أخي الأندلسي الأجمل إسما وذوقا وفكرا وشعرا
لا أناقش لأنني أنقض الفكرة وها أنا أحدد هدفي من الحوار وهو "ليست مشكلتنا هي فقط إقامة الخلافة
الإسلامية" , مما تعلمته دائما سواءا بالخبرة العملية في الحياة أو بالنظرية من خلال الدراسة أو من القرآن من خلال محاولاتي اقترابي الفقيرة إليه أن الخطوة النهائية هي "محصلة" خطوات مبدئية,
هو ما ذكرت أخي فإقامة حكم الإسلام في الأرض بما هو واجب شرعي يقتضي أن نسلك فيه طريق رسول الله عليه السلام الواضح وضوح الشمس في سيرته. وقولك هذا يتفق مع ما عرفناه من سيرته عليه السلام.
و عفوا فعقلي لم يستطع أن يستوعب كيف يمكن أن تأتي خلافة هكذا "لتجمع المسلمين شرقهم وغربهم " في خطوة واحدة
أرجو هنا أن ترجع إلى ما ذكرته من تعريف الخلافة في المشاركة المتقدمة " دولة الخلافة هي الدولة التي تنطلق من مرجعية الكتاب والسنة في الأمور كافة وخاصة السياسة منها. على أي بقعة وجدت" والأقرب للتصور أن تبدأ في قطر أو قطرين مثلا. وهذا ممكن بل به بدأت الوحدات جميعا الألمانية والإيطالية والأمريكية ولا أسوق هذا كقدوة بل لأظهر لك هذه الواقعية.
وصناعة الرجال ليست صناعة سلبية كما يظن البعض من أنها "دعوة" دون عمل سياسي أو اقتصادي مواز لها,
هنا أخي لا أدري مدى التوافق أو الاختلاف بيننا.
فسيرة الرسول عليه السلام تظهر بشكل لا لبس فيه أن جهده في مكة لثلاثة عشر عاما أنتج إسلام أقل من مائة صحابي، وهؤلاء هم كانوا أسس الدولة وقادتها فيما بعد.
يعني هو أولى بناء الرجال أهمية قصوى من جهة ومن جهة أخرى لم ينتظر حتى يقيم دولته أن تسلم معه الجزيرة العربية كلها مثلا. بل لقد اردتدت الجزيرة كلها بعد وفاته إلا مكة والمدينة والطائف، وهذا يظهر نهج الإسلام في التركيز على بناء النفوس وعدم التعويل على وهم إمكان إصلاح الأغلبية بدعوة لا دولة لها. أو تقييد إقامة الدولة بإصلاح الأغلبية، فحتى في المدينة كل من حضر غزوة بدر من المهاجرين والأنصار كان 313 رجلا. وكان في المدينة المنافقون واليهود. وحولها الأعراب.
أما العمل السياسي المباشر والاقتصادي المباشر فهما في فهمي لسيرة الرسول عملان من أعمال الدولة مثلهما في ذلك مثل العمل المسلح ( الجهاد) فلم يرو عن الرسول أنه مارس في مكة أيا من هذه النشاطات.
ونحن نلمس حكمة هذا التشريع من تفشيل الغرب عبر دولنا لأي مشروع إقتصادي لا يقوم على الربا مباشرة أو مداورة.
ولكني أنتقد مبدأ الخلافة "المفاجئ"
الذي يؤخذ على الإسلاميين جميعا هو بطء وتعثر إنجاز دولة الخلافة، ولا تنس أن الإمام حسن البنا يرحمه الله شرع في الدعوة سنة 1924 أي بعد سنين معدودة من إلغاء الخلافة. فالأمر كما أراه هو عكس المفاجأة تماما. وما ينطبق على دعوته في هذا الخصوص ينطبق على سواها من الدعوات الإسلامية.
وأؤمن بتنظيمات إسلامية قطرية
أما هنا يا أخي فبين فهمي وفهمك تناقض لا رأب له. فلا يستقيم إسلام مع قطرية إلا كما يستقيم إيمان مع كفر.
فالقطرية هادمة الدولة الإسلامية والحارسة لمصالح الأعداء وهيهات لمن تسكن حدودها رأسه ويقسم يمين الولاء لدستورها ورئيسها أن يعمل على هدمها في الواقع.
إن تجارب الإسلام القطري – ولا أريد أن أفصل هنا – جعلت إسلامييها رقعة نظيفة في ثوب مهترئ. بل ومررت الديموقراطيات المزعومة موبقاتها وهي كثيرة وأوضحها شرعنة الإعتراف بإسرائيل من خلال معارضة الإسلاميين القطريين لإظهار الوجه الديموقراطي المزيف بمظهر حقيقي.
بل أكثر من ذلك إن تبني الإسلاميين للديموقراطية يعتبر هزيمة للإسلام بل قل تعبيرا عن هزيمتهم الداخلية. فالديموقراطية ليست الإنتخابات ولا الإشراف على الدولة، فهذه آليات يمكن أن يستعملها الجميع مسلمين وكفارا. بل هي (( التشريع للشعب)) والاعتقاد بهذا كفر لا مراء فيه.
وكم أحزن عندما أرى هؤلاء الإسلاميين يجهدون في البرلمانات لتحريم تناول الخمر مثلا – بعد أن بلعوا أغلبية الإعتراف بإسرائيل – فيخضعون تنفيذ حكم الله لشرط تأييد الأغلبية.
تنمو إلى أن تتجمع في شكلها الكبير إلى خلافة "راشدة" , أول ما نتعلمه أن نتعاون ونتفق على أهداف موحدة وليكون سعينا لها
أرى هنا يا أخي لديك من حسن النية ما يخل بواقعية الطرح. كيف سيتسنى لك ذلك ؟ وهل يسمحون لك في أي بلد بممارسة هذا العمل مهما بلغت مهادنـتك. ببعض القليل من حسن النوايا يمكنني لو اقتنعت بمنطقك أن أسعى لدى مؤسساتنا الرسمية كالجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي أن تتبنى السعي لإقامة دولة الخلافة.
لكن هذا لا يمنع من العمل في كل الأقطار وأيما قطر أقيمت فيه الخلافة يكون مركزا ومنطلقا.
والنتائج المترتبة عن هذا السعي والإختيار في وسائل التنفيذ هو الفيصل في إختيار النموذج الأصلح ,
دون أن نتقاتل و ينفي بعضنا بعضا و نتفرق إلى "شيعا" لا تقترب و لا تجتمع في أي شكل !!
إن اختلاف وجهات النظر مع التسليم مع وحدة مرجعية الشرع أمر ضروري، فكيف سيتم تمحيص الصواب من الخطأ سواء من حيث المرجعية الشرعية أو التطبيق العملي حسب الظروف بدون وجود عدة أطراف أو أحزاب إسلامية. إن مأسسة العمل السياسي الإسلامي فريضة ( ولتكن منكم أمة) وإلا صرنا قطيعا. وقد أقر الرسول عليه السلام تعدد الفهم الشرعي بين صحابته كما ورد في أمر غزو بني قريظة.
القضية الفلسطينية تضيع و تتشتت بمجرد أن نخلع عنها قلبها الإسلامي, ليست فلسطين أرضا فقط
(قطرية) , ولا هي دولة فقط (قومية) , فلسطين أية في قرآننا , ونحن نأبى أن تبدل أية في القرآن !
كل أرض إسلامية يا سيدي آية في قرآننا. أما الكيان السياسي هذا لفلسطين فكيان مفبرك وهو نعي لأرض فلسطين استنكره المؤتمر السوري الأول سنة 1922 فقد فبركه اليهود والإنجليز على غير سابق مثال في التاريخ الإسلامي ليكون ليهود وحسب حاجتهم. ولعلمك فهو مجمع من بعض الأجزاء الجغرافية لبنان الأردن فلسطين.
أبرأ إلى الله من حدود سايكس- بيكو- كما أبرأ إليه من حدود رابين - عرفات
ولك من أخيك سلاف أحر مشاعر والتقدير والحب في الله عز وجل.