*** صوت صفير البلبل ***
يحكى أن الخليفة العباسي أبو جعفر المنصوركان
لا يعطي الشاعر على قصيدة نقلها من غيره
وكان يحفظ ما يسمع من أول مرة ،
وله غلام يحفظ القصيدة إذا سمعها مرتين
و جارية تحفظ القصيدة إذا سمعتها ثلاثة مرات ..
فكان الشاعر يكتب قصيدة طويلة ،
يؤلفها طول ليلة وليلتين وثلاث ثم يعرضها للخليفة ،فيقول له الخليفة :
إن كانت من قولك أعطيناك وزن الذي كتبته عليها ذهبا ،
وإن كانت من منقولك لم نعطك عليها شيئا
فيوافق الشاعر .. ويلقيها على مسامع الخليفة فيحفظها
الخليفة من أول مرة ..
فيقول له :إنني أحفظها منذ زمن بعيد فيقولها له ..
ثم يؤكد ذلك بالغلام الذي حفظها أيضا فيذكرها كاملة
ثم ينادي على الجارية التي قد سمعتها ثلاث مرات
فحفظتها أيضا فتقولها كاملة ..
فيشك الشاعر في نفسه ..وهكذا مع كل الشعراء ..
حتى اكتأب كل الشعراء. فبينما هم كذلك إذا بالأصمعي
يقدم عليهم فيشكون إليه حالهم ..
ويقولون له: نجلس نؤلف القصيدة طوال الليل
من بنيات أفكارنا ثم نكتشف أن ثلاثة يحفظونها قبلنا ..
فقال : دعوا الأمر لي ..
فكتب قصيدة ملونة الأبيات والموضوعات ..
وتنكر بزي أعرابي وأتى الأمير ليسمعه شعره ..
فقال الخليفة : أتعرف الشروط ..
قال : نعم ..
قال : هات القصيدة ..
فقال :
صـــوت صـفـيـر الـبـلـبـل هــيــج قـلـبـي الـثـمـل المـاء والـزهـر مــعــــا مــع زهـــر لـحـظ المـقـل وأنت يـا ســـيــد لـــي وســيــدي و مـــــولـلــي فــكــم فــكــم تـيـمـني غــزيــــّــــــــل عــقــيــقــــــــل قــطــفــتـه مــن وجـنــة مـــن لــثــم ورد الخـجـل فـــــقــــــــال لا لا لا لا لا و قــد غـــدا مــهــرول والــخـــود مــالـت طــربا مــن فـــعـــل هذا الرجل فــولــولــت وولـــولــت ولــي ولــي يـــا ويـــــــلـلـي فـــقــلـت لا تــولــولـي وبــيــنــي الـلـــــــــؤلــــــــؤلــي قــــالــت لـه حـيـن كــذا إنــهــض وجــــــد بـالمـقـل وفــتــيــة ســقــــــــونــنـي قــهـــــــــوة كــالـعــسـلـلي شــمــمـتــهــا بـأنــفـــــــي أزكـــــــى مــــــن الــقــرنــفــل فـي وسـط بـسـتــان حـلـي بـالــزهــر والــســـرور لـي والــعــود دن دن دنــدن لي والــطــبــل طـب طب طبطـبـلي طـــبــطــب طــبــطـــــــب طــبــطــب طــبــــــــطـب لـــي والــرقــص قــد طــاب لـي والـسـقـف ســقــسـق سـق لـي شـــوا شــــوا وشــاهــش عـلـى ورق ســــفـــرجــــل وغــرد الــقــمــري يـصيح مـــلـــل فـــي مــلــلـــــــــــي ولــو تــرانــي راكــبــــــــــــا عـلـى حــمــــــــــار أهـــــزل يــمــشــي عـلـى ثـلاثـــــــة كــمــشــيـــــــة الــعــرنــجــل والـنـاس تـرجـم جـمــلي فــي الــســوق بالــقـلـقـلـلـي والـكـل كــعـكــــــع كـعـكـع خـلـفـي ومـن حــــويـلـلـي لـكـن مــشــيــت هــاربـــا مـن خــشــيــــة الــعــقـنـقـل إلـــــى لــقــــــــــاء مـلـك مــعــظـــــم مـــبــجــــــــل يـأمــــــــــــر لـي بِـخِـلـعَــةٍ حـــمــراء كــالـدم دم لــــي أجـــــــــر فــيــهـا مـاشـيا مــبــغــــــــدِدا لـلــــذيــــــــــل أنـــا الأديــب الألـمــعـي مــــن حــــي أرض الـمــوصـل نــظــمــت قــطــعـا زخـرفـت يــعــجــز عــنــهــا الأدبـل أقــول فـي مـــطــلــعــهـا صــــوت صــفــيــر الــبـلبل
فلم يستطيع الخليفة أن يحفظها
لصعوبة كلماتها وتداخل حروفها ،
فنادى الغلام فلم يستطع شيئا غير أبيات متقطعة ..
فنادى الجارية فعجزت .. عندئذ قال الخليفة
أحضر ما كتبته عليها لنعطيك وزنه ذهبا ..
قال الأصمعي ورثت عمود رخام من أبي
نقشت عليه القصيدة وهو على ظهرالناقة لا يحمله
إلا أربعة من الجنود ..
فانهار الخليفة وجئ بالعمود فوزن كل ما في الخزنة ...
وعندما أراد الخروج ..قال الوزير:
يا أمير المؤمنين ما أضنه إلا الأصمعي. فقال الأمير:
أمط لثامك يا أعرابي. فأزال الأعرابي لثامه فإذا به الأصمعي.
فقال الأمير أتفعل ذلك بأمير المؤمنين يا أصمعي؟
قال: يا أمير المؤمنين قد قطعت رزق الشعراء بفعلك هذا.
قال الأمير: أعد المال يا أصمعي قال لا أعيده.
قال الأمير: أعده. قال الأصمعي: بشرط.
قال الأمير :فما هو؟ قال: أن تعطي الشعراء على نقلهم ومقولهم.
قال الأمير لك ما تريد.
أرجو أن تكون قد أعجبتكم ..
** منقول **
و هذه القصيدة مغناة :
*********
و هنا يقرؤها الطفل الشيخ مسلم سعيد مع إضافة لم أجدها بالقصيدة التي نقلت :