(1)
يسكنني هاجس الرمل وأنا أجفجف طرف فستاني ..أو أنفض نثار الغبار من غلاف الكتاب قد تكون العلاقة سرمدية بين هذا الجسد الآتي من رحم الطين و هاجس الطين الذي يعزف سيمفونية التقلص داخل الكائن البشري حتى يسترجع شيئا من ممتلكاته المتراكمة تسربا والمتسربة تراكما , و تنتزع عبر كل منافذ الحواس أشياؤها التي لا تستغني عنها في تفتق الزهرة , وانسيابية ذرات الماء , ومقاومة قرون الاستشعار في نظرات اليعسوب و تثليثه التكويني..وفي غشاوة المزن حين تنسل من الهامات, وتعصر عيونها القطنية فوق هامات أخرى ,وإذ رذاذ العطس وتثاؤب الصدغ , وتفريك شارب القط , في عيون الصبح كلها أمام لعبة الجيولوجيا الترابية تظل قصة واهية ..
حتى ذلك الطفل الذي كان يعبث بمسدس أبيه وهو يلهو بفطرته القديمة في القنص .
وذلك الجندي المعتزل وهو في سويعات فراغه ينظف بندقيته وكأن النظافة بديلة عن نزعة إستنزاف و إحراز الهدف الغائب و الإستغياب في حضور المغتاب عينه ..
كل هذا لأن الطين مازالت عالقة بكل شيء ..
إلى متى أظل أحتضن التراب كلما ثقلت عليَ نفسي في حمل أوهام كاهلي ..
و تثاقلت الخطوات في كواحلي ..
والانقياد خلف ولاءات الدخان عن الزمن الجاهلي ..
يقولون بأن الجسد ثقيل والروح خفيفة وكل آثام الظنون و أثلام الجنون ..
واخضرار الفنون و سراديب السجون حتى سياسات المجون لم تأت سوى من روح الطين وفي نصفي ثمرة التفاحة تكمن أسرار الانتصاف وتركيز الاعوجاج .
لن أبرح الطين حتى أحتضنه قد أخاف أن أتدحرج مع الحصاة إذا حاولت مهنة الصعود لأن تلك الحصاة التي تصمد أمام الرياح الهائجة قد تضفِّر في جدائل الرهبة ليلا طويلا أصم وقد لا يسمعني أحد هناك.. قد لا تثبت أمام قدمي روح الطين , أيها الصعود لن أحاول أن أنظر إلى النجوم ليلا كي لا تتضايق القلادة في جيدي ولن أميل إلى اليمين أو يسار كي لا يُغرز مسمار القرط في ودجي ولن ألاعب الشمس بـــ..حب من نظرة أولى كي لا تمس أنفاسها الحارقة بريق عيني..لذا قد يكون احتضاني للطين حكمة اليسر في الهبوط .
ولن يكلفنا الهبوط يوما قيد أنملة .
أعيريني سمعك أيتها الطين وإن كان المطر قد مارس عليك كل أنواع المد والجزر فانا منك لا تورثيني عيوبك فقط أعيريني سمعك في لحظات احتفال الريح بين عينيك لأن الريح لن تأخذني بعيدا عنك وإلا لماذا هذا الكوكب الموبوء بتنافس الدوران يعيدني إلى احتضان الطين , النظر إلى العلو لا يصيبني بالدوران كلا وألف لا بل يصيبني بالقذى لذا قيل "حبة الرمل" أكثر خطورة من كثافة السكان.