|
سمـع الشــادي حديثا ينتشر |
من شفاه الموج في سمع السفـرْ |
حالمـا كالنـاي في قلب الندى |
معشبا كالصمت في روح القـدرْ |
يدفـع النّبـر دفاعـا صاعـدا |
ليـس يثنيـه إذا جَـدَّ حــذر |
عـن يميـن ويسار لم يجــد |
أي شيء ثم ينســاب الخبــر |
موجــة مرت قديمـا من هنا |
بيـن شـوق وانتظار وخطــر |
حملت أغلـى مناهـا فـي يد |
وبأخرى حملـت مـوت المطر |
لاهـب الدفـع، عنيف، موجعُ |
وبريق الوصل يغري من نظـر |
قاربت أقصى ورامت غايــةٌ |
لم تكـن إلا لذيـذا يعتصــر |
محقـت كـل سبيـل عائـق |
من حديد أو رســوم أو شجر |
لم تـذُق نعمـة ما قد أمَّلـت |
إنما عاشـت بقلـب منكســر |
حدثوها عن سيـول عبـرت |
منذ حين أصبحت بعض الأثـر |
جمدت ما بين أقطار الدُّنــىَ |
لم تعد تـدري بنـوم أو سهـر |
أنشأت شيئا يعافـي نفسهــا |
مـن عنـاء وسقـام وضجـر |
مزجت لونا بلـون مزهــر |
وفراشـا بتـراب وزهَـــرْ |
وبَنَـت مما لديهــا قبــةً |
تجعل الشمـس رحيقـا وسَكَـرْ |
ورياح العصـف تمشـي مشيةً |
كدبيب الشـوق في ثغـر خفِـر |
كلمـا هــمَّ بلثـم شــدَّه |
غامض في النفس مجهول الوتر |
موجة أخـرى ترامـت مثلها |
في ثنايا الأرض كي تقضي وَطَرْ |
نوّعت في سيرها ما نوعـت |
وأثارت ما أثارت مـن صـور |
ثم راحت لا تناغـي كأسهـا |
سئمت مما اعتراهـا وانتشــر |
لا يعود المـوج من حيث بدا |
بل يظل الموج في عمـق السفر |
يذكــر الشـطَّ وحلما ساقيا |
بصِحـاف من حبور وظفــرْ |
ثـم يصحـو فإذا القلب وقـد |
كـاد من فـرط أسـاه ينفطـرْ |
موجة أخرى تداري حظهــا |
ما عساهـا، ما عساها تنتظر؟! |
ورأى الشـادي أليفـا مقبـلا |
يحمـل الكـأس وألوان القمـر |
فدنـى يبغـي زفافا حاضـرا |
ربما يأتــي بأشـواق أخــر |
وغداً تزهـو زهـور وسَمـا |
ولقــاءٌ، وصـداحٌ ينتصــرْ |