألجييري الإيطالي في رحلته الخيالية عبر كتابه / الكوميديا الإلهية/ بأبي العلاء المعري في /رسالة الغفران/.
    حول المنهجية المُعتمدة:
    من المقاطع إلى المشهدانية:
    في إطار علمنة النّقد..واعتماد المناهج النسقية الحديثة ؛ولاسيما البنيوية الشّكلانية ؛المُنغلقة على النص؛المُكتفية به؛والتي تقف عند الكيفية التي نُسِج بها النص..اعتبر/ فلاديمير بروب/أن الحكاية الخرافية هي بناء بنيوي مركّب3..وهي منهجية تعتمد أدوات إجرائية محكمة في تقسيم الحكاية إلى مقاطع..واستخلاص وظائف كل مقطع..للوصول إلى تركيبة الحكاية ؛وعناصرها المساعدة ؛وتتابعها ؛وكشف علائقها ..ثم استخلاص المغزى التربوي خاصة..
    /استوعب غريماس المنهج البروبي؛معيدا النظر في بعض المفاهيم الوظيفية وصياغتها./صياغة جديدة موسومة بالاختزال والتجريد الرياضيين/منتهجا المنهج البنيوي الذي يرى من خلال مفهومه العام؛وما يبقى أصليا فهو النواة أو الشكل الثابت.أوأيضا البنية الشكلية للتحويلات//5
    لكننا نحن هنا أمام نص امتزج فيه جنسان؛قصّة قصيرة كاملة المقوِّمات ؛كست حكاية خرافية..أي أن حكاية /القط ـ الفأر/صيغت في ثوب قصّة..وتداخل الأجناس الأدبية أضحى ظاهرة مُعاصرة؛في إطار الإبداع الجديد؛عبر حركة أدبية متغيِّرة باستمرار؛تنسلُّ من التّقليد ؛وتبحث عن ثوب جديد..حتى صارت فنونا نثرية ..وسردية..
    // ولمّا غدت الفنون تتثاقف؛وتنفتح على بعضها بعض؛وتتداخل ؛وتستعير تقنيات بعضها بعض؛أضحى أمر الشّكل المشحون بالدّلالة أمرا خطيرالايستهان بقيمته كآلية من آليات إنتاج المعنى//6
    ونحن هنا أمام مقاطع شكلت مشاهد..ومُصوِّغ تناول الخرافة عبر مشاهد؛هو أن اللغة عموما مهما تجرّدت من المحسوس؛فـهي تحمل صورة مشهدية للذهن..ولن يفلح قارئ في فهم النص ما لم ينعكس في شعوره الباطن صدى المشهد في موقف أو حالة أو فكرة..هنا تبرز ضرورة امتلاك مشهد ذهني أوّلا..والمشهدية منهج قرآني7..إن فضاء المشهد ومساحته ؛ومحيطه..تشكله صورة المخيال..عبر اللغة الإيحائية والصريحة..وما الصور البيانية من تشبيه؛واستعارة ؛وكناية ؛ومجازـ إن وُجِدت ـ إلاّ صور جزئية للصورة الكلية التي تشكل المشهد..ولذا فإن اللغة المنتقاة في ملفوظ المتن السردي الحكائي الخرافي..عبر استقلالية المقطع النسبي بأحداثه؛في مكان معين..تشكل صورة شاملة كاملة للمقطع..ومن عناصر الترتيب المتتابع للأحداث؛نستخلص العلائق..
    وتلك الصورة المشهدية للمقطع التي نسجتها لغة النص بإيحاءاتها وشحناتها المحسوسة في الخيال؛واستقرّت في الوعي؛وتردد صداها في الشعور الباطن؛وتماهى في الوجدان..حتى شكّلت مَلَكة ذهنية..فانتقلت من النص إلى ملكية المتلقي..نطعمها بالمنهج البنيوي والسيمائي الذي يعتمد كلاهما على تفكيك الخطاب؛في إطار التنقيب عن البنية الأولية الجوهرية ؛والإفصاح عن تلاحمها مع جزئياتها بغية الكشف عن علائقها..
    /مكما عمل غريماس على توسيع شكلنة الأجهزة النظرية؛بإدماج النص السّردي/ الذي مازال يستقطب المنهج الشكلاني في حقل مشروع السيميائية العامة والبحث عن العلاقة التي تربط النص القصصي بالنظرية//8
    إن القارئ إن استوعب كامل الصورة المشهدية الكلية النصية في مخيلته؛يكون قد امتلك النص..وبعدها يستطيع إسقاطه على الواقع المعيش؛أو تصوّر بيئة الماضي؛فيُحيلُه إلى التاريخ؛أو إمكانية استشراف حدوثه في المستقبل..
    كما يمكنه أن يتناوله من وجهة علم النفس التربوي..وكذا الاجتماعي..لتبقى عملية امتلاك الصورة الكلية المشهدية للنص حتمية ..لتتأكد ضرورات الفهم الجيد للخطاب أولا..
    //فإذا سألنا عبد الملك مرتاض:هل هناك قراءة سيميائية محضة؟أجاب: إننا من السذاجة أن نزعم أن نبلغ من النص الذي نقرؤه منتهاه؛إذا وقفنا من حوله مسعانا على منظور نفساني فقط؛ومنظور اجتماعي فقط؛أو بنيوي فقط مثلا..من أجل ذلك تميل الاتجاهات المعاصرة إلى التركيب المنهجي لدى قراءة نصها//9.
    مشاهد الخرافة:
    يمكن تقطيع هذه الخرافة إلى ست مشاهد ..
    المشهد الأول:
    دعــوة .. شــك ..استجابة..
    يمكنك هنا أن ترسم في ذهنك صورة الفأر وهو يستلم دعوة القط للوليمة ..وأجواء الرعب التي سادته ممزوجة بالدّهشة والحيرة..محاولا إيجاد التبريرات الكافية للتلبية أو الرفض كرد فعل لفعل..وكذا المكان الذي يجالس فيه زوجه..وهو يحدّثها..فـالحكاية ـ إذا ـ تنطلق مباشرة من استغراب شيخ القبيلةـ الفأرـ محاولا تبرير موقفه لزوجته من دعوة القط الحاج للفئران وحدهم..دون سواهم من فصا ئل الحيوانات لوليمة..فـالقط في وعي الفأر ؛مفترس ؛وجرائمه موغِلة ؛وهي طبيعته المُتأصِّلة فيه..غريزة قططية أبدية..ولكنه اعتمر ؛وربما طهّره ماء زمزم؛ويريد أن يكفِّر عن سيئاته..ويُحتمل أن يكون سرّ دعوة الفئران وحدهم..وإبقاء الفأر للاحتمالات الأخرى قائمة ؛يزيد إثارة ؛ويضاعف الشّوق للمتبقّي..
    احتمال توبة القط يرجّح عند المُتكلّم ؛الحيرة والتّردّد ؛في قرار تلبية الدّعوة..ويوفّر تواصل الخيط المتين في التّرابط المنطقي للأحداث..وتتنامى العقدة تدريجيا ؛بتواتر الأحداث؛وتصاعد إيقاعاتها..
    المشهد الثاني:
    هدايا ..اقتداء..ذهاب..
    يبدو كبيرهم قدوة..وهي طبيعة عربية بشرية أسقطت في السردية على الخرافة..وتبدو التربية جلية في ترسيخ عنصر الطاعة للكبير..فـهو الآمر ؛النّاهي..يقلّده الفئران في اقتناء هديّة من لحم/بنكهة الفئران/..والعبارة كافية للدلالة على تواصل الشّك؛والتّوجّس من عجز القط على تغيير طبعه..والحذر مستمر رغم قرار الحضور والتلبية الصّعب..ويمكنك تصور طريقة التنقل ؛والوصول ؛ومراسيم الاستقبال..
    المشهد الثالث:
    حضور..تفاعل..حذر..
    الإيجاز بالحذف الذي اختزل وصف المكان؛تركه لخبرتك ؛وذائقتك؛وحرّيتك في تصوّر موقع الحفل..مما يوسّع مجال الخيال فسيحا في رصد الصورة..إن بصرك هنا يتوزّع على وسائل الوليمة وأدواتها..ترى ببصيرتك أنواع الأشربة الموزّعة ؛والمأكولات المفضّلة..وكيفيات تحقيق متعة السهر على العادة..رقص..أغاني..عناق..بين عائلتي الفأر والقط..
    وإذا بالعمرة مجرّد /مُكاء وتصدية/..سياحة وانتهت..واستؤنفت حياة الجاهلية على عادتها..حيث الغناء ..والاختلاط والرقص..والعناق..ليست من صفة المسلم..وإذا بالمناسك لاتنتج أي آثار سلوكيّ؛يطبع الإيمان؛ويجسّد التّقوى ؛ويقف دون حدود الله..
    وتحيلنا هنا الخرافة الشعبية إلى التّفسّخ الخلقي الذي بلغته العامة في عهد التّردّي؛والتّحلّل من صلب الدين..هكذا تبدو البيئة..تناقض بين العادة والعبادة ..عبادة تنسفها البدع..ويتواصل المشهد البصري..في تصوير غرّة صغار الفأر ؛وهم يرتمون في أحضان القط..إذْ سرعان ما ينقلبون؛ويشهدون بحنانه ؛ورأفته ؛ وصدقه..وكذب آبائهم في تصوير خصال القط السيّئة ..يعلنون تكرار الزيارات..وقد كان /يهدهدهم ؛ويشمشمهم /وهو يرتعش والعرق يتصبب ؛مُغالبا غريزة الانقضاض..لنسجّل الاغترار..وآثار الذوبان والانسلاخ..
    المشهد الرابع:
    ترقب..متابعة..كشف..
    كبير الفئران ..هو الحكيم ؛المُتصدي؛المُقاوم..الذي بقي الشّكّ يُساوِره..خبير ؛يترقّب عن بُعد؛يرصد لهاث القط ولعابه؛وبروز أظافره..ويلتفت إلى حيث القطة تسحب ما يشبه شباك الصيد..وينتبه إلى حفداء القط؛وهم موزّعون على المخارج والمداخل..فـهو الرّقيب الحارس الأمين الذي لا تنطلي عليه خدعة..
    لنقف هنا عند الغاية التربوية المستوحاة من الخرافة ؛وهي الحفاظ على الأصول والهُوِيّة؛وطاعة الكبير لحكمته وعلمه بصروف الزمن ؛ونكبات الدّهر..وكيفيات الحفاظ على استمرارية الأمن والاستقرار في الحياة..وإذا بالعبرة تقول أنه لايمكن أن يصير العدوّ صديقا أبدا..
    المشهد الخامس:
    يقين.. تواصل..تحذير..
    نتصوّر هنا يقين الكبير بفعل المكيدة المدبّرة ؛وردّة فعله..إذ تراه يقفز محاولا انقاذ ما يمكن انقاذه ؛ينفرد بكل فأر يراقصه؛يخبره بلغتهم الخاصة بهم رمزا؛بالخطر المُحْدِق..
    المشهد السادس:
    فرار..هلاك..نجاة..
    تتصوّر هنا طريقة الاستنفار الكبرى التي عمّت مجمع الفئران
    في خضمّ الحفل..والكيفية التي فرّ بها كبيرهم ؛بعد إبلاغ رسالته الممثّلة في الإخبار بالخطر الحقيقي الواقع بهم جميعا..والكيفية التي انهال بها القطط على الفئران بالمكانس والشباك؛وهم يتسلّلون عبر الأبواب؛ووضعية سقوط بعضهم ؛أشلاء..لحم مفروم..وكذا الطريقة التي أصيب بها بعضهم ؛وما لحقهم من إعاقات؛وما يترتب عنها من دمار نفسي..والحل النهائي للعقدة ..والوصايا الحكيمة التي كان يهذي بها كبيرهم وهو يحتضر..فـ يهلك بطريقة مأساوية..
    سياسة توم ـ جيري:
    إن تحريف الأشياء عن طبائعها الخاصة التي جُبِلت عليها بالغريزة هو عمل خيالي فني؛لايؤسسه منطق..وتحويل القط إلى شخصية ـ في الرسوم المتحرّكة ـ تنافس الفأر أحيانا ؛وتُداعِبه أخرى ؛وتُصاحبه في حالات..وإبقائه على قيد الحياة ليس حبا فيه ؛ولكنه النقيض الذي به تطيب الحياة بممارسة الحكم عليه..وشعور الغالب بالرفعة والقوّة والسياسة الغربية عموما تبنى على الصراع الطبقي..ثم توجيه كل هذا إلى أطفال العالم ..وهم مولودون على الفطرة ..هي سياسة تربوية مُغرضة ؛تهدف على ترويض الجيل على الاستئناس بالقوّة ؛والتّعامل معها ؛والتّعايش معها؛بل تعاطي الحياة معها..والرضى بالبقاء تحت سلطتها ..بل طلب حمايتها ؛والثّقة بها..
    إن هذا العمل المثير ؛والمؤثّر الذي يرتدي ثوب التّسلية ؛باطنه ترويض النّفس البشرية على قبول القوّة ؛والرّذوخ لها..ليسهُل في النّهاية قبول مشاريع الاستبداد والاستعمار؛وتجسيد رغبة القوي..والخضوع لمخططاته التي تخدم مصالحه؛بل العمل على تنفيذها..
    إن جدلية القوّة والضعف؛تنزاح هنا عن مرتبة الصّراع الحادبين اختلال موازين ..إلى حوار وهمي يقبل فيه الضّعيف كلّ شروط القوي..وتحتل القوّة مساحة واسعة في حياة البشر ؛من الفرد إلى الأفراد ؛إلى الجماعات..محليا ؛وإقليميا ؛ وعالميا..من صراع النفس مع العقل حول القيادة الشّخصية إلى سيطرة الأخ على أخيه ..المسؤول على مُستخدمه ؛إلى سلطة على الشعب..إلى دولة على عالم بأسره..إلى مذهب فلسفي على آخرين..
    حينما تسود الحياة فكرة جاهلية ؛ويغيب العدل العالمي ؛ويصير مجرّد شعارات..ينتشر الباطل في الأرض؛ولاتعيش الأمم القويّة إلا على عرق ودماء الضعيف واستعباده..لو انسحبت هذه الدول النّامية الفقيرة من الحضيرة العالمية ؛وقاطعت بضع دول غنية قوية لتآكلت هذه الدول ؛ولَعمل الأقوى فيها على إخضاع القوي..
    وهذا يدلنا على أن متناقضي القوة والضعف؛حتمية وجودية في ظل الباطل؛تؤسس الصراع الطبقي الماركسي..ولمّا كانت هذه الخرافة العربية حول القط ـ الفأرتنظر إلى الطبائع على حقائقها ؛وتجعل الفأر أينما وجد ه القط فـهو وجبته اللذيذة المفضّلة..فقد نسفت /توم ـ جيري/ في نفسية القارئ؛وغيّرت له المفاهيم..وصححتها ..حينما قام حوار بين هذا النص ونصوص / توم ـ جيري/ السابقة وهنا قيمة النّصّ واهميّته..
    // والمهمّة التي يُنيطها /ياوس/بالقارئ تنشأ من طبيعة النص أولا ؛ومن طبيعة ما أسماه بأفق الانتظار ثانيا.إذ لايمكن تصورهذا القارئ إلا بين أفقين ؛أفق أسّسته النصوص السابقة وركَزَت فيه جملة من القيم والمعطيات الجماليةو ؛وهو الأفق الذي يحاوره النص الجديدويُقيم معه لعبته ؛فيُعرِّضُهُ إلى زعزعة وتحوير وتبديل وإثراء؛فتنتقل الذات القارئة من حال إلى أخرى....10
    تلاحظ هنا رغم توفّر اللحم المفروم للقط بنكهة الفأر إلا أن القط ظل مجبولا على قبض روح الفأر قبل لحمه..الفطرة على إفنائه ؛وما أكله إلا لذّة إبادة متى سنحت الفرصة ..هنا العبرة العامة المركزية..
    إننا حينما ننتقل خارج النص ؛ونقارن بين تناول أدبين مختلفين في الرؤية والاتجاه..وفي النظر إلى الوجود والحياة والإنسان..نقف عند مدى شحن الفن الخرافي للقيم الإنسانية ..والفارق الجوهري بين /توم ـ جيري/ الغربي..وعلاماتها السيمائية كرسوم متحركة ..والقط ـ الفأر العربي كخرافة محكية ..لنقف عند التوجيه التربوي النفسي الخطير ؛وتوظيفه السياسي..ولئن كنا نتعاطى يوميا سلسلة لامتناهية حول القصة الكبرى القائمة بين/ توم ـ جيري/ ..عبر الفضائيات..فإن الأدب العربي نادرا جدا ما تناول الحادثة..وهنا ندرك الدواعي الحقيقية الباعثة على الدراسة والتّمحيص..
    الحُبْكة الفنية :
    إن هذه الحُبْكة الفنية التقليدية التي بدأ استهلالها باستلام الفأر الدعوة ..تبدأ سردية أحداثها من جحر الفأر مصاحبة لوصف الحالة النفسية .ثم تنتقل إلى مكان الحفل ؛والصراع النفسي متواصل بدافع الشك؛والبحث عن اليقين متتابع حثيثا ؛والأحداث تتصاعد ؛والعقدة تتشكل تدريجيا ؛والإثارة متواصلة ؛حتى يكتشف الفأر اللعبة ؛؛؛وهنا ينطلق بصيص لحظة التنوير ؛ويزيد فيه الصراع بين العقدة والحل توترا وحدة حتى يبلغ قمته؛مع الشعور بأوج الخطر ؛ويشرع الفأر في تحذير الصغار ؛واستعداد القطط..ونقف هنا عند قمة العقدة في الحكاية ؛وهي بؤرة التأزم ؛والنقطة الأرجوانية المركزية التي تفاجئنا الأحداث اللاحقة بحل ربطها مباشرة ..بل تنزاح متدحرجة في هبوط توترها ؛كلما انقشعت لحظة التنوير مع انطلاقة عين كبير الفئران في ملاحظة الأفعال ..وتزيد اضمحلالا وتلاشيا كلما ارتقت حدة الترقب..ويتبدد الشك مع اليقين مع أول حركة قفز للفأر بين صغاره يخبرهم رمزا..وكلما تجلى الحل ؛كلما بلغت العقدة قمة توترها ؛وبالفرار الذي يلونه الهلع ؛تضع العقدة أو زارها ؛وينتهي الحل إلى قتل وأكل ؛وجروح وإعاقات ؛واحتضار.. فـموت..
    ولكن الخرافة تطرح نهاية ؛تشكل علامة استفهام دائمة في ذهن المتلقي ..هذيان كبير الفئران بتمتمات غير مفهومة ..وهي البعد الماورائي للنص..نهاية مفتوحة رغم حل الحادثة ..تُرى بِمَ أوصى صغاره؟؟
    أوصى بالتوصيات التالية:
    ـ يمكن أن تمدد هذه القصة الخرافية بالاسترسال في ملء فراغات الإيجاز بالحذف؛وذلك بسرد جزئيات الأحداث ووصف مواقفها ؛وهيئة شخصياتها الفاعلة ..ثم طبعها في كتيب مستقل ..بالخصائص التشكيلية لفئة المراهقين وما دونهم ؛وما فوقهم ..والفوائد كبيرة..
    ـ رد الفعل على سلسلة/ توم ـ جيري/؛يكون باشتراك أقلام عربية تتناول الحكايات لتشكل سلسلة ؛تحق الحق؛بالفصحى وتحفظ المخلوقات على طبائعها وخصائصها في إطار:
    //تأصيل الأصيل ؛واستحداث الجديد//11
    ـ واجب الوسائل السمعية البصرية ترجمة هذه الأعمال في سلسلة رسوم متحركة/قط ـ فأر / عربية.
    هوامش:
    1ـالمثيولوجيا:علم الأساطير.
    2ـ الأساطير والخرافات عند العرب:د/محمد
    عبد المعيد خان طبعة رابعة1982ص49.
    3ـ مورفولوجيا الحكاية الخرافية:فلاديمير بروب.
    4ـ في الخطاب السردي.نظرية غريماس.محمد الناصر العجيمي.الدارالعربية للكتاب.تونس 1991ص8.
    5ـ البنيوية .جان بياجيه ترجمة عارف منيمينة وبشير أوبري..منشورات عويدات بيروت ط31982ص73
    6ـ ـنظريات القراءة في النقد المعاصر:أ/د/ حبيب مونسي .منشورات دار الأديب2007ص100
    7ـ سيد قطب أشار إلى المشهدية ..في ظلال القرآن..التصوير الفني في القرآن الكريم..
    8ـ المنهج السيميائي.من النظرية إلى التطبيق.د/ أحمد طالب.دار الغربص21.
    9ـ نظريات القراءة في النقد المعاصر ص73.
    10ـ نظريات القراءة في النقد المعاصر..ص114.
    11ـ نقد النقد..المنجز العربي في النقد الأدبي.دراسة في المناهج..ا/د/حبيب مونسي ..منشورات دار الأديب2007ص142.

  2. #2
    الصورة الرمزية عبد القادر رابحي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 1,735
    المواضيع : 44
    الردود : 1735
    المعدل اليومي : 0.26

    افتراضي

    أخي الحبيب معروف
    السلام عليكم..

    تطرح دراستكم النقدية لقصة الأديبة ياسمين بن زرافة إشكاليات متعددة من خلال التساؤلات التي وردت في مقدمة الدراسة..
    و هي تساؤلا ت-على غرار كونها مشروعة من الناحية الفكرية البحتة-تجادل المنحى العام الذي يسير عليه أغلب النقاد في
    تعاملهم مع النصوص الأدبية.
    و هو منحى يكاد يأخذ كل آت من الغرب على أساس أنه هو المنقذ من الجهل.
    و لعل هذه الصورة رسخت في اذهان الكثير منا جميعا نظرا لما تقدمه هذه المناهج من آليات محايدة لا تستميل النص الأدبي من حيث يريد الناقد ان يصل إليه. هكذا كان يبدو للدارسين العرب جميعا و هم يحاولون تقديم المناهج النقدية الغربية و كأنها الحل النهائي لأشكالية تأويل النص. غير أنهم سرعان ما يستبدلون هذا المنهج بذاك لمجرد أن أحدهم أصبح قديما .. و بقي الأدب العربي يرزح تحت نير المناهج الغربية في كل فترات تاريخ الدراسات النقدية العربية في التاريخ المعاصر..
    ما مكانة الجرجاني و ابن طباطبا و المرزوقي و ابن رشيق و غيرهم من النقاد النقاد؟ و ما مكانة كتابتهم من هذه المناهج المعاصرة..

    إن الدراس لهذه المناهج و المطلع عليها بعمق و دقة سيجد لا محالة أن لها اصولا فلسفية انطلقت منها و تيارات فكرية تريد أن تجر آداب الأمم من خلالها..
    و لذلك فإن طرح سؤالكم منذ البداية متضمنا العلاقة بين المنهج الوظائفي البروبي أو الغريماسي يبدو مشاكسا إلى درجة كبيرة ومتحديا المجرى العام الذي تحدث عنه بداية ..
    لا ينكر أحد أن آليات المنهج علمية في مجملها و موضوعية في طرحها لطريقة التعامل مع النص الأدبي ..
    لكن هل هذا يكفي ؟
    لقد استطاع هذا المنهج ان يحدد آليات الإبداع في الخرافات و الحكايات الشعبية التي هي نوع من أنواع الأساطير بصفة عامة. كما أستطاع الدارسون أن يصلوا من خلال ضبطهم لهذه الاليات إلى ما سمّوه: "منطق السرد" أي أن لطرائق السرد وجهة و بناء واحد داخل منظومة التفكير الإنسانية عامة.. من خلال بداية الحكاية بوظائف معينة اقتضاها منطق السرد ومرورها بوظائف معينة و انتها بوظائف معينة كذلك اقتضاهما لحمة السرد و نهايته التي لا بد أن ينتهي إليها
    و اعتبورا بأن لا خلاف بين بنية القصة المحكية من حيث الوظائف التي تتكون منها سواء أكانت هذه القصة المحكية هندية أو روسية او أمريكية أو عربية . كما اعتبورا أن لا خلاف في بنيتها الوظيفية سواء أكتبت اليوم و الأمس أو منذ آلاف السنين..
    و لعل هذا ما جعلهم يقول إن الرموز التي نعطيها للقصة المحكية هي التي تتغير.. فالقط والفأر عند العرب هما توم و جيري في أمريكا..و القس في انكلترا هو الراهب عند الهنود أو الكاهن عند شعوب أخرى من حيث الوظيفة التي يؤديها في بناء السرد..
    و هكذا دواليك في كل الوظائف التي تحرك السرد من نقطة البدء إلى ارتكاب الخطأ إلى التغير إلى نقطة النهاية..
    و لعلنا بهذا نستطيع أن نفهم الإشكال في الإسقاطات الإيديولوجية التي نسقطها على القصة و رموزها و ليس في بنية النص..

    أخي الكريم معروف

    جهد طيب مشكور تقومون به في الواحة من أجل تنوير النصوص الأدبية و تقديمها في قراءة نقدية تعيد النصوص الأدبية إلى الطرح الفكري و الجدل المعرفي..
    و لقد استطعت أن تعيد قراءة قصتنا هاته بوعي و حس نقديين حادين مدعمين برؤية تجزيئية ممنهجة و عمل توثيقي أكاديمي
    فشكرا لك

    و هنيئا للأديبة ياسمين بن زرافة

    و مزيدا من العطاء


    عبد القادر

  3. #3
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2008
    المشاركات : 145
    المواضيع : 18
    الردود : 145
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معروف محمد آل جلول مشاهدة المشاركة
    تـــوم ـ جيري..العصف المأكول..
    مــــحاولة مقـــاربة..

    هذه مجرد محاولة مقاربة نص؛نتناوله من خلال الإجابة التي ترد ضمنيا على :
    ـ 1ـ هل منهج فلاديمير بروب في دراسة الخرافة هوالقرآن الذي يجب الالتزام به؛رغم علميته ؛ ودقّته؛ وقدرته على تفتيت النص وبلوغ خباياه؟وما حكم الميثولوجيا الغربية على الخرافة العربية ؟؟
    ـ 2ـ أليس القارئ المتلقي حرا في اختيار المنهجية التي يراها مناسبة لبلوغ نتائجه..أو اختيار أدوات إجرائية معرفية مناسبة من مناهج متعددة..أو حتى دراسته خارجيا من خلال سياقاته فقط؟؟
    ـ3ـ بعد تفكيك وحدات النص من داخله ؛ألسنا أحرارا في التسلل خارج هامش حدوده ؟؟ أو حتى الانتقال من الخارج إلى الداخل؟؟
    ـ4ـ التراث الحكائي الشعبي ..الأفضل نقله بعاميته أم تفصيحه؟؟
    ـ5ـ هل الأدب الشفوي المروي كـالخرافات والأساطير والأحاجي أنتجه الفكر لمجرّد التّسليّة والمُسامرة ..أم عالج ويعالج أوضاعا اجتماعية ؛سياسية ؛اقتصادية؛ دينية ؛ثقافية..لينعكس الكل على حضارة قائمة ؟؟
    ـ6ـ هل توم ـ جيري في الرسوم المُتحرّكة الغربية ..هو نفسه القط ـ الفأر في المأثور العربي..وما مدى كشفه عن خلفيات ثقافية توجّه وتؤطِّر الرّؤية ..واستشراف سياسة تربوية..بيئية؟؟
    ـ7ـ ما موقع هذا النص المحكي من التّصوّر الإسلامي؟؟..
    تمهيد :
    هذه الحكاية صيغت في قالب قصة قصيرة جذّاب ؛بأ سلوب ممتع ؛في حُلّة فُكاهية طريفة ؛مرِحة مثيرة..مُعتمدةً الضّغطَ والتّركيزَ؛وما ينجرّ عنه من اختزال لأحداث كساها الإيجاز بالحذف ؛بحُبْكتِها الفنية التّقليدية البسيطة ..ظاهرها التّسلية والتّسرية ..باطنها تدجين جيل من خلال النّقيض..
    وقد تضمّنت مداليل فلسفية ؛وفكرية ؛وتفتّحت على واقع إنساني أليم رغم بساطتها ..ينتهي إلى أبعادسياسية استعمارية..وقد تناولت مُعاملات بشرية ؛تؤطِّرها سياسات نابعة من أصول وطبائع ..باطنيا..كـ أبعاد لما وراء النص..ظاهريا في شكل خُرافي؛ملفوظه الحواري على ألسنة الحيوانات ؛وفاعل أحداثه وموجّهها هم أنفسهم كـشخصيات رئيسية وثانوية ..وإذا بالفكر العربي حكيم ؛ظلّ مُتّقدا ؛يستوعب الحياة ويعكسها في القالب الفني..
    من العامية إلى الفصحى:
    نقلت الحكاية من لهجتها العامية إلى ..لغة فصيحة وقد وصلنا المأثور الشعبي مشافهة عبر الرواية بلهجة عامية ؛وهذا ينبئ عن تداوله بين العامة ..في عصور الضعف الأدبي المزعوم ؛والحقيقة أن الأدب في هذه العصور..قد خرج عن رسميته إلى ..شعبيته فقط..وهذه سمة ميّزت كل ناقلي الأدب الشعبي إلى الفصحى ..والمطلوب هو التّدرّج باللغة العربية حتى تعود إلى مستواها المطلوب..ما العامية إلا صدى ضعف ووهن أصاب العقلية العربية فترة انحطاطها..
    الميثولوجيا والخيال العربي:
    1..
    الميثولوجيا الغربية الاستشراقية المُغرضةالهادفة إلى همز كلّ عربي أصيل ..يبدو أنها أصدرت قرارها في الخرافة العربية ؛واتهمتها بتصوير المحسوس فقط..وقد تأثّر بعض الباحثين؛فـكانت بحوثهم ظلالا للتحقيقات الوهمية الغربية:
    //فـإذا أردنا أن نبحث أسطورة عربية فـعلينا أن نراها في خيال تصوري أكثر مما نراها في خيال اختراعي//2..
    والحقيقة التي تثبت من خلال الأحاجي ؛والخرافات ؛والأساطير؛والنوادر العربية ؛جسّدت حتى الغائب مثل حكايات الغول ؛والجان..ليستقر العكس؛إن الخيال العربي مبدع خلاّق؛لكنه متأثر بواقعه المحسوس؛فـكل حكاية شكّلت عمل فني شعبي لها صداها الواقعي الذي ينعكس شعاعه على النفس..مهما أغرقت في الخيال..وهذه الحكاية خير شاهد.. ؛ولاتخلو مضامينها من منطق؛ولامن حقائق..إن هذه الميثولوجيا لم تنصف الخيال العربي؛بل أغرقت في اتهامه بالسذاجة ؛والبساطة رغم تركيبته البنيوية ..بل الخيال العربي ـ عبر التاريخ ـ فتح آفاقا للخيال الغربي؛ووسّع رؤيته للوجود..ومن الأدلّة الثّابتة هو تأثّر إيميل دانتي ألجييري الإيطالي في رحلته الخيالية عبر كتابه / الكوميديا الإلهية/ بأبي العلاء المعري في /رسالة الغفران/.
    حول المنهجية المُعتمدة:
    من المقاطع إلى المشهدانية:
    في إطار علمنة النّقد..واعتماد المناهج النسقية الحديثة ؛ولاسيما البنيوية الشّكلانية ؛المُنغلقة على النص؛المُكتفية به؛والتي تقف عند الكيفية التي نُسِج بها النص..اعتبر/ فلاديمير بروب/أن الحكاية الخرافية هي بناء بنيوي مركّب3..وهي منهجية تعتمد أدوات إجرائية محكمة في تقسيم الحكاية إلى مقاطع..واستخلاص وظائف كل مقطع..للوصول إلى تركيبة الحكاية ؛وعناصرها المساعدة ؛وتتابعها ؛وكشف علائقها ..ثم استخلاص المغزى التربوي خاصة..
    /استوعب غريماس المنهج البروبي؛معيدا النظر في بعض المفاهيم الوظيفية وصياغتها./صياغة جديدة موسومة بالاختزال والتجريد الرياضيين/منتهجا المنهج البنيوي الذي يرى من خلال مفهومه العام؛وما يبقى أصليا فهو النواة أو الشكل الثابت.أوأيضا البنية الشكلية للتحويلات//5
    لكننا نحن هنا أمام نص امتزج فيه جنسان؛قصّة قصيرة كاملة المقوِّمات ؛كست حكاية خرافية..أي أن حكاية /القط ـ الفأر/صيغت في ثوب قصّة..وتداخل الأجناس الأدبية أضحى ظاهرة مُعاصرة؛في إطار الإبداع الجديد؛عبر حركة أدبية متغيِّرة باستمرار؛تنسلُّ من التّقليد ؛وتبحث عن ثوب جديد..حتى صارت فنونا نثرية ..وسردية..
    // ولمّا غدت الفنون تتثاقف؛وتنفتح على بعضها بعض؛وتتداخل ؛وتستعير تقنيات بعضها بعض؛أضحى أمر الشّكل المشحون بالدّلالة أمرا خطيرالايستهان بقيمته كآلية من آليات إنتاج المعنى//6
    ونحن هنا أمام مقاطع شكلت مشاهد..ومُصوِّغ تناول الخرافة عبر مشاهد؛هو أن اللغة عموما مهما تجرّدت من المحسوس؛فـهي تحمل صورة مشهدية للذهن..ولن يفلح قارئ في فهم النص ما لم ينعكس في شعوره الباطن صدى المشهد في موقف أو حالة أو فكرة..هنا تبرز ضرورة امتلاك مشهد ذهني أوّلا..والمشهدية منهج قرآني7..إن فضاء المشهد ومساحته ؛ومحيطه..تشكله صورة المخيال..عبر اللغة الإيحائية والصريحة..وما الصور البيانية من تشبيه؛واستعارة ؛وكناية ؛ومجازـ إن وُجِدت ـ إلاّ صور جزئية للصورة الكلية التي تشكل المشهد..ولذا فإن اللغة المنتقاة في ملفوظ المتن السردي الحكائي الخرافي..عبر استقلالية المقطع النسبي بأحداثه؛في مكان معين..تشكل صورة شاملة كاملة للمقطع..ومن عناصر الترتيب المتتابع للأحداث؛نستخلص العلائق..
    وتلك الصورة المشهدية للمقطع التي نسجتها لغة النص بإيحاءاتها وشحناتها المحسوسة في الخيال؛واستقرّت في الوعي؛وتردد صداها في الشعور الباطن؛وتماهى في الوجدان..حتى شكّلت مَلَكة ذهنية..فانتقلت من النص إلى ملكية المتلقي..نطعمها بالمنهج البنيوي والسيمائي الذي يعتمد كلاهما على تفكيك الخطاب؛في إطار التنقيب عن البنية الأولية الجوهرية ؛والإفصاح عن تلاحمها مع جزئياتها بغية الكشف عن علائقها..
    /مكما عمل غريماس على توسيع شكلنة الأجهزة النظرية؛بإدماج النص السّردي/ الذي مازال يستقطب المنهج الشكلاني في حقل مشروع السيميائية العامة والبحث عن العلاقة التي تربط النص القصصي بالنظرية//8
    إن القارئ إن استوعب كامل الصورة المشهدية الكلية النصية في مخيلته؛يكون قد امتلك النص..وبعدها يستطيع إسقاطه على الواقع المعيش؛أو تصوّر بيئة الماضي؛فيُحيلُه إلى التاريخ؛أو إمكانية استشراف حدوثه في المستقبل..
    كما يمكنه أن يتناوله من وجهة علم النفس التربوي..وكذا الاجتماعي..لتبقى عملية امتلاك الصورة الكلية المشهدية للنص حتمية ..لتتأكد ضرورات الفهم الجيد للخطاب أولا..
    //فإذا سألنا عبد الملك مرتاض:هل هناك قراءة سيميائية محضة؟أجاب: إننا من السذاجة أن نزعم أن نبلغ من النص الذي نقرؤه منتهاه؛إذا وقفنا من حوله مسعانا على منظور نفساني فقط؛ومنظور اجتماعي فقط؛أو بنيوي فقط مثلا..من أجل ذلك تميل الاتجاهات المعاصرة إلى التركيب المنهجي لدى قراءة نصها//9.
    مشاهد الخرافة:
    يمكن تقطيع هذه الخرافة إلى ست مشاهد ..
    المشهد الأول:
    دعــوة .. شــك ..استجابة..
    يمكنك هنا أن ترسم في ذهنك صورة الفأر وهو يستلم دعوة القط للوليمة ..وأجواء الرعب التي سادته ممزوجة بالدّهشة والحيرة..محاولا إيجاد التبريرات الكافية للتلبية أو الرفض كرد فعل لفعل..وكذا المكان الذي يجالس فيه زوجه..وهو يحدّثها..فـالحكاية ـ إذا ـ تنطلق مباشرة من استغراب شيخ القبيلةـ الفأرـ محاولا تبرير موقفه لزوجته من دعوة القط الحاج للفئران وحدهم..دون سواهم من فصا ئل الحيوانات لوليمة..فـالقط في وعي الفأر ؛مفترس ؛وجرائمه موغِلة ؛وهي طبيعته المُتأصِّلة فيه..غريزة قططية أبدية..ولكنه اعتمر ؛وربما طهّره ماء زمزم؛ويريد أن يكفِّر عن سيئاته..ويُحتمل أن يكون سرّ دعوة الفئران وحدهم..وإبقاء الفأر للاحتمالات الأخرى قائمة ؛يزيد إثارة ؛ويضاعف الشّوق للمتبقّي..
    احتمال توبة القط يرجّح عند المُتكلّم ؛الحيرة والتّردّد ؛في قرار تلبية الدّعوة..ويوفّر تواصل الخيط المتين في التّرابط المنطقي للأحداث..وتتنامى العقدة تدريجيا ؛بتواتر الأحداث؛وتصاعد إيقاعاتها..
    المشهد الثاني:
    هدايا ..اقتداء..ذهاب..
    يبدو كبيرهم قدوة..وهي طبيعة عربية بشرية أسقطت في السردية على الخرافة..وتبدو التربية جلية في ترسيخ عنصر الطاعة للكبير..فـهو الآمر ؛النّاهي..يقلّده الفئران في اقتناء هديّة من لحم/بنكهة الفئران/..والعبارة كافية للدلالة على تواصل الشّك؛والتّوجّس من عجز القط على تغيير طبعه..والحذر مستمر رغم قرار الحضور والتلبية الصّعب..ويمكنك تصور طريقة التنقل ؛والوصول ؛ومراسيم الاستقبال..
    المشهد الثالث:
    حضور..تفاعل..حذر..
    الإيجاز بالحذف الذي اختزل وصف المكان؛تركه لخبرتك ؛وذائقتك؛وحرّيتك في تصوّر موقع الحفل..مما يوسّع مجال الخيال فسيحا في رصد الصورة..إن بصرك هنا يتوزّع على وسائل الوليمة وأدواتها..ترى ببصيرتك أنواع الأشربة الموزّعة ؛والمأكولات المفضّلة..وكيفيات تحقيق متعة السهر على العادة..رقص..أغاني..عناق..بين عائلتي الفأر والقط..
    وإذا بالعمرة مجرّد /مُكاء وتصدية/..سياحة وانتهت..واستؤنفت حياة الجاهلية على عادتها..حيث الغناء ..والاختلاط والرقص..والعناق..ليست من صفة المسلم..وإذا بالمناسك لاتنتج أي آثار سلوكيّ؛يطبع الإيمان؛ويجسّد التّقوى ؛ويقف دون حدود الله..
    وتحيلنا هنا الخرافة الشعبية إلى التّفسّخ الخلقي الذي بلغته العامة في عهد التّردّي؛والتّحلّل من صلب الدين..هكذا تبدو البيئة..تناقض بين العادة والعبادة ..عبادة تنسفها البدع..ويتواصل المشهد البصري..في تصوير غرّة صغار الفأر ؛وهم يرتمون في أحضان القط..إذْ سرعان ما ينقلبون؛ويشهدون بحنانه ؛ورأفته ؛ وصدقه..وكذب آبائهم في تصوير خصال القط السيّئة ..يعلنون تكرار الزيارات..وقد كان /يهدهدهم ؛ويشمشمهم /وهو يرتعش والعرق يتصبب ؛مُغالبا غريزة الانقضاض..لنسجّل الاغترار..وآثار الذوبان والانسلاخ..
    المشهد الرابع:
    ترقب..متابعة..كشف..
    كبير الفئران ..هو الحكيم ؛المُتصدي؛المُقاوم..الذي بقي الشّكّ يُساوِره..خبير ؛يترقّب عن بُعد؛يرصد لهاث القط ولعابه؛وبروز أظافره..ويلتفت إلى حيث القطة تسحب ما يشبه شباك الصيد..وينتبه إلى حفداء القط؛وهم موزّعون على المخارج والمداخل..فـهو الرّقيب الحارس الأمين الذي لا تنطلي عليه خدعة..
    لنقف هنا عند الغاية التربوية المستوحاة من الخرافة ؛وهي الحفاظ على الأصول والهُوِيّة؛وطاعة الكبير لحكمته وعلمه بصروف الزمن ؛ونكبات الدّهر..وكيفيات الحفاظ على استمرارية الأمن والاستقرار في الحياة..وإذا بالعبرة تقول أنه لايمكن أن يصير العدوّ صديقا أبدا..
    المشهد الخامس:
    يقين.. تواصل..تحذير..
    نتصوّر هنا يقين الكبير بفعل المكيدة المدبّرة ؛وردّة فعله..إذ تراه يقفز محاولا انقاذ ما يمكن انقاذه ؛ينفرد بكل فأر يراقصه؛يخبره بلغتهم الخاصة بهم رمزا؛بالخطر المُحْدِق..
    المشهد السادس:
    فرار..هلاك..نجاة..
    تتصوّر هنا طريقة الاستنفار الكبرى التي عمّت مجمع الفئران
    في خضمّ الحفل..والكيفية التي فرّ بها كبيرهم ؛بعد إبلاغ رسالته الممثّلة في الإخبار بالخطر الحقيقي الواقع بهم جميعا..والكيفية التي انهال بها القطط على الفئران بالمكانس والشباك؛وهم يتسلّلون عبر الأبواب؛ووضعية سقوط بعضهم ؛أشلاء..لحم مفروم..وكذا الطريقة التي أصيب بها بعضهم ؛وما لحقهم من إعاقات؛وما يترتب عنها من دمار نفسي..والحل النهائي للعقدة ..والوصايا الحكيمة التي كان يهذي بها كبيرهم وهو يحتضر..فـ يهلك بطريقة مأساوية..
    سياسة توم ـ جيري:
    إن تحريف الأشياء عن طبائعها الخاصة التي جُبِلت عليها بالغريزة هو عمل خيالي فني؛لايؤسسه منطق..وتحويل القط إلى شخصية ـ في الرسوم المتحرّكة ـ تنافس الفأر أحيانا ؛وتُداعِبه أخرى ؛وتُصاحبه في حالات..وإبقائه على قيد الحياة ليس حبا فيه ؛ولكنه النقيض الذي به تطيب الحياة بممارسة الحكم عليه..وشعور الغالب بالرفعة والقوّة والسياسة الغربية عموما تبنى على الصراع الطبقي..ثم توجيه كل هذا إلى أطفال العالم ..وهم مولودون على الفطرة ..هي سياسة تربوية مُغرضة ؛تهدف على ترويض الجيل على الاستئناس بالقوّة ؛والتّعامل معها ؛والتّعايش معها؛بل تعاطي الحياة معها..والرضى بالبقاء تحت سلطتها ..بل طلب حمايتها ؛والثّقة بها..
    إن هذا العمل المثير ؛والمؤثّر الذي يرتدي ثوب التّسلية ؛باطنه ترويض النّفس البشرية على قبول القوّة ؛والرّذوخ لها..ليسهُل في النّهاية قبول مشاريع الاستبداد والاستعمار؛وتجسيد رغبة القوي..والخضوع لمخططاته التي تخدم مصالحه؛بل العمل على تنفيذها..
    إن جدلية القوّة والضعف؛تنزاح هنا عن مرتبة الصّراع الحادبين اختلال موازين ..إلى حوار وهمي يقبل فيه الضّعيف كلّ شروط القوي..وتحتل القوّة مساحة واسعة في حياة البشر ؛من الفرد إلى الأفراد ؛إلى الجماعات..محليا ؛وإقليميا ؛ وعالميا..من صراع النفس مع العقل حول القيادة الشّخصية إلى سيطرة الأخ على أخيه ..المسؤول على مُستخدمه ؛إلى سلطة على الشعب..إلى دولة على عالم بأسره..إلى مذهب فلسفي على آخرين..
    حينما تسود الحياة فكرة جاهلية ؛ويغيب العدل العالمي ؛ويصير مجرّد شعارات..ينتشر الباطل في الأرض؛ولاتعيش الأمم القويّة إلا على عرق ودماء الضعيف واستعباده..لو انسحبت هذه الدول النّامية الفقيرة من الحضيرة العالمية ؛وقاطعت بضع دول غنية قوية لتآكلت هذه الدول ؛ولَعمل الأقوى فيها على إخضاع القوي..
    وهذا يدلنا على أن متناقضي القوة والضعف؛حتمية وجودية في ظل الباطل؛تؤسس الصراع الطبقي الماركسي..ولمّا كانت هذه الخرافة العربية حول القط ـ الفأرتنظر إلى الطبائع على حقائقها ؛وتجعل الفأر أينما وجد ه القط فـهو وجبته اللذيذة المفضّلة..فقد نسفت /توم ـ جيري/ في نفسية القارئ؛وغيّرت له المفاهيم..وصححتها ..حينما قام حوار بين هذا النص ونصوص / توم ـ جيري/ السابقة وهنا قيمة النّصّ واهميّته..
    // والمهمّة التي يُنيطها /ياوس/بالقارئ تنشأ من طبيعة النص أولا ؛ومن طبيعة ما أسماه بأفق الانتظار ثانيا.إذ لايمكن تصورهذا القارئ إلا بين أفقين ؛أفق أسّسته النصوص السابقة وركَزَت فيه جملة من القيم والمعطيات الجماليةو ؛وهو الأفق الذي يحاوره النص الجديدويُقيم معه لعبته ؛فيُعرِّضُهُ إلى زعزعة وتحوير وتبديل وإثراء؛فتنتقل الذات القارئة من حال إلى أخرى....10
    تلاحظ هنا رغم توفّر اللحم المفروم للقط بنكهة الفأر إلا أن القط ظل مجبولا على قبض روح الفأر قبل لحمه..الفطرة على إفنائه ؛وما أكله إلا لذّة إبادة متى سنحت الفرصة ..هنا العبرة العامة المركزية..
    إننا حينما ننتقل خارج النص ؛ونقارن بين تناول أدبين مختلفين في الرؤية والاتجاه..وفي النظر إلى الوجود والحياة والإنسان..نقف عند مدى شحن الفن الخرافي للقيم الإنسانية ..والفارق الجوهري بين /توم ـ جيري/ الغربي..وعلاماتها السيمائية كرسوم متحركة ..والقط ـ الفأر العربي كخرافة محكية ..لنقف عند التوجيه التربوي النفسي الخطير ؛وتوظيفه السياسي..ولئن كنا نتعاطى يوميا سلسلة لامتناهية حول القصة الكبرى القائمة بين/ توم ـ جيري/ ..عبر الفضائيات..فإن الأدب العربي نادرا جدا ما تناول الحادثة..وهنا ندرك الدواعي الحقيقية الباعثة على الدراسة والتّمحيص..
    الحُبْكة الفنية :
    إن هذه الحُبْكة الفنية التقليدية التي بدأ استهلالها باستلام الفأر الدعوة ..تبدأ سردية أحداثها من جحر الفأر مصاحبة لوصف الحالة النفسية .ثم تنتقل إلى مكان الحفل ؛والصراع النفسي متواصل بدافع الشك؛والبحث عن اليقين متتابع حثيثا ؛والأحداث تتصاعد ؛والعقدة تتشكل تدريجيا ؛والإثارة متواصلة ؛حتى يكتشف الفأر اللعبة ؛؛؛وهنا ينطلق بصيص لحظة التنوير ؛ويزيد فيه الصراع بين العقدة والحل توترا وحدة حتى يبلغ قمته؛مع الشعور بأوج الخطر ؛ويشرع الفأر في تحذير الصغار ؛واستعداد القطط..ونقف هنا عند قمة العقدة في الحكاية ؛وهي بؤرة التأزم ؛والنقطة الأرجوانية المركزية التي تفاجئنا الأحداث اللاحقة بحل ربطها مباشرة ..بل تنزاح متدحرجة في هبوط توترها ؛كلما انقشعت لحظة التنوير مع انطلاقة عين كبير الفئران في ملاحظة الأفعال ..وتزيد اضمحلالا وتلاشيا كلما ارتقت حدة الترقب..ويتبدد الشك مع اليقين مع أول حركة قفز للفأر بين صغاره يخبرهم رمزا..وكلما تجلى الحل ؛كلما بلغت العقدة قمة توترها ؛وبالفرار الذي يلونه الهلع ؛تضع العقدة أو زارها ؛وينتهي الحل إلى قتل وأكل ؛وجروح وإعاقات ؛واحتضار.. فـموت..
    ولكن الخرافة تطرح نهاية ؛تشكل علامة استفهام دائمة في ذهن المتلقي ..هذيان كبير الفئران بتمتمات غير مفهومة ..وهي البعد الماورائي للنص..نهاية مفتوحة رغم حل الحادثة ..تُرى بِمَ أوصى صغاره؟؟
    أوصى بالتوصيات التالية:
    ـ يمكن أن تمدد هذه القصة الخرافية بالاسترسال في ملء فراغات الإيجاز بالحذف؛وذلك بسرد جزئيات الأحداث ووصف مواقفها ؛وهيئة شخصياتها الفاعلة ..ثم طبعها في كتيب مستقل ..بالخصائص التشكيلية لفئة المراهقين وما دونهم ؛وما فوقهم ..والفوائد كبيرة..
    ـ رد الفعل على سلسلة/ توم ـ جيري/؛يكون باشتراك أقلام عربية تتناول الحكايات لتشكل سلسلة ؛تحق الحق؛بالفصحى وتحفظ المخلوقات على طبائعها وخصائصها في إطار:
    //تأصيل الأصيل ؛واستحداث الجديد//11
    ـ واجب الوسائل السمعية البصرية ترجمة هذه الأعمال في سلسلة رسوم متحركة/قط ـ فأر / عربية.
    هوامش:
    1ـالمثيولوجيا:علم الأساطير.
    2ـ الأساطير والخرافات عند العرب:د/محمد
    عبد المعيد خان طبعة رابعة1982ص49.
    3ـ مورفولوجيا الحكاية الخرافية:فلاديمير بروب.
    4ـ في الخطاب السردي.نظرية غريماس.محمد الناصر العجيمي.الدارالعربية للكتاب.تونس 1991ص8.
    5ـ البنيوية .جان بياجيه ترجمة عارف منيمينة وبشير أوبري..منشورات عويدات بيروت ط31982ص73
    6ـ ـنظريات القراءة في النقد المعاصر:أ/د/ حبيب مونسي .منشورات دار الأديب2007ص100
    7ـ سيد قطب أشار إلى المشهدية ..في ظلال القرآن..التصوير الفني في القرآن الكريم..
    8ـ المنهج السيميائي.من النظرية إلى التطبيق.د/ أحمد طالب.دار الغربص21.
    9ـ نظريات القراءة في النقد المعاصر ص73.
    10ـ نظريات القراءة في النقد المعاصر..ص114.
    11ـ نقد النقد..المنجز العربي في النقد الأدبي.دراسة في المناهج..ا/د/حبيب مونسي ..منشورات دار الأديب2007ص142.


    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    صدقا.. وبعد كل قراءة جادة نقدية من قراءاتكم أستاذ معروف أحس أن النص الذي تتحدثون عنه ليس بنصي.... أرى فيه أشياء قمة في الإدهاش والروعة، أراك وكما جاء على لسان الأستاذ الكريم عبد القادر رابحي: ناقدا مغوارا تقف الكلمات عند عتبة حرفه فتعلن استقالاتها أمام جميل قولكم..
    هي دراسة شاملة كاملة أثرت نصي وأمدَّته أبّهة وجمالا..
    وعن القططة الحاجّة أقول ما أكثرها ما أكثر ما ترى فوق رؤوسها من عمائم من أبصار خاشعة وقلوب راجفة في السّلب راغبة طامعة؟؟
    وما أكثر الفئران المستضعفة التي دجّنتها فئران توم جيري الغرب والقول قولك، بوركت..
    هي عملية لا شعوري آلية مفادها: التكرار يعلم الحمار أكرمكم الله، ويوغل الأفكار في لا شعور الفرد فينسيه أصله وطبعه ويغرس في أعماقه آراء وأفكارا لا تمت بصلة لما يصبو إليه،، لما يتوجب عليه التفكير فيه واتخاذه نهجا ومسلكا..،، ورغم توافر اللحم المتبل بنكهة الفئران، يظل اللحم الطازج الذي تتفنن المخالب في طرق تقطيعه الذة الكبرى التي لا تحققها آلاف العلب من المعلبات..
    فكرة رائعة تلك التي أشرت إليها في الأخير سيدي/تأصيل الأصيل ؛واستحداث الجديد/،، وآمل أن تجد الآذان المصغية التي تنورها، ليس في ما يخص أقصوصتي بل في ما يخص سائر الأعمال الهادفة
    سيدي..
    كلكم إبداع وتميز لا ريب..
    أعجز عن شكركم والله،،
    الكرم أصلكم والجزائر.. كلها فخر بمثل قلمكم.
    عظيم تقديري وشكري..
    ياسمين~~
    وما من كاتب إلا سيفنى ,,ويُبقى الدهرُ ما كتبت يداهُ ,,فلا تكتب بكفك غير شئٍ ,,يسرك في القيامة أن تراه

  4. #4
    أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    الدولة : أرض الله..
    المشاركات : 1,952
    المواضيع : 69
    الردود : 1952
    المعدل اليومي : 0.33

    افتراضي

    أخي الحبيب ..الناقد الفذ اللامع ..
    عبد القادر..
    لاأجاملك ..بل هي الحقيقة تتحدث عن نفسها..
    سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
    لعلني قاربت الوضوح في الاختلاف بين توم ـ جيري..الأمريكو صهيوني..والقط الفأر العربي..
    في عنوان سياسة توم ـ جيري..
    وكنت أودّ الوصول إلى هذه القناعة الخاصة ..
    ولعل هذا ما يحطم المنهج البروبي العام..وكذا منطق السرد..عندهم ..
    توم ـجير..يتخاصمان ..يتداعبان ..يمرحان ..يسرحان مع بعضهما..
    القط العربي..أينما وجد الفأر فهو وجبته..وكم كانت الخرافة واعية ..وربما الكاتبة ..حينما دلّت أن الفئران قدموا هدايا من لحم بنكهة الفأر..لكن القط ظهر مجبولا على قبض روح الفأر ..قبل أكله..
    توم ـ جيري..بني بناء فنيا ..القط ـ الفأر ..بناء منطقيا وفق حقيقة وطبيعة كل فصيل..
    أخي عبدالقادر..
    أشعر هنا أنني أمام محاور جاد حصيف ..يصعب الخطأ أمامه..أستاذ متمكن..
    إن الوظائف الثابتة ..وتناوب الشخصيات عليها ..دلالة على أن العقل البشري يتصرف وفق معطيات منطقية ..وعليه فإن الإنسان يتكيف بسلوكه وفق هذه المعطيات المنطقية ؛بطبيعة بشرية ..
    ومن هنا ..فقد اشترك العقل البشري في طبيعة التفكير ..والسلوك..والأفعال../فعل ـ ورد فعل/..فـ أي إنسان يرمى بالنار ..يحاول آليا أن يجتنبها بحركة سريعة ..وهكذا الأمثلة..
    إن هذا العقل بنى استراتيجيته وفق منطق..والمنطق دليل الموضوعية ..
    وما المنطق إلا أداة عقل..
    كيف يتصرف الإنسان إزاء أحداث الحياة ..كيف يتجاوز العوائق المانعة من تحصيل المبتغى ..كيف يتخذ موقفا؟؟..
    كيف يصرف أموره؟؟..
    إن سار وفق نواميس الكون؛وقوانين الحياة فهو ضمن السلوك الطبيعي..الذي أسسسه المنطق وراعى فيه / الموقف/ الذي عبر عنه الأثر البلاغي العربي بمراعاة مقتضى الحال..وهو عادة سلوك الشخصية السوية..النموذجية..
    إن أخطأ السلوك ..خالف المنطق..عارض العقل ..خالف نواميس الحياة ..والحل لايكون خارج بؤرة التصحيح ..وهو عادة في الأثر الفني ؛سلوك الشخصية النامية..
    فإذا أقررنا قانونا واحدا لكل سلوكات البشر..فلتكفنا دراسة واحدة فقط..لماذا ندرس إذا كل عمل منفردٍ..؟؟
    وهنا نقع أيضا في التقليد ..ونجمد الفكر..لذا اخترت المشهدية ..لأن كل عمل فني متميز بمشهده عن الآخر..إلا في حالات تناص قليلة ..إنه الخيال..اللامتناهٍ..
    أما الجانب الإيديولوجي ..فالمسلم ملتزم بجانب الطاعة والمعصية ..وهو في خيرة من أمره..
    والآخر يعتمد عنصر الحرية التي تعني له التصرف وفق إرادته ورغبته..
    هذه المناهج الغربية بسياقها ونسقيتها ..تدّعي التجرد من أي مذهب إيديولوجي ..وإيديولوجيتها هي ..اللا إيديولوجيا ..الفكر العائم الهائم ..ولاتحده إلا ما يراه موضوعية وعلمية ..
    إذن هو فكر إيديولوجي..
    وقد ذكرتم في موضوعكم القيم..
    /هل بقي للشعر دور يلعبه /أن ابن طباطباوعبد القاهر الجرجاني اشترطا ضرورة / مراعاة الخيال العربي الحضاري/ هكذا حفظتها عنكم ..جزاكم الله خيرا..وهو حكم أساسي انتهيتم إليه ..وجوهري في مناقشه هكذا قضايا..
    وقد تلفظ القدماء بالعربي ..لأنه كان مباشرة يعني الإسلامي..لذا نحن نقول مراعاة الخيال الحضاري الإسلامي..
    والتصور الإسلامي ..يعني مطابقة الفكر للشريعة الإسلامية ..عقيدة ..عبادة ..تشريعا ..قولا ..وعملا..
    ومن هنا صارت كلمة المسلم مسؤولة ..
    نحن مسافرون..الكلمة باقية..
    أسلمة العمل الإبداعي..والعمل الإبداعي ..ليس وعظا وإرشادا كما يقول سيد قطب ـ رحمه الله ـ ..وليس فقها ..وليس افعل ولاتفعل..بل هو عمل ضمن السلوك الإسلامي / إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات/ سورة الشعراء..ولأهمية الأدب سميت سورة طويلة كاملة باسم الشعراء..
    أيها الحبيب ..
    إنما أنا تلميذ في مدرستكم الفكرية ..
    بالغ تقديري..
    خالص تحياتي..

  5. #5
    الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : محارة شوق
    العمر : 65
    المشاركات : 3,523
    المواضيع : 160
    الردود : 3523
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي

    ====


    أخانا الفاضل الناقد الحصيف المفكر النافذ الأستاذ معروف محمد آل جلول

    ما أبدعك أيها الرائد وأنت تنسج لنا بحروفنا العربية الإسلامية عباءة شديدة الخصوصية والحميمية تنفذ من نافذة النقد الأدبي إلى آفاق النقد الثقافي الحضاري الذي يسعى بجد واجتهاد وإخلاص إلى رفد النهر بمجارٍ جديدة ليتحرك الماء متدفقا يجاوز الحدود والسدود بثقة واقتدار عبر ثقافة السؤال الهادف ، والإجابة المُجتهدة.

    على بركة الله أيها البحار المغامر ، وبوركت سفينتك الكاشفة ترتاد البحث والتجربة
    باسم الله مجراها ومرساها

    وأسمى آيات الشكر لمبدعتنا المتميزة ياسمين لهذه البوابة المُشرعة على ضفاف الروعة


    ودمتم جميعا بكل الخير والسعادة والألق
    مصطفى
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ولريشة الغالية أهداب الشكر الجميل

  6. #6
    أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    الدولة : أرض الله..
    المشاركات : 1,952
    المواضيع : 69
    الردود : 1952
    المعدل اليومي : 0.33

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين ابن زرافة مشاهدة المشاركة

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    صدقا.. وبعد كل قراءة جادة نقدية من قراءاتكم أستاذ معروف أحس أن النص الذي تتحدثون عنه ليس بنصي.... أرى فيه أشياء قمة في الإدهاش والروعة، أراك وكما جاء على لسان الأستاذ الكريم عبد القادر رابحي: ناقدا مغوارا تقف الكلمات عند عتبة حرفه فتعلن استقالاتها أمام جميل قولكم..
    هي دراسة شاملة كاملة أثرت نصي وأمدَّته أبّهة وجمالا..
    وعن القططة الحاجّة أقول ما أكثرها ما أكثر ما ترى فوق رؤوسها من عمائم من أبصار خاشعة وقلوب راجفة في السّلب راغبة طامعة؟؟
    وما أكثر الفئران المستضعفة التي دجّنتها فئران توم جيري الغرب والقول قولك، بوركت..
    هي عملية لا شعوري آلية مفادها: التكرار يعلم الحمار أكرمكم الله، ويوغل الأفكار في لا شعور الفرد فينسيه أصله وطبعه ويغرس في أعماقه آراء وأفكارا لا تمت بصلة لما يصبو إليه،، لما يتوجب عليه التفكير فيه واتخاذه نهجا ومسلكا..،، ورغم توافر اللحم المتبل بنكهة الفئران، يظل اللحم الطازج الذي تتفنن المخالب في طرق تقطيعه الذة الكبرى التي لا تحققها آلاف العلب من المعلبات..
    فكرة رائعة تلك التي أشرت إليها في الأخير سيدي/تأصيل الأصيل ؛واستحداث الجديد/،، وآمل أن تجد الآذان المصغية التي تنورها، ليس في ما يخص أقصوصتي بل في ما يخص سائر الأعمال الهادفة
    سيدي..
    كلكم إبداع وتميز لا ريب..
    أعجز عن شكركم والله،،
    الكرم أصلكم والجزائر.. كلها فخر بمثل قلمكم.
    عظيم تقديري وشكري..
    ياسمين~~

    المحترمة ياسمين..
    سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
    أوّل حوار جمعنا ..منذ شهور ..بدايته الصدق الذي ظهر عليك في التعاطي مع الحياة ..وأحداثها..
    والصادق عادة مستقيم..
    ثم بدا لي أن أدبك يستحقُّ المتابعة َ ..
    ثم بدت الدراسة ..
    ثقتي كانت كبيرة في منتوجك الذي رأيته لأول وهلة قيما ..
    ثم اتضحت غيرتك على فلسطين ..وتجلت واضحة بالدليل ..في قصصك..
    ثم اتضح أنك مناضلة في أحد أهم مقومات الشحصية العربية الإسلامية ..بنقلك للخرافة من العامية إلى الفصحى ..
    وكشفت أمرا مهما هنا ..تمثل في الفارق الكبير في النظر إلى الموجودات وإلى الفن عامة ..بين الأدب الإسلامي ..والآخر..
    واليوم يشهد لك قطبان جليلان في النقد والأدب ..أنك مبدعة ..
    ولاأظن بعد هذا سيأتي أيا كان ويجردك من هذه الصفة ..
    بدوري أقول لك :
    هنيئا لك ..مع المزيد من العطاء النافع ..الممتع..
    دمت ودام قلمك فياضا معطاء..
    بالغ تقديري ..
    خالص تحياتي..

  7. #7
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2008
    المشاركات : 145
    المواضيع : 18
    الردود : 145
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    [quote=عبد القادر رابحي;435143][align=center]أخي الحبيب معروف
    السلام عليكم..
    تطرح دراستكم النقدية لقصة الأديبة ياسمين بن زرافة إشكاليات متعددة من خلال التساؤلات التي وردت في مقدمة الدراسة..
    و هي تساؤلا ت-على غرار كونها مشروعة من الناحية الفكرية البحتة-تجادل المنحى العام الذي يسير عليه أغلب النقاد في
    تعاملهم مع النصوص الأدبية.
    و هو منحى يكاد يأخذ كل آت من الغرب على أساس أنه هو المنقذ من الجهل.
    و لعل هذه الصورة رسخت في اذهان الكثير منا جميعا نظرا لما تقدمه هذه المناهج من آليات محايدة لا تستميل النص الأدبي من حيث يريد الناقد ان يصل إليه. هكذا كان يبدو للدارسين العرب جميعا و هم يحاولون تقديم المناهج النقدية الغربية و كأنها الحل النهائي لأشكالية تأويل النص. غير أنهم سرعان ما يستبدلون هذا المنهج بذاك لمجرد أن أحدهم أصبح قديما .. و بقي الأدب العربي يرزح تحت نير المناهج الغربية في كل فترات تاريخ الدراسات النقدية العربية في التاريخ المعاصر..
    ما مكانة الجرجاني و ابن طباطبا و المرزوقي و ابن رشيق و غيرهم من النقاد النقاد؟ و ما مكانة كتابتهم من هذه المناهج المعاصرة..
    إن الدراس لهذه المناهج و المطلع عليها بعمق و دقة سيجد لا محالة أن لها اصولا فلسفية انطلقت منها و تيارات فكرية تريد أن تجر آداب الأمم من خلالها..
    و لذلك فإن طرح سؤالكم منذ البداية متضمنا العلاقة بين المنهج الوظائفي البروبي أو الغريماسي يبدو مشاكسا إلى درجة كبيرة ومتحديا المجرى العام الذي تحدث عنه بداية ..
    لا ينكر أحد أن آليات المنهج علمية في مجملها و موضوعية في طرحها لطريقة التعامل مع النص الأدبي ..
    لكن هل هذا يكفي ؟
    لقد استطاع هذا المنهج ان يحدد آليات الإبداع في الخرافات و الحكايات الشعبية التي هي نوع من أنواع الأساطير بصفة عامة. كما أستطاع الدارسون أن يصلوا من خلال ضبطهم لهذه الاليات إلى ما سمّوه: "منطق السرد" أي أن لطرائق السرد وجهة و بناء واحد داخل منظومة التفكير الإنسانية عامة.. من خلال بداية الحكاية بوظائف معينة اقتضاها منطق السرد ومرورها بوظائف معينة و انتها بوظائف معينة كذلك اقتضاهما لحمة السرد و نهايته التي لا بد أن ينتهي إليها
    و اعتبورا بأن لا خلاف بين بنية القصة المحكية من حيث الوظائف التي تتكون منها سواء أكانت هذه القصة المحكية هندية أو روسية او أمريكية أو عربية . كما اعتبورا أن لا خلاف في بنيتها الوظيفية سواء أكتبت اليوم و الأمس أو منذ آلاف السنين..
    و لعل هذا ما جعلهم يقول إن الرموز التي نعطيها للقصة المحكية هي التي تتغير.. فالقط والفأر عند العرب هما توم و جيري في أمريكا..و القس في انكلترا هو الراهب عند الهنود أو الكاهن عند شعوب أخرى من حيث الوظيفة التي يؤديها في بناء السرد..
    و هكذا دواليك في كل الوظائف التي تحرك السرد من نقطة البدء إلى ارتكاب الخطأ إلى التغير إلى نقطة النهاية..
    و لعلنا بهذا نستطيع أن نفهم الإشكال في الإسقاطات الإيديولوجية التي نسقطها على القصة و رموزها و ليس في بنية النص..
    أخي الكريم معروف
    جهد طيب مشكور تقومون به في الواحة من أجل تنوير النصوص الأدبية و تقديمها في قراءة نقدية تعيد النصوص الأدبية إلى الطرح الفكري و الجدل المعرفي..
    و لقد استطعت أن تعيد قراءة قصتنا هاته بوعي و حس نقديين حادين مدعمين برؤية تجزيئية ممنهجة و عمل توثيقي أكاديمي
    فشكرا لك
    و هنيئا للأديبة ياسمين بن زرافة
    و مزيدا من العطاء
    عبد القادر

    سلام الله على شاعرنا الكبير الفحل الأريب الأستاذ ""عبد القادر رابحي""
    وتحية جزائرية أصيلة لشخصه الطيب الكريم وذوقه الرفيع وبعد:
    أستاذي الفاضل العزيز..
    لعل لقب "الأديب" من أحب الألقاب إلى أسماع خُدَّام الكلمات في كل زمان وحين..
    ولعلي أراني دون ذلك إلى حد كبير، على الأقل ليس قبل أن يكون للمرء باع طويل في خضم بحر الكلمات مثلكم،،،

    وإنَّــــــــــــــا على الدرب سائرون بإذن الرحمن..
    ولمشواركم الطيب مكملون لو قُدِّر ذلك..
    ..
    نأمل أن نكون عند حسن الظن والله نسأل الثبات والتقدم اللهم آمين..
    ..
    سيدي الكريم واسع الآفاق
    ..
    شهادتكم الغالية القيِّمة إلى جوار شهادة الأستاذ الفاضل "مصطفى عراقي" ، والتي تأتت بفضل من الله ثم بفضل منكم ومن منبع المعروف الأصيل الذي بث روحا خفية في نصوصي، تعتبر من أعز الشهادات وأهم المحطات التي مررت بها..
    وكل الشكر موصول للأستاذ الناقد المجدد "معروف محمد آل جلول"..
    واسمحوا لي أن أقول له من منبركم هذا:
    مهما فعلنا لن نكون في مثل كرمكم وسخائكم الذي تنثرونه دون شح على كل آل الواحة، دون تمييز، دون خص لفرد على الآخرين، أدامكم الله تعالى من المتقربين إليه بقربان الكلمات الطيبات، وحفظكم وقلمكم الجواد وزادكم من كل الأفضال.. اللهم آمين.. فلربما تكون ساعة استجابة الدعاء في هذا اليوم المبارك..
    ..
    أستاذ عبد القادر..
    يا شاعرا كبيرا كبيرا..
    لكم مني ترحيبي وشكري وعرفاني..
    يا مرحبـــــــــــــــــــــ ــــــــــــا..
    'وبمثلكم، وبعلمكم أيضا تفخر جزائري..)


  8. #8
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2008
    المشاركات : 145
    المواضيع : 18
    الردود : 145
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. مصطفى عراقي مشاهدة المشاركة
    ====
    أخانا الفاضل الناقد الحصيف المفكر النافذ الأستاذ معروف محمد آل جلول
    ما أبدعك أيها الرائد وأنت تنسج لنا بحروفنا العربية الإسلامية عباءة شديدة الخصوصية والحميمية تنفذ من نافذة النقد الأدبي إلى آفاق النقد الثقافي الحضاري الذي يسعى بجد واجتهاد وإخلاص إلى رفد النهر بمجارٍ جديدة ليتحرك الماء متدفقا يجاوز الحدود والسدود بثقة واقتدار عبر ثقافة السؤال الهادف ، والإجابة المُجتهدة.
    على بركة الله أيها البحار المغامر ، وبوركت سفينتك الكاشفة ترتاد البحث والتجربة
    باسم الله مجراها ومرساها
    وأسمى آيات الشكر لمبدعتنا المتميزة ياسمين لهذه البوابة المُشرعة على ضفاف الروعة
    ودمتم جميعا بكل الخير والسعادة والألق
    مصطفى

    جليلنا الأستاذ الفاضل
    الدكتور
    ""مصطفى عراقي""
    ..
    سعيدة جدا جدا جدا بمداخلتكم النقدية الجمالية للنقد الجاد الباهر الذي خص به الأستاذ الناقد ""معروف محمد آل جلول"" بعض أعمالنا..

    سعيدة أكثر بشهادتكم "الوسام" تلك التي تدرج قلمنا المتواضع في خانة الإبداع والتميز..(ولا نزال دون ذلك، ويلزمنا الكثير من الأمور لنكون كذلك)
    ...
    شرف كبير أن نقابَل بمثل هذه الآراء الشفيفة النزيهة من شخصكم الكبير بعلمه وتواضعه..
    أيها العالم الجليل
    ..
    والقول قولكم إذن أستاذي..
    'بسم الله مجراها ومرساها لكل من كانت هجرته إلى الله ورسوله..
    بسم الله وعليه التكلان ومنه الأجور
    ..
    ولكم أعجبتني، وشدتني، وأثرت في هذه العبارة، كم استوقفتني..

    "ما أبدعك أيها الرائد وأنت تنسج لنا بحروفنا العربية الإسلامية عباءة شديدة الخصوصية"

    هي باختصار، اختصارٌ مُسهَب مقتضب فيه الكثير من الإطناب والإشارات الضمنية عن مساعيكم الشريفة يا كبيرا بالفضائل.
    أستاذي الكريم..
    كلي تقدير
    كلي شكر
    كلي عرفان..

    يا مرحبا بكم في جزائرنا..

    يا ألف مرحبـــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــا..

  9. #9
    أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    الدولة : أرض الله..
    المشاركات : 1,952
    المواضيع : 69
    الردود : 1952
    المعدل اليومي : 0.33

    افتراضي

    [quote=د. مصطفى عراقي;437091]====


    أخانا الفاضل الناقد الحصيف المفكر النافذ الأستاذ معروف محمد آل جلول

    ما أبدعك أيها الرائد وأنت تنسج لنا بحروفنا العربية الإسلامية عباءة شديدة الخصوصية والحميمية تنفذ من نافذة النقد الأدبي إلى آفاق النقد الثقافي الحضاري الذي يسعى بجد واجتهاد وإخلاص إلى رفد النهر بمجارٍ جديدة ليتحرك الماء متدفقا يجاوز الحدود والسدود بثقة واقتدار عبر ثقافة السؤال الهادف ، والإجابة المُجتهدة.

    على بركة الله أيها البحار المغامر ، وبوركت سفينتك الكاشفة ترتاد البحث والتجربة
    باسم الله مجراها ومرساها

    وأسمى آيات الشكر لمبدعتنا المتميزة ياسمين لهذه البوابة المُشرعة على ضفاف الروعة


    ودمتم جميعا بكل الخير والسعادة والألق

    أخي الحبيب الدكتور الوقور..
    مصطفى عراقي..
    سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
    حكمكم الموقر على قراءتي المتواضعة دلالة خبرة ..وثقافة عالية رفيعة ..
    لاتفيكم كلماتي ما تستحقون من رتبة ..
    ولكنكم سليل الأزهر الشريف..
    السمو الروحي وطهارة الوجدان ..مقصدان له منذ تأسيسه..
    //يلاحظ المتتبع لحركة النقد العربي الجديد ـ في العقدين الأخيرين ـ تدفق الدراسات الأدبية على الساحة النقدية الغربية .ويبدو النقد العربي المعاصر معجبا بها ؛ومتحمسا لها كأنه وجد ضالته المنشودة بعد صبر مديد .كما يلاحظ كثرة المؤلفات النظرية والتطبيقية والترجمات المتعددة :للبنيوية الوصفية والبنيوية التكوينية والسيميولوجيا والنقد الأسطوري والنقد التفكيكي..إلخ.
    ويشعر المرء بأن العقل العربي ـ في معظم الأحيان ـ يبدو من خلال ذلك كله ؛منفعلا لافاعلا؛ومستقبلا لامحاورا؛محاكيا لامتمثلا//1.

    أعتقد جازما أنه لدينا في تراثنا ما يغنينا ..حينما يستنطقه الأفذاذ أمثالكم ..
    ونحن جميعا نبحث عن مشروع ثقافي قومي ..والإسلام منهج العالمية الصحيحة ..التي تقوم على العدالة في كل شيء ..وما الموضوعية إلا صدى عدالة ..
    وإذ أدعو من هذا المتصفح القراء الكرام إلى قراءة كل منتوجكم ..
    أصيل هو ودقيق..
    أستاذي الكريم ..
    بالغ تقديري ..
    خالص تحياتي..

    1ـ د/ عبد العزيز حمودة المرايا المقعّرة مطابع الوطن الكويت.عاصمة للثقافة العربية 2001..ص:37/38
    نقلا عن ..شكري عزيز الماضي: من إشكالية النقد العربي الجديد.بيروت .المؤسسة العربية للدراسات والنشر1997.ص.105.

  10. #10

المواضيع المتشابهه

  1. العصف المأكول
    بواسطة د. سمير العمري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 65
    آخر مشاركة: 28-01-2023, 02:46 AM
  2. من مطولة العصف المأكول
    بواسطة مؤيد حجازي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 28-07-2020, 10:03 AM
  3. بيان رابطة الواحة الثقافية بشأن معركة العصف المأكول
    بواسطة إدارة الرابطة في المنتدى أَخْبَارٌ وَإعْلانَاتٌ
    مشاركات: 58
    آخر مشاركة: 11-10-2014, 05:28 PM
  4. العصف المأكول
    بواسطة د. سمير العمري في المنتدى دِيوَانُ الشِّعْرِ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-08-2014, 09:36 PM
  5. العصف المأكولْ.. قصة قصيرة
    بواسطة ياسمين ابن زرافة في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 26-03-2009, 04:29 PM