نور بلا نار
ولا طائل من محاكمة الماضي؛ ففي ذلك مضيعة للحاضر وضياع للمستقبل، ولا خصام مع من جئنا من صلبهم وفطمنا على نكستهم وكبرنا نحلم بالانتصار لهم و... لنا؛ فنحن نجتاز موقفًا -كما قال الشاعر وغنت السيدة أم كلثوم - تتعثر الآراء فيه. وعثرة الرأي تُردي، ويبدو لي أنه مقدر علينا لا أن نحلم وحسبُ، بل وأن نحقق الحلم.
إن مصر التي في خاطر كل منا، نحن بنوها، واجب علينا أن نحياها وأن نجعلها واقعا ملموسا؛ حتَّى تنعمَ البلادُ بهواء نقيٍّ وطعامٍ شهيٍّ وتعليمٍ وتربية، ومستقبل تنبئه حيثيات حاضرنا عن عزته ورغده ، بابتسامة ثقة ورضا تعود إلى أحضان وجوهنا، يجب أن يكون حاضرنا مرأة لمستقبلنا المنشود، وما ذلك بمحال في ظل ما حبا الله به مصر من إمكانيات طبيعية (سماءً وبرًا وبحرًا ، وبشرًا قادرًا على تخليد أثره)؛ فما زالت أرضنا قلب العالم والنيل ما زال شريانًا ينبض بحياة شعبنا، وتاريخنا حي لم ولن يتوقف تأريخه وسرده، وإن يكن يمر بمرحلة هبوط حاد، فليس من الأخلاق محاولة البعض منا تأبيد هبوطه، وأن ينفرد بتأريخه وسرده فلاسفة الهزائم فيشيعوا اليأس في نفوسنا؛ واليأس إن تَمَلك إنسانًا .. انتحر، والأعمى إن أقنعته أنه لوإذا أشعل أصابعه فسوف يرى .. لأشعلها !
وهل نحتاج إلى نار لنجد على نورها هدى!؟ ولولا احتمال اشتعال النيران لما طرحت على نفسي وعليكم ذلك السؤال، ولأن الإجابة يتعلق بها مصير الوطن؛ فلا ينبغي أن تبدأ بـ"لعلنا"؛ فلفظ "لعل" يشبه اللون الرمادي الذي يفتح الباب على مصراعيه لكل الاحتمالات، لكن في الخفاء، بينما الوطن بحاجة إلى ألوان واضحة وصريحة.
وللحديث بقية ..