المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوبكر سليمان الزوي
الأخ الفاضل الصباح الخالدي .. السلام عليك ، ومرحباً بك أخاً عربياً مسلماً مؤمناً - مُحاوراً ، مدافعاً عن دين الله وسنة رسوله ..
وجدتُ أنك قد تطـرّقتَ إلى قصة عبد الله بن أُبيّ بن سلول .. . ، ولعل أهمها انسحابه من معركة أُحد – مع 300 من أنصاره ،
أهلاً بك أخي الفاضل ..
أود تصحيح هذه المعلومة التي أوردتها أنا في مشاركة سابقة ، وهو أن ابن سلول قد رجع بثلث الجيش أثناء مسير المسلمين إلى معركة أُحد ، وليس (300 جندي ) .!
أهلاً بكم مُجدداً في عودة إلى صلب الموضوع .!
الأخ الأستاذ \ محمد زادني ،
نعم ، لقد كان تقييمك لمجريات النقاش موضوعياً ؛ فقد انحرف بنا النقاش قليلاً عن صلب الموضوع ، ولم نعد نتطرق في نقاشاتنا الأخيرة إلى نقد العقل العربي .
وبغض النظر عن الموضوعات الجانبية التي استحوذت على النقاش هنا ، والتي تم التطرق لها كأمثلة بالأساس ، فإني أجـد العقل العربي المسلم يسأل منتقديه :
ما هي المقاييس والمعايير التي يتم وفقها تقييم ونقد العقل العربي المسلم -اليوم .؟
فإذا كان النقد مُوجهاً لقدرات العقل العربي في عجزه عن إنتاج الأفكار والتفاعل مع المستجدات ومواكبة العصر .! وإذا كان مصدر النقد هو مقارنة الواقع العربي بالواقع الغربي -مثلاً ، وعدم قدرة العقل العربي على النهوض بالمجتمعات العربية الإسلامية .!
إذا كان الأمر كذلك ، فهذه حُجّة للعقل العربي وليست عليه .!
حيث أننا نرى العقل العربي المسلم - الذي يعيش في البيئة الغربية بقوانينها وتسهيلاتها وتشجيعاتها - قد انطلق فكرياً وعلمياً بنفس معدلات العقل الغربي .!
ومن هنا يتضح أننا نجانب المنطق قليلاً ونظلم العقل العربي كثيراً عندما نطالبه بمواكبة العصر ، في حين أننا نُلزمه بقوانين وبيئة ثقافية من خارج العصر .!
أرى أن الأمر يحتاج إلى مراجعة بعض الثوابت الفكرية والثقافية التي تحكم مجتمعاتنا العربية الإسلامية .! حيث أني أعتقد أن ثمة مبالغة تراكمية قد طرأت على قائمة الثوابت لدينا - كماً وكيفاً .! وذلك بسبب الصراع على قيادة المجتمع - بين قيادات الفكر السياسي التي تسعى لإقامة دولة بالمفهوم الحديث - من ناحية ، وبين قيادات الفكر الديني التي تخشى ضياع الهوية الإسلامية - من ناحية أخرى .
وقد نتج عن ذلك تداخل الصلاحيات بين التيارين ، وخشية كل منهما من تهميش الآخر له ، مما أدى بكل طرف إلى ابتكار فلسفات تحمي كيانه ، وكانت النتيجة كارثية على العقل العربي ، فقد أصبح يُمثّل كبش الفداء لتناقضات فكرية وثقافية - يفرضها الجانب السياسي بحكم الواقع والقانون ، ويفرضها الجانب الديني بالتحريم والتحليل .!
وكان الخطاب دائماً وأبداً مُوجّهاً إلى العقل العربي المسلم - ممثلاً في باقي شرائح المجتمع ، وفي خِضَمِّ هذه التناقضات اضطر العقل العربي المسلم (وفق الفطرة البشرية) إلى اتباع سياسة تكفل له الحد الأدنى من الوجود ، وهي سياسة اللامبالاة والتملّق والانتهازية في علاقته مع الجانب السياسي ، واتبع سياسة نفاق المضطر في علاقته مع الجانب الديني .!
ولذلك فإني أرى أن العقل العر بي المسلم في حاجةٍ ماسةٍ إلى منقذٍ لا إلى منتقدٍ .!
فهو أمام معادلة لا حل لها سوى المراوغة وانتظار المعجزة ، وهذا حال الواقع العربي .!
فالخطاب السياسي المسيطر يتحدث باسم المصلحة الدنيوية الحياتية المعيشية ، ويتحكم بها تماماً ، وهي التي لا غنى للإنسان عنها .!
والجانب الديني يتحدث باسم الله - تحريماً وتحليلاً .!
والمعادلة التي تحكم علاقة الطرفين وتكفل اتفاقهما وتوجِد البيئة وتفتح الطريق أمام العقل العربي المسلم لكي يعمل بصورة طبيعية ، تلك المعادلة مفقودة حتى الساعة .!
أهلاً بكم دائماً ..