علمتنا المدارس في القديم قصصاً كثيرة وتاريخاً كبيراً حول المبادئ والأخلاق والوفاء والإخلاص في العمل والأمانة وحب الله والوطن لا البطن والعفاف والصدق وضرورة الصدع بكلمة الحق .. درسونا شفهياً وتحريرياً بذلك وصححوا لنا أوراقاً كثيرة حول ذلك ..
كان المدرس قديماً أسأل الله له التوفيق .. يتحدث عن عمر بن الخطاب بخشوع .. وتذرف عيناه حين يأتي موقف عمار بن ياسر .. وأنه في رحاب جبل عندما يروي كلاماً للإمام علي ابن أبي طالب .. حفظونا آيات كثيرة عن المنافقين والكفار وحذرونا أن نكون منهم .. قالوا لنا أن السرقة خيانة لله تعالى قبل أن تكون خيانة للوطن والنفس .. نبهونا من إيذاء الصالحين المصلحين لأنهم أحباب الله .. خوفونا من الخمر ولا نعلم كيفيته ومضمونه وهو مضيعه للمال والصحة والعقل .. وقص علينا المدرس رضي الله عنه كل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزوات .. وكيف كان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم إذا انتهكت حرمات الله .. فكتمت في الفصل رغبة حارقة في بالبكاء الشديد..
تأثرنا كثيراً بالمدرس وكنا نحبه بمثابة والدنا .. لأنه كان يحب الله .. وأخذ علينا عهداً أن نكون أوفياء للتعاليم جزاه الله كل خير .. وتخرجنا من المدرسة وليتنا لم نتخرج .. والتحقنا بالجامعة .. وأتينا للوظائف.. وولجنا المجتمع وتعاملنا معه وليتنا لم نفعل .. انهارت كل التعاليم أمامنا .. نحاول أن نكون تلاميذ أوفياء للتعاليم فنوصف بالغباء والرجعية والتخلف .. وعندما نتحدث مع الآخرين نخاطبهم بصدق وأمانة وبلا نفاق .. فيرجموننا بالسذاجة والبساطة .. ونقول كلمة الحق تأسياً بالأعرابي الذي قاطع عمر رضي الله عنه في المسجد فإذا البعض يتهمنا بالجنون وأننا لا نجيد فن الحديث مع البشر .. ونكتشف ما هو أخطر من ذلك ألا وهو : أن الناس لا يفقهون من عدل عمر وفدائية عمار وصبر بلال وجهاد خالد وتقوى علي وصدق أبي بكر .. إلا الأقاصيص ..
ومن هنا أقول .. لا نكون كالمذبذبين .. إما أن نعيد النظر في تركيبة المجتمع على ضوء ما ندرسه من تعاليم سامية في المدارس وهذا ما تتمناه .. وإما أن نعيد النظر في مناهج المدارس على ضوء ما نقاسيه من سقوط وكسور ورضوض في حياتنا العملية وهذا ما لا تتمناه ..
نسأل الله ألا يضيعنا فيما بين ما نتمنى وما لا نتمنى .. إنه على كل شيء قدير..